مصير «المرحلة الانتقالية» بيد القضاء المصري

بعد حل «تأسيسية الدستور».. يفصل في دستورية انتخابات البرلمان وقانون «العزل»

بائع فول وفلافل زين متجره المتنقل بعبارة «فول 25 يناير» في إشارة إلى الثورة المصرية يقدم أطباقه لجماهير المليونية بالقرب من ميدان التحرير أمس (أ.ب)
TT

باتت خارطة الطريق التي وضعها المجلس العسكري الحاكم في مصر، لإدارة المرحلة الانتقالية الحالية مهددة بالتغيير، بعدما أصبح مصير هذه المرحلة الحرجة بيد القضاء المصري، الذي يستعد لإصدار أحكام مفصلية خلال الأيام المقبلة، تتعلق بشرعية البرلمان المنتخب، ودستورية قانون «عزل الفلول»، الذي أقره مجلس الشعب منذ أيام، بعد أن أصدر بالفعل حكمه ببطلان تشكيل جمعية التأسيسية للدستور الجديد.

ورغم تباهي القوى الثورية في مصر بسلمية الثورة التي أطاحت بنظام الرئيس المصري السابق حسني مبارك مطلع العام الماضي، ولجوئها إلى القضاء الطبيعي في التعامل مع خصومها السياسيين، بدأت حالة من التململ في صفوفهم، وأصبحت القوى الأكثر تحفظا على الإجراءات الاستثنائية تدعو لإقرار الشرعية الثورية في التعامل مع الملفات العالقة.

وتعهد المجلس العسكري، الذي يرأسه المشير حسين طنطاوي، بتسليم السلطة إلى رئيس مدني منتخب بنهاية يونيو (حزيران) المقبل، لكن كثيرين شككوا في وفاء المجلس بتعهده هذا، وإجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها، في ظل إصرار المجلس العسكري على الانتهاء من كتابة الدستور قبل انتهاء انتخاب رئيس جديد، خاصة بعد حكم القضاء الإداري ببطلان الجمعية التأسيسية التي شكلها البرلمان نهاية مارس (آذار) الماضي، لصياغة الدستور الجديد.

وفشلت القوى والأحزاب السياسية حتى الآن في الاتفاق على معايير جديدة لاختيار جمعية تأسيسية جديدة، في ظل انقسام حول نسبة أعضاء البرلمان فيها، وحصص كل فصيل سياسي.

وأحال المشير حسين طنطاوي، رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة، مساء أول من أمس تعديلات قانون تنظيم مباشرة الحقوق السياسية التي سبق وأن أقرها مجلس الشعب قبل عدة أيام، والتي تقضي بمنع رموز النظام السابق من مباشرة حقوقهم السياسية وفي مقدمتها الترشح في الانتخابات الرئاسية، إلى المحكمة الدستورية العليا، لمراجعتها والفصل في مدى دستوريتها، قبل التصديق عليه.

واعترفت القوى السياسية التي دفعت بمشروع القانون إلى البرلمان بأن هذا الإجراء استثنائي، وقال المستشار محمود الخضيري رئيس اللجنة الدستورية في البرلمان إن هذا القانون مبني على الشرعية الثورية وإنه ضروري لحماية الثوار أنفسهم. وتتولى هيئة المفوضين بالمحكمة الدستورية إعداد تقرير بالرأي القانوني في التعديلات في غضون مدة لا تزيد على 15 يوما، حتى يتم عرضه بعدها على المحكمة الدستورية، لإبداء الرأي النهائي بشأنه. وتتضمن التعديلات التي وافق عليها مجلس الشعب، وقف مباشرة الحقوق السياسية بالنسبة لكل من عمل خلال العشر سنوات السابقة على 11 فبراير (شباط) 2011 رئيسا للجمهورية أو نائبا له أو رئيسا للوزراء أو رئيسا للحزب الوطني المنحل أو أمينا عاما له أو كان عضوا بمكتبه السياسي أو أمانته العامة، وذلك لمدة عشر سنوات ابتداء من التاريخ المشار إليه. وبينما توقعت مصادر قضائية رفيعة لـ«الشرق الأوسط»، الحكم بعدم دستورية هذه التعديلات، قالت المصادر، التي رفضت الكشف عن هويتها، إن القانون حال إقراره سيواجه مشاكل جمة، أهمها صعوبة تطبيقه بأثر رجعي خاصة أنه صدر بعد فتح باب الترشح لرئاسة الجمهورية وإغلاقه، مع عدم جواز الطعن على قرارات لجنة الانتخابات الرئاسية، وفقا لنص المادة 28 من الإعلان الدستوري، التي تحصن اللجنة من أي شكل من أشكال الطعون بأي طريق وأمام أية جهة. إلى ذلك، قال المستشار حاتم بجاتو، رئيس هيئة المفوضين بالمحكمة الدستورية العليا، إن الهيئة ما زالت تعقد جلسات تحضيرية لإعداد تقريرها حول الطعن المعروض عليها من المحكمة الدستورية ببطلان انتخابات مجلسي الشعب والشورى، ولم تنته من إعداد تقريرها حتى الآن.

وكانت المحكمة الإدارية العليا قد أحالت حكما يقضي ببطلان الانتخابات البرلمانية، إلى المحكمة الدستورية في فبراير الماضي، لإبداء الرأي فيه، وقالت في حيثيات الإحالة: «إن طريقة تشكيل مجلس الشعب الحالية لم تلتزم بمبدأ المساواة وتكافؤ الفرص وفرضت أولوية وأفضلية للأحزاب ومرشحيها وجعلت انتخاب ثلثي الأعضاء بنظام القوائم الحزبية والثلث الآخر بنظام الانتخاب الفردي ولم تقصر الانتخاب الفردي على المستقلين».

وعبرت العديد من القوى السياسية، ذات التوجه الإسلامي من خشيتها من حل البرلمان المصري، الذي تستحوذ على أغلبيته، واعتبرت أن التلويح بذلك يعد انقلابا على الشرعية. وقالت المصادر القضائية، إنه لا يوجد حسم نهائي لهذه القضية، لكن للمحكمة سوابق بالحكم بالبطلان في أوضاع مشابهة، ولذلك التوقع الأكبر هو الحكم ببطلان الانتخابات البرلمانية أو على الأقل الثلث الفردي.