منظمة حقوقية: إسرائيل تنكل باللاجئين الأفارقة

وزير الداخلية يشاي في حملة تهويل: مليون سوداني يستعدون للتسلل

أطفال من جنوب السودان وإريتريا يظهرون أمام مقر رئاسة الحكومة الإسرائيلية في القدس الغربية قبل حوالي 3 أسابيع ضد محاولات ترحيلهم (رويترز)
TT

نشر «مركز مساعدة العمال الأجانب» في إسرائيل تقريرا جديدا، أمس، عن أوضاع اللاجئين السودانيين، يتهم فيه الحكومة بممارسات بشعة بغية دفعهم بالقوة إلى مغادرة إسرائيل، رغم معرفتها التامة بالخطر المحدق بحياة كل منهم في وطنه. ويقول التقرير إن وزير الداخلية، ايلي يشاي من حزب شاس لليهود الشرقيين المتدينين يقود عملية بطش ضد هؤلاء اللاجئين، ويعمل على تهجيرهم إلى أفريقيا بأي ثمن، ومن دون اعتبار لحياة أي منهم.

يذكر أن عدد اللاجئين الأفارقة في إسرائيل أصبح يضاهي 70 ألفا، نحو 88 في المائة منهم قادمون من السودان (إقليم دارفور في الأساس) ومن إريتريا. وتسلل معظمهم عبر سيناء المصرية، طالبين حق اللجوء السياسي باعتبار أنهم هربوا من الحروب التي تدار هناك من دون رحمة.

وحسب التقرير المذكور، فإن الوزير يشاي يضع نصب عينيه مهمة واحدة، التخلص منهم بأي ثمن، لأنه يريد لليهود أن يبقوا أكثرية. وهو يدير حملة تحريض وترهيب بخصوصهم، إذ سمح لنفسه الادعاء بأن هناك «مليون سوداني ينوون الزحف باتجاه إسرائيل، إذا بدأنا بالاعتراف بالموجودين حاليا كلاجئين». وهو لا يتردد في