تونس: إقالة أمين حزب سياسي شريك في الائتلاف الحاكم.. و20% من التونسيين ينوون التصويت للمرزوقي

الحامدي ينتقد منع ممثل «العريضة الشعبية» من مواصلة كلمته في المجلس التأسيسي

TT

أقال حزب المؤتمر من أجل الجمهورية، الشريك بالائتلاف الحاكم في تونس، أمس، الأمين العام بالنيابة عبد الرؤوف العيادي من منصبه، حسب ما ذكرته وكالة الصحافة الألمانية.

وأعلن الناطق الرسمي باسم الحزب عماد الدايمي، خلال مؤتمر صحافي، عن إقالة العيادي في وقت يشهد فيه الحزب أزمة داخلية.

وقال الدايمي إن «رفع الأمانة العامة عن العيادي يأتي نتيجة انفراده بالقرارات مؤخرا وعدم تنسيقه مع باقي الأطراف في الحزب».

ولقي العيادي انتقادات واسعة مؤخرا ليس من داخل الحزب فقط وإنما من عدة أطراف من مكونات المشهد السياسي في تونس بسبب رسالة امتدح فيها زعيم حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع.

ولم يرشح أعضاء الحزب الذي يرأسه المنصف المرزوقي، الرئيس المؤقت للبلاد، بديلا للعيادي ولكن الناطق الرسمي قال إن القيادة ستكون جماعية في انتظار انعقاد المؤتمر السنوي للحزب في شهر يوليو (تموز) المقبل.

وتشهد إدارة الحزب، وهو الكتلة الثانية في المجلس الوطني التأسيسي بـ29 مقعدا، تعثرا في أدائها بسبب تضارب مواقف أعضائه من حركة النهضة الإسلامية التي تقود الائتلاف الحاكم.

إلى ذلك، حصل المنصف المرزوقي، الرئيس التونسي، على نسبة 20 في المائة من نيات التصويت في حالة ترشحه لرئاسة الجمهورية من جديد، بيد أنه سجل تراجعا مقارنة بنتائج استطلاع أجري في يناير (كانون الثاني) الماضي، حيث كانت النيات في حدود 34 في المائة من أصوات التونسيين.

ورغم ذلك لا يزال المرزوقي محتفظا بفارق مريح أمام أقرب منافسيه وهم الباجي قائد السبسي، الذي حصل على 9.4 في المائة من نيات التصويت، وحافظ مصطفى بن جعفر، وحمادي الجبالي تقريبا على نفس نيات التصويت التي حصلا عليها في مارس (آذار) الماضي، وهي على التوالي 6.4 في المائة، و5 في المائة. أما نيات التصويت لراشد الغنوشي فقد ارتفعت بنسبة 0.5 في المائة مقارنة بالشهر الماضي لتصل إلى 2.4 في المائة.

جاء ذلك في استطلاع للرأي أجراه المجمع التونسي للدراسات ما بين 27 و30 مارس الماضي ونشرت نتائجه أمس.

من ناحية أخرى، احتفظ بقية المنافسين على نيات تصويت مستقرة تقريبا مقارنة بشهر مارس الماضي، حيث سجل أحمد نجيب الشابي نسبة 2 في المائة، وسمير ديلو 1.9 في المائة، وحمة الهمامي 1.5 في المائة، وعبد الفتاح مورو 1.3 في المائة. ولا يزال تونسي إلى ثلاثة (أي نحو 34 في المائة) لم يحددوا بعد لمن سيعطون أصواتهم خلال الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقبلة. ولا يزال المرزوقي الرئيس التونسي الحالي يحظى بثقة 78 في المائة من التونسيين، وهو بذلك يبقى في صدارة الشخصيات السياسية التي تقود تونس بعد الثورة.

وبشأن أداء الحكومة الحالية، أبدى 55 في المائة من التونسيين رضاهم عن أدائها بعد مرور نحو مائة يوم من تنصيبها. كما حظيت طريقة تسييرها للبلاد برضا نحو 49 في المائة، بينما عبرت نسبة 71 في المائة عن عدم رضاها عن أداء المعارضة بمختلف مكوناتها.

ورغم الانتقادات الواضحة التي وجهتها أطراف سياسية كثيرة لقطاع الإعلام من بينها حركة النهضة، فإن نسبة 61 في المائة من التونسيين عبرت عن رضاها عن أداء الإعلام التونسي بمختلف منابره.

من ناحية أخرى، أبرز الاستطلاع تزايد ثقة التونسيين في الشخصيات السياسية. فرئيس الجمهورية الحالي، مؤسس حزب المؤتمر من أجل الجمهورية، كان منذ نحو سنة لا يؤيد إلا من المنتمين إلى حزبه، لكنه أصبح يتصدر المرتبة الأولى للشهر الرابع على التوالي بنسبة 78 في المائة من التونسيين الذين يمنحونه ثقتهم، محافظا بذلك على رصيده المرتفع إذ لم يفقد إلا نقطة واحدة في شهر أبريل (نيسان) الحالي مقارنة بالشهر السابق.

