ملابسات انتحار قائمقام السليمانية تثير التساؤلات في الأقليم

قيادي كردي: لم يكن فاسدا ولكنه عاش في ظل نظام فاسد

TT

يثير انتحار قائمقام قضاء مركز السليمانية زانا حمة صالح كما تروج له الجهات الرسمية لحد الآن، ومقتله حسب ما يدعي أقرباؤه الذين احتسبوه «شهيدا عند الله»، الكثير من التساؤلات في الشارع الكردي وبين النخب السياسية والثقافية والاجتماعية.

فمع ازدياد التكهنات والتحليلات حول هذا الموضوع والتي وصلت إلى حد التشكيك في مصداقية إعلام «الاتحاد الوطني» الذي تقع السليمانية تحت نفوذه الحزبي - قطع المتحدث الرسمي باسم المكتب السياسي آزاد جندياني تلك الشكوك بالتأكيد على أن «القضية قانونية، ولا يمكن لـ(الاتحاد الوطني) أن يتدخل فيها سياسيا احتراما منه لاستقلالية القضاء، وأن (الاتحاد الوطني) سينأى بنفسه عن التصريحات الرسمية بهذا الشأن، انتظارا لما سيقوله القضاء، الذي هو وحده من يحسم الموضوع».

من جهتها، أعلنت هيئة الادعاء العام في السليمانية في بيان تلقت «الشرق الأوسط» نصه جاء فيه «لاحظنا في الفترة الأخيرة صدور تصريحات ومواقف من وسائل الإعلام ومن شخصيات سياسية وثقافية تحلل وتفسر قضية القائمقام الراحل زانا حمة صالح، وهي في مجملها تتعارض مع القوانين، وتحديدا لنص المادة 236 من قانون العقوبات التي تعتبر مثل هذه التصريحات بمثابة (جريمة)، والغرض من هذه التدخلات والتحليلات غير المقبولة هو تحقيق هدفين، الأول هو وقف الإجراءات القانونية تجاه ظاهرة الفساد، ثانيا إفقاد ثقة الشعب بالقضاء والمحاكم. لذلك، أصدرنا هذا البيان لتوعية المواطنين بخطورة الإدلاء بمثل هذه التصريحات التي ستؤثر على إجراءات التحقيق الجارية، إلى جانب مخالفته للقانون».

ويرى قيادي كردي، فضل عدم نشر اسمه، أن «التعامل مع القائمقام كان بالأساس خاطئا، خاصة أنه سبق أن هدد بالانتحار قبل إقدامه عليه، مما كان يفرض بإدارة السجن الذي أودع فيه أن يكثفوا من مراقبته داخل محبسه للحيلولة دون تنفيذ تهديده، ولكن ذلك لم يحصل». وأضاف «كان حمة صالح مودعا في غرفة خاصة، وعادة هناك في سجون الآسايش وحتى الشرطة بعض الغرف الخاصة بتوقيف المسؤولين الحكوميين المتهمين ببعض القضايا، فلا يجوز حبسهم مع المجرمين واللصوص وغيرهم، فتراعى ظروفهم أثناء التوقيف لحين تقديمهم إلى المحاكمة وصدور الأحكام ضدهم، وفي العادة فإن هذه الغرف لا تكون فيها إجراءات أمنية مكثفة ما عدا سد الطريق على هروبه، وتتوافر بداخل هذه الغرف بعض وسائل الترفيه كالتلفزيونات والأجهزة الكهربائية الأخرى، ويبدو حسب ما كشف أحد البرلمانيين وجود سلك (واير) كهرباء معلق بنافذة الغرفة، أن حمة صالح استخدم ذلك السلك لشنق نفسه». وحول ما أثير من أسباب عدم تحويل ملفه إلى الشرطة بدلا عن الآسايش (الأمن) المحلي، قال المصدر «هناك إجراءات قانونية تجيز للآسايش التحقيق في بعض القضايا الجرمية منها الرشوة والتزوير وحالات أخرى، وكان يفترض بالآسايش أن تستعجل تحقيقاتها وتحول القضية إلى الشرطة، ولكن ذلك لم يحصل وهذا خطأ مزدوج». أما ما أثير من تساؤلات أخرى باستقالة قادر حمة جان مدير عام الآسايش وعضو المكتب السياسي لـ(الاتحاد الوطني) أثناء اعتقال القائمقام وما إذا كانت هناك علاقة بين الاستقالة وموت القائمقام، قال المصدر «منذ سنتين كان حمة جان يروم تقديم استقالته من منصبه كمدير عام للآسايش ولكن كانت هناك حاجة لخدماته، ولذلك استغل هذا الحادث ليتقدم بالاستقالة، ولا علاقة لها بالحادث الذي وقع».

وكشف المصدر القيادي أن «زانا حمة صالح كان في البداية من ضمن الكوادر المتعاطفة مع المنشقين عن (الاتحاد الوطني) الذين شكلوا في ما بعد حركة التغيير، لكنه أقنع ببعض الامتيازات فعاد للعمل بصفوف (الاتحاد الوطني)، وهو في الأساس كان كادرا محترما وملتزما وغير فاسد، لكنه عاش في ظل إدارة فاسدة، فلم يستطع أن يقاوم الإغراءات، فوقع في جريمة تلقي الرشوة، وهناك أرقام العملات التي استلمها كرشى، وهي مودعة في ملف التحقيقات، مما ثبت عليه الجريمة، ويبدو أن هناك من خطط للإيقاع به، مع ذلك كان من الممكن معالجة الموضوع بطريقة أخرى، وهو مواجهته بالحقائق ثم الطلب منه تقديم الاستقالة أو الإحالة إلى التقاعد، لأنه ليس الوحيد المرتشي ولا هو الفاسد الوحيد في إدارة غارقة بالفساد».