المغرب: برامج التلفزيون تفجر قضية سياسية وتضع التحالف الحكومي على المحك

مسؤولو قنوات حكومية ينتقدون توجهات وزير الإعلام

TT

تحول إقرار برامج جديدة لوسائل الإعلام الرسمية إلى قضية سياسية، وضعت التحالف الحكومي في المغرب بقيادة حزب «العدالة والتنمية» على المحك.

وكان مصطفى الخلفي، وزير الاتصال (الإعلام) المغربي، أعلن في وقت سابق عن توجهات جديدة حول البرامج والأخبار، حصلت على موافقة «الهيئة العليا لمراقبة وسائل الإعلام المسموعة والمرئية» (هيئة حكومية مستقلة)، بيد أن هذه التوجهات التي اعتبرها البعض ذات «طابع إسلامي»، أثارت انتقادات من طرف وزراء داخل الحكومة من بينهم نبيل بن عبد الله، الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية وزير الإسكان. كما أثارت توجهات الخلفي انتقادات، تعتبر سابقة في المغرب، من طرف مسؤولين بارزين في قطاع التلفزيون، من بينهم فيصل العرايشي، مدير عام القنوات الحكومية.

ووجه العرايشي انتقادات مباشرة لوزير الاتصال (الإعلام) بسبب ما اعتبره مسا باستقلالية الإعلام الحكومي، الذي «لا يمكن أن يكون مجالا لتصريف أفكار سياسية أو حزبية»، على حد قوله.

وكان حظر الإعلانات الخاصة بألعاب الحظ واليانصيب من البث على القناة التلفزيونية «الثانية»، الذي جاء في التوجهات الجديدة، قد أثار ردود فعل متباينة بين مؤيد ومعارض له، إلى جانب فرض بث أذان الصلوات الخمس، ونقل وقائع صلاة الجمعة وصلاة العيدين على القناة نفسها.

ويقول الخلفي، الذي راهن على ترك منصبه السياسي إذا لم يتم الالتزام بمنع إعلانات ألعاب الحظ واليانصيب في التلفزيون، إنه استند في إعداد التوجهات الجديدة والسياسة التي ستهتدي بها القنوات الحكومية، أي دفتر تحملات القنوات التلفزيونية والإذاعات الحكومية، على مقتضيات الدستور الجديد الذي ينص على تعزيز الهوية المغربية، كما أكد أنه أشرك مسؤولي القنوات التلفزيونية خلال إعداد دفاتر التحملات، وهو ما نفاه سليم الشيخ، مدير عام القناة التلفزيونية «الثانية» في وقت سابق، وقال إنه لم يتمكن من الاطلاع عليها، مقرا في الوقت ذاته بأن هذه الدفاتر تعطي للحكومة صلاحية إصدار شروط وتوجهات بمصادقة «الهيئة العليا للإعلام المرئي والمسموع».

وسرد الشيخ مجموعة من الملاحظات «المهنية» بشأنها، واعتبرها تتدخل في صلاحياته حتى أنه وصفها بكونها «شبكة برامج وليس توجهات»، كما عبر عن تخوفه من «تقليص هامش الحرية الإبداعية».

وإذا كان الشيخ لم يعترض على فرض الأذان، ونقل صلاة الجمعة والعيدين على القناة «الثانية»، فإنه اعترض على حظر إعلانات ألعاب الحظ واليانصيب لأنها ستؤثر على مداخيل القناة. ورد الخلفي على تصريحات الشيح واعتبرها «تعكس إرادة لمقاومة الإصلاح».

بدورها، عبرت نقابة الصحافيين المغاربة عن تخوفها من «أن يغلب الهاجس الآيديولوجي في تطبيق بعض الالتزامات، على القنوات والمحطات التلفزيونية الحكومية، بدل أن يكون هناك اهتمام أكثر على تطوير المضمون واحترام التعددية الفكرية وحرية الإبداع والانفتاح اللغوي والثقافي».

وتنص المادة «49» من القانون المتعلق بالإعلام المرئي والمسموع على أن الحكومة تقوم بإعداد ما يسمى في المغرب بـ«دفاتر التحملات»، أي شروط العمل والتوجهات العامة، وتصادق عليها «الهيئة العليا للإعلام المرئي والمسموع» وتنشر بالجريدة الرسمية.

يشار إلى أن تعيين مسؤولي القنوات التلفزيونية الحكومية من اختصاص الملك.

وفي سياق متصل، بادر مجموعة من الشباب إلى إطلاق عريضة على شبكة الإنترنت دعوا فيها المغاربة إلى التوقيع عليها اعتراضا على ما وصفوه بـ«الحملة الشرسة التي قادها مديرا القناتين الأولى والثانية على مبادرة وزير الاتصال لإصلاح القنوات التلفزيونية الحكومية التي تمول من جيوب المواطنين». ودافعت المبادرة عن توجهات الوزير الخلفي بشأن القنوات التلفزيونية واعتبرتها «تراعي خصوصيات الأمة المغربية وتحافظ على أصالتها وتنوعها، وخطوة جريئة إلى الأمام في سبيل الارتقاء بإعلامنا ليجسد الهوية المغربية والطابع العربي الأمازيغي الإسلامي المغربي».

ولم يتسن أمس الوصول إلى الخلفي للتعقيب على «تمرد» مسؤولي القنوات التلفزيونية على توجهاته، حيث يترأس الوفد المغربي في مؤتمر وزراء إعلام الدول الإسلامية المنعقد حاليا في الغابون.