من جهته، سجل حمادي الجبالي رئيس الحكومة الحالية (النهضة)، ومصطفى بن جعفر رئيس المجلس الوطني التأسيسي (التكتل)، نفس النسبة للمرة الثالثة، وحصل كلاهما على 66 في المائة من ثقة التونسيين. ويحظى راشد الغنوشي، زعيم حركة النهضة، بثقة 61 في المائة من التونسيين. وهو يتنافس في ذلك مع الباجي قائد السبسي، رئيس الحكومة التونسية السابق.

على صعيد آخر، انتقد محمد الهاشمي الحامدي، رئيس تيار العريضة الشعبية في تونس، منع ممثل العريضة الشعبية من مواصلة كلمته في المجلس التأسيسي يوم الاثنين الماضي.

وقال الحامدي في بيان صحافي تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه: «ما جرى من حرمان كتلة العريضة الشعبية من التعبير عن موقفها داخل المجلس التأسيسي، وطرد نائبيها إسكندر بوعلاقي وأيمن الزواغي، هو جريمة كبرى بحق المجلس التأسيسي والشعب التونسي وشهداء الثورة التونسية المجيدة وجرحاها والمبادئ التي ضحوا من أجلها».

وأضاف الحامدي: «لا يحق لحركة النهضة وحليفها مصطفى بن جعفر مصادرة حرية التعبير، ولا يحق لهما منع أي نائب في المجلس التأسيسي من الحديث والتعبير عن مواقفه بكل حرية. ومن العار أن يستخدموا النشيد الوطني لقمع مخالفيهم في الرأي والاعتداء على حرية نواب الشعب في الحديث!».

واعتبر الحامدي، وهو أيضا عضو في المجلس التأسيسي التونسي، أن السبب الذي احتج من أجله نواب حركة النهضة على نائبي العريضة «سخيف جدا، وفيه استبلاه للشعب التونسي الذي يعرف أن راشد الغنوشي هو من وقع ومضى على اتفاق تقاسم السلطات مع حليفيه المرزوقي وبن جعفر».

وزاد الحامدي قائلا: «حكومة الغنوشي والمرزوقي وبن جعفر تقمع جرحى الثورة، وتقمع المتظاهرين يوم عيد الشهداء، واليوم تقمع نواب الشعب داخل المجلس التأسيسي وتمنعهم من حرية التعبير عن آرائهم، وهذه فضيحة جديدة سيدونها التاريخ في سجل من قام بها».

وشكر الحامدي «الكتلة الديمقراطية» على موقفها المبدئي في الدفاع عن حق كتلة العريضة الشعبية في التعبير عن رأيها، ودعا جميع الأحزاب السياسية داخل وخارج المجلس التأسيسي، والاتحاد العام التونسي للشغل ومنظمات المجتمع المدني، للتضامن بقوة مع العريضة الشعبية في مواجهة هذه المظلمة.

وقال الحامدي: «يجب على الشعب التونسي أن يتصدى لهذه الممارسات الديكتاتورية من طرف حركة النهضة وحليفيها المرزوقي وبن جعفر، وإلا فإن النظام الديكتاتوري سيعود بأقوى مما كان قبل الثورة».

وأعلن الحامدي أن نواب العريضة الشعبية سيعتصمون داخل المجلس التأسيسي احتجاجا على حرمانهم من حقهم في التعبير، وأنهم سيناقشون ما يمكن اتخاذه من إجراءات إضافية أخرى سلمية وقانونية للاحتجاج على ما حدث في المجلس.

وفي سياق آخر، استؤنفت أمس في تونس محاكمة نبيل القروي مدير قناة «نسمة تي في» الفضائية بتهمة «النيل من الشعائر الدينية»، وذلك بسبب عرض القناة فيلم الرسوم المتحركة الإيراني - الفرنسي «بيرسيبوليس» الذي قال إسلاميون إنه تضمن لقطة فيها «تجسيد للذات الإلهية».

ويتهم القروي بـ«عرض شريط أجنبي على العموم من شأنه تعكير صفو النظام العام والنيل من الأخلاق الحميدة»، على خلفية بث الفيلم يوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2011، والذي أدى إلى أعمال عنف استهدفت القناة وصاحبها.

وقبل دخوله المحكمة، قال القروي لوكالة الصحافة الفرنسية «هذا اليوم مصيري لحرية التعبير والصحافة في تونس، والحكم الذي ستصدره المحكمة سيكون تاريخيا وذا وقع على المنطقة بأكملها».

وأوفدت «الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان» القاضي الفرنسي أنطوان جارابون مبعوثا لمراقبة المحاكمة. وقال القاضي في تصريح للوكالة ذاتها إنه سيراقب «مدى احترام (المحكمة) المواثيق الدولية لحقوق الإنسان، وخاصة المتعلقة بحرية الصحافة وحرية الإبداع».

وأشار إلى أن محاكمة نبيل القروي تمثل «اختبارا حقيقيا للمؤسسات الديمقراطية» التي هي بصدد النشوء في تونس بعد الإطاحة بنظام الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي.