نتنياهو يستغل ذكرى «المحرقة» لإقناع الإسرائيليين بأنه لا يبث مشاعر الخوف عبثا

قارن بين الجيوش العربية في 1948 و1967 وبين إيران والنازية.. وأحد الناجين يرفض المقارنة

نتنياهو يحمل إكليل زهور لوضعه على النصب التذكاري لهولوكوست أمس (إ.ب.أ)
TT

استغل رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، ذكرى «المحرقة النازية» أو ما يعرف بالهولوكوست، أمس، ليقنع معارضيه ومنتقديه الكثر لتوجيه ضربة إلى إيران، بأنه لا يبث الخوف عبثا، وأن هناك خطر إبادة حقيقيا على إسرائيل من إيران. وبدا نتنياهو متضايقا من الادعاءات التي يسوقها معارضوه، فكرس خطابه لإقناع الجمهور بأنه عندما يهدد إيران، إنما يحاول بذلك منع إبادة ملايين أخرى من اليهود.

وكان أبرز منتقدي نتنياهو على تصريحاته، هو الفيلسوف اليهودي، إيلي فيزل، المتخصص في قضية الهولوكوست والحاصل على عدة جوائز عالمية بينها جائزة نوبل. ويعتبر من الشخصيات بالغة الاحترام في إسرائيل. وانتقد فيزل المقارنة التي يجريها نتنياهو وغيره من قادة إسرائيل بين النازية الألمانية وإيران. وقال في مقابلة مع صحيفة «جروزاليم بوست» الصادرة في القدس باللغة الإنجليزية، أمس، إنه لا يحب هذه المقارنة أبدا، ويرى فيها ترخيصا للمحرقة وتقزيما لأخطارها.

وقال فيزل، وهو شخصيا من اليهود الناجين من المحرقة، إن إيران تشكل خطرا حقيقيا. ولكنها لا تستطيع محو اليهود ولا تستطيع إقامة معسكرات اعتقال وإبادة مثلما فعلت النازية. وأضاف: «لا توجد في عصرنا حرب شبيهة بالمحرقة. لا يوجد ما يشبه المحرقة. ومثل أوشفيتس (معسكر الإبادة النازي في بولونيا) هناك معسكر واحد، هو معسكر أوشفيتس ولا يوجد غيره».

وقال نتنياهو، في خطابه بمتحف ضحايا النازية «يد فشم»، (يد واسم) في القدس الغربية، أمس، إن أعداء إسرائيل «حاولوا وأد المستقبل اليهودي إلا أن مستقبلنا ولد من جديد في أرض أجدادنا. لقد أنشأنا هنا قاعدة لانطلاقة جديدة من الحرية والأمل والإبداع. وقمنا عاما بعد عام وعقدا بعد عقد بترسيخ وتكريس أسس دولتنا لنواصل تعزيز دعائم حياتنا القومية كلما مضت السنوات. يجب علينا في هذا اليوم، حيث يلتئم الشعب كله لتذكار أهوال المحرقة والملايين الستة من أبناء شعبنا الذين قتلوا فيها، أن نحقق الواجب الأعلى الملقى علينا. ولا يقتصر هذا الواجب على تذكار الماضي، بل يشمل أيضا ضرورة استخلاص العبر منه ثم، وهو الشيء الأهم، تطبيق هذه العبر لمواصلة ضمان مستقبل شعبنا. وهناك شعار بهذا المعنى مكتوب هنا خلفي (نذكر الماضي ونضمن المستقبل)، حيث يتم ذلك من خلال تطبيق دروس الماضي. وتتجلى صحة الأمر تحديدا بالنسبة لجيلنا الذي بات يواجه مجددا دعوة تنادي بتدمير دولة اليهود».

وأعرب نتنياهو عن تمنياته لأن «يحين يوم تتعايش فيه دولة إسرائيل بسلام مع جميع الشعوب والدول في منطقتنا. أتمنى أن يحين يوم نتعلم فيه عن الدعوات لتدمير إسرائيل في دروس التاريخ وحدها ولن نعود نسمعها في وسائل الإعلام. غير أن هذا اليوم لم يحن بعد، بل إن النظام الإيراني بات حاليا يدعو علنا ويعمل بحزم للقضاء علينا. إنه يبذل جهودا محمومة لتطوير السلاح النووي لتحقيق هذه الغاية. وأدري أن هناك من لا يروق له إدلائي بمقولات غير مريحة من هذا القبيل. إن هؤلاء الأشخاص يفضلون عدم تصوير إيران، إذا ما تحولت إلى قوة نووية، على أنها تهديد وجودي، مدعين بأن هذه المقولة، حتى وإن كانت صحيحة، تبث الرعب والذعر ليس إلا».

وقارن نتنياهو بين موقفه اليوم وبين مواقف قادة إسرائيليين قبله إزاء «الخطر العربي على إسرائيل»، فقال: «دولة إسرائيل تعاملت بنجاح مع المخاطر الوجودية عندما كانت أقل قوة بكثير، ويجب القول إن قادتها لم يترددوا حينها في قول الحقيقة للشعب. وكان ديفيد بن غوريون (رئيس الوزراء الأول) قد قال للشعب الحقيقة بالنسبة للخطر الوجودي الذي كان يواجهنا حينها. وقال إن الأشخاص الذين يقللون من شأن التهديد الإيراني باعتباره نزوة أو مبالغة لم يتعلموا شيئا من دروس المحرقة. لا جديد في الأمر إذ كان بيننا دوما أناس فضلوا السخرية من أولئك الذين يقولون الحقائق غير المريحة على مواجهة الحقيقة المجردة كما هي».

ورد نتنياهو على أولئك الذين يتهمونه بالاستخفاف بالمحرقة، عندما يقارن بين النازية الألمانية بقيادة أدولف هتلر وبين إيران بقيادة محمود أحمدي نجاد، فقال: «أرفض هذا الموقف رفضا باتا، بل أرى أن تحاشي قول الحقيقة، ومفادها أن هناك الآن مثلما كان الأمر في الماضي من يرغب في إبادة الملايين من اليهود، يعني الاستخفاف بالمحرقة وإهانة ضحاياها وتجاهل دروسها. إنني بصفتي رئيسا لحكومة إسرائيل لن أتحاشى أبدا قول الحقيقة للأمم والشعوب حتى عندما تكون هذه الحقيقة غير مريحة. إنني أقول الحقيقة في مقر الأمم المتحدة وفي واشنطن عاصمة صديقتنا الكبيرة الولايات المتحدة وفي عواصم أخرى أيضا، مثلما أقول هذه الحقيقة هنا في القدس. وسأستمر في قول الحقيقة للعالم ولكن أولا لشعبي لأنني على يقين من أن لديه ما يكفي من قوة للاستماع إلى الحقيقة. فالحقيقة هي أن إيران حال تسلحها بالسلاح النووي تشكل تهديدا وجوديا لدولة إسرائيل، والحقيقة هي أن إيران حالما أصبحت قوة نووية تشكل تهديدا سياسيا بالنسبة لدول أخرى في المنطقة وتهديدا خطيرا للسلام العالمي، والحقيقة هي أنه يجب منع إيران من الحصول على السلاح النووي. ويقع هذا الواجب على عاتق العالم لكن هذا الأمر فوق كل شيء هو من واجبنا».