ميدان التحرير يجمع فرقاء السياسة في «مليونية الحسم»

نشطاء لـ «الشرق الأوسط»: مفاوضاتنا مع «الإخوان» لسحب مرشحهم للرئاسة فشلت

TT

يستعد ميدان التحرير في قلب العاصمة المصرية لاستقبال مظاهرة حاشدة اليوم (الجمعة)، للمطالبة بعزل رموز النظام السابق، ورفض كتابة الدستور الجديد تحت حكم المجلس العسكري الذي يدير شؤون البلاد، وتعديل نص المادة 28 من الإعلان الدستوري المعمول به حاليا، وهو القانون الذي يعطي للجنة القضائية المشرفة على الانتخابات الرئاسية حصانة ضد الطعن على قراراتها. وتعد المظاهرة التي بدأ الحشد لها قبل أسبوعين أول مليونية في العام الحالي يشارك فيها فرقاء المشهد السياسي بلا استثناء.

وتأمل ائتلافات شباب الثورة في أن تنجح هذه المليونية في تجاوز الخلافات التي كرستها تباينات المواقف السياسية، وأبرزها تشكيل الجمعية التأسيسية للدستور. لكن مراقبين قللوا من إمكانية ذلك قائلين إن «أجواء عدم الثقة بين أطراف اللعبة السياسية والشرخ الذي أصاب تماسكها ليس من السهل جبره».

ومن المقرر أن تنطلق اليوم مسيرات من مختلف ميادين ومساجد القاهرة للمشاركة في الدعوة المليونية، على أن تلتقي المسيرات أعلى كوبري قصر النيل القريب من ميدان التحرير، وهو تكتيك استخدمه شباب الثورة مطلع العام الماضي في صراعهم ضد نظام مبارك. وتتجه المسيرات المختلفة بعد إلقاء قسم «الثائر المصري» إلى ميدان التحرير قبلة الثورة في مصر.

وفي مبادرة لافتة قرر نشطاء من مدينة السويس (90 كيلومترا شرق القاهرة)، التي لعبت دورا هاما في نجاح ثورة 25 يناير من العام الماضي، المشاركة في مسيرة تبدأ من السويس باتجاه ميدان التحرير سيرا على الأقدام، وهي المسيرة التي بدأت بالفعل منذ مساء أول من أمس (الأربعاء).

وفقدت القوى السياسية في مصر تماسكها الذي ميزها طوال الـ18 يوما التي أطاحت بالرئيس السابق حسني مبارك مطلع العام الماضي. ومنذ الاستفتاء على التعديلات الدستورية في مارس (آذار) من العام الماضي، قاطعت معظم فصائل الإسلام السياسي المظاهرات التي دعت لها القوى الشبابية والأحزاب.

وبعد إعلان اللواء عمر سليمان نائب الرئيس السابق، الذي شغل منصب رئيس جهاز المخابرات، عزمه الترشيح في الانتخابات الرئاسية، قادت شخصيات عامة في مصر الدعوة إلى ضرورة توحيد الصف في مواجهة ما سمي بـ«هجمة الثورة المضادة».

وأدخل البرلمان تعديلا على قانون مباشرة الحقوق السياسية لمنع رموز نظام مبارك من الترشح في الانتخابات الرئاسية. واحتشدت القوى الإسلامية الجمعة الماضية في ميدان التحرير لتمرير القانون الذي أحاله المجلس العسكري أمس للمحكمة الدستورية العليا، للفصل في دستوريته خلال 15 يوما.

ويمنع التعديل من شغل خلال السنوات العشرة الماضية منصب الرئيس، أو نائب الرئيس، أو رئيس الوزراء، أو أمين عام الحزب الوطني أو أعضاء الأمانات العامة من مباشرة حق الانتخاب والترشح لمدة عشر سنوات.

ورفضت اللجنة العليا المشرفة على انتخابات الرئاسة أوراق سليمان لعدم استكماله التأييد الشعبي المطلوب وهو الحصول على 30 ألف تأييد من 15 محافظة على الأقل بواقع ألف توكيل عن كل محافظة.

ولم يقلل إقصاء سليمان مما قال نشطاء بارزون إنه «استشعار بالخطر على (مسار الثورة)». وقال القيادي الشاب خالد عبد الحميد، عضو ائتلاف شباب الثورة، إن «استبعاد سليمان لا يعني أن المجلس العسكري يرغب في تسليم السلطة، أو إجراء انتخابات نزيهة.. لا يزال أحمد شفيق (آخر رئيس وزراء في عهد مبارك)، وعمرو موسى (الذي قضى عقد التسعينات من الزمان كوزير للخارجية) مشاركين في الانتخابات».

وتابع عبد الحميد: «ظهور سليمان ودعم أجهزة الدولة له يؤكد هيمنة فلول النظام السابق على مفاصل الدولة، لقد أخطأنا لأننا لم نطالب بمحاكمة رئيس جهاز المخابرات المصري ونعود للميدان لتصحيح الخطأ واستكمال مسار الثورة والتأكيد على رغبتنا في إجراء انتخابات نزيهة».

وتشارك جماعة الإخوان المسلمين التي تهيمن على البرلمان في مظاهرات اليوم، في محاولة من الجماعة لتجاوز أزمة عدم الثقة بينها وبين القوى السياسية؛ على خلفية ما قالت أحزاب المعارضة إنه «نزعة الإخوان إلى المغالبة لا المشاركة واستئثارها بالجمعية التأسيسية للدستور».

وطالبت حركة 6 أبريل في بيان لها أمس جماعة الإخوان لسحب مرشحها في الانتخابات الرئاسية وتكاتف القوى الثورية حول مرشح واحد يعبر عن الثورة لتجنب تفتيت الأصوات.

من جانبه قال طارق الخولي، المتحدث الإعلامي باسم حركة شباب 6 أبريل، إنهم دخلوا في مفاوضات مع جماعة الإخوان خلال الأسبوع الماضي بشأن سحب مرشحهم للرئاسة، وكذلك «وضع ميثاق شرف للعمل المشترك بحيث نضمن ألا يترك الإخوان الميدان عند تحقيق مصلحتهم»، وتابع: «لكن المفاوضات باءت بالفشل مع الأسف وسوف نذهب إلى الميدان بمطالب مختلفة»، مشيرا إلى أن الجماعة لا تزال تضع إقالة الحكومة على أولوية تحركها رغم المدة القصيرة التي تفصلنا عن الانتخابات الرئاسية.

وبينما يستقبل التحرير ثواره اليوم، احتشد أنصار المرشح السلفي حازم صلاح أبو إسماعيل المستبعد من الانتخابات الرئاسية، في قلب الميدان منذ يومين، بسبب حمل والدته جنسية أميركية. ويشارك أنصار أبو إسماعيل القوى السياسية حول ضرورة تعديل المادة 28 من الإعلان الدستوري الذي صدر في مارس من العام الماضي، وهي المادة التي تمنح قرارات اللجنة العليا المشرفة على الانتخابات حصانة ضد الطعن عليها.

ولا يزال من غير المعروف حجم تأثير نشر اللجنة العليا الوثائق التي تقول اللجنة إنها تثبت حصول والدة المرشح السلفي على الجنسية الأميركية، وهي الوثائق التي يشكك أنصار أبو إسماعيل في صدقيتها متهمين السلطات المصرية والأميركية بالضلوع في مؤامرة لاستبعاد مرشحهم.