رئيس «الشاباك» الأسبق: البرغوثي كان هدفا للاغتيال.. و«هآرتس» تنشر «اعترافاته»

محاميه ورئيس نادي الأسير ينفيان مزاعم «الاعترافات»

مروان البرغوثي («الشرق الأوسط»)
TT

قال آفي ديختر، الرئيس الأسبق لجهاز المخابرات الإسرائيلية العامة (الشاباك)، عضو الكنيست عن حزب «كديما» المعارض، إن القيادي في حركة فتح وعضو لجنتها المركزية، الأسير مروان البرغوثي، كان هدفا للاغتيال من قبل الجيش الإسرائيلي، قبيل تنفيذ عملية «السور الواقي» العسكرية التي أعيد خلالها احتلال الضفة الغربية في مارس (آذار) من عام 2002.

ونقلت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية، التي نشرت أيضا نصوصا زعمت أنها من «اعترافات البرغوثي»، عن ديختر قوله «البرغوثي كان هدفا للاغتيال مصادقا عليه، وكان في مرمى فوهة بنادقنا عدة مرات، لكن في كل مرة كان يقتل مساعدون حوله، أو كان وجود أبرياء بقربه يلغي العملية». وأضاف «وصوله إلى التحقيق يدل على أنه كان يملك حظا أكثر من العقل كما يبدو».

وكان ديختر رئيسا لـ«الشاباك» عندما اعتقل البرغوثي، في رام الله قبل 10 سنوات، أي في أبريل (نيسان) 2002، معتبرا أن البرغوثي بنى قيادته على دماء مواطنين إسرائيليين، متهما إياه بأنه استغل الإرهاب لترميم مكانته بعدما فقد منصبه لصالح حسين الشيخ أمين سر فتح في مايو (أيار) عام 2000. وتابع القول «أدرك البرغوثي أن الطريق الوحيدة لترميم مكانته هو بصنع الإرهاب، وتحول إلى إرهابي كبير».

وقال ديختر «كانت التعليمات تقول بتصفية البرغوثي لأنه لم يكن بالإمكان اعتقاله في قلب رام الله من دون تشكيل خطر على حياة عدد كبير من الجنود، وعندما دخلنا إلى مدن الضفة تغيرت الاستراتيجية، فلا يمكن استخراج معلومات من أموات، ومنذ اللحظة التي تبين فيها أنه بالإمكان اعتقاله لم تعد هناك أفضلية للاغتيال».

وفعلا اعتقلت إسرائيل البرغوثي، في قلب رام الله، وأصدرت محاكمها عليه حكما بالسجن المؤبد خمس مرات، يضاف إليها 40 سنة، ووصف ديختر الحكم بأنه انعكاس لحقيقة أفعاله.

ونشرت «هآرتس» أمس نصوصا لحوارات وصفتها بأنها مقاطع من اعترافات قالت إنها جرت بين البرغوثي ومحققي «الشاباك» على عدة جلسات، ونسبت إليه القول بأن عرفات كان يومئ له بتنفيذ عمليات ولا يطلب ذلك مباشرة، وأنه سلم أموالا من مكتبه (عرفات) لناشطين ومول شراء أسلحة كذلك لتنفيذ عمليات، وكان يطلع على بعضها قبل التنفيذ. وقال ديختر إن هذه الاعترافات ليست مفاجئة بالنسبة له، مدعيا أن «الجميع كان في نهاية المطاف يعترف أمام محققي الشاباك، عن نشاطهم وعن بعضهم».

وقالت «هآرتس» إن التحقيقات تركزت في البداية حول محاولة سحب اعترافات من البرغوثي، غير أنه طلب مقابلة رئيس الشاباك كي يقدم ما يعرف متعهدا بالمساعدة في حل أمني في الضفة. وحسب «هآرتس»، فقد بدأ البرغوثي في 23 أبريل في الاعتراف، قائلا إنه كان ينقل بعض الطلبات الإنسانية والعسكرية إلى عرفات، وعندما يصادق على مساعدة لشراء السلاح كان عنوانها هو «مساعدة شخصية». وطلب البرغوثي من محققيه تهما واضحة كي يرد عليها، واعترف بعدها بتوجيه أحد المنتحرين عند سؤاله عنه.

وبعد يوم، تحدث البرغوثي عن علاقته بكبار نشطاء كتائب الأقصى التابعة لفتح، وأقر بأنه طلب في خيمة العزاء التي أقيمت في رام الله لرائد الكرمي (مسؤول الكتائب في طولكرم) الثأر لموته. وبالفعل، في اليوم نفسه أو في الغداة، حرص مرافقه على تنفيذ عملية إطلاق نار قرب مستوطنة جفعات زئيف قرب رام الله قتلت فيها مواطنة إسرائيلية.

وروى مروان بكيف أنه نقل مالا من عرفات إلى رائد الكرمي، وسلم بنفسه المال لناصر عويس، مسؤول الكتائب في نابلس الأسير، وكان على اتصال مع آخرين في بيت لحم. وبعد يومين، قال البرغوثي، إن الانتفاضة كانت «كفاحا لإزالة الاحتلال الإسرائيلي» و«كفاحا في سبيل السيطرة على الشارع الفلسطيني». وفي 26 - 28 أبريل، تحدث البرغوثي بشكل مفصل أكثر عن شراء أسلحة وتوجيه عمليات، وفي بداية مايو أقر بمعرفته مسبقا بعمليات في إسرائيل، لكنه قال إنه عارضها.

ثم تركز التحقيق بعد ذلك على عرفات، وقال البرغوثي إنه لم يتلق أبدا تعليمات صريحة من عرفات بتنفيذ العمليات. وأضاف «ما كانت هناك حاجة لتعليمات مباشرة من عرفات. الأمور كانت تفهم بين السطور».

وفي منتصف مايو كثف المحققون التحقيق مع البرغوثي، وسألوه مرة أخرى عن عرفات، وأخضعوه لجهاز فحص الكذب، وقالوا له إن التحقيق لن ينتهي من دون أن يعترف على عرفات، ورد البرغوثي عليهم «أنتم لا تفهمون، لا تفهمون كيف يعمل أبو عمار. هو لا يقول أمورا صريحة. لو أراد وقف الانتفاضة والعمليات لفعل ذلك».

ورفض محامي البرغوثي، إلياس الصباغ، التعليق على سجلات التحقيق لأنه «ليس كل ما هو مكتوب فيها صحيحا». وقال «منذ سن 17، البرغوثي لم يوقع أبدا على إفادة، كما أنه لا يعترف بصلاحية المحكمة في إسرائيل». كما نفى رئيس نادي الأسير قدورة فارس، وهو مقرب من البرغوثي، صحة ما نشرته «هآرتس»، وقال فارس في بيان «أتحدى أي جهة إسرائيلية أن تبرز أي وثيقة أو مستند عليه اعتراف من أي نوع وموقع عليه من القائد البرغوثي، وإن هذه المعلومات التي تستند في مصدرها إلى (الشاباك) الإسرائيلي بعد عشر سنوات من اعتقاله، وبعد ما أبداه من صمود وثبات في زنازين التحقيق وزنازين العزل الانفرادي، وبعد أن أطل على الشعب الفلسطيني في الذكرى العاشرة على اعتقاله بمواقفه الثابتة والواضحة، تحاول أجهزة الأمن الإسرائيلية بمداراة خيبتها وفشلها في انتزاع أي كلمة خلال التحقيق معه الذي استمر لمدة أربعة أشهر متواصلة، استخدمت خلالها المخابرات أبشع أساليب التعذيب النفسي والجسدي.. تطل هذه الأجهزة بادعاءات وأضاليل وأباطيل عارية عن الصحة تماما».

واعتبر فارس أن ما نشرته صحيفة «هآرتس»: «يستند إلى استنتاجات المحققين من الشاباك الإسرائيلي وحسب». وأضاف «البرغوثي رفض الاعتراف بالمحكمة ولم يتعاط معها، ولم يبرز في تلك المحكمة الصورية أي وثائق تتضمن اعترافا من قبله، وأن المحكمة استندت في ذلك الوقت لإصدار حكمها على مروان على اعترافات ملفقة من قبل إخوة آخرين». وأكد فارس أن ردا توضيحيا شاملا سيصدر عن البرغوثي شخصيا خلال الأيام القليلة القادمة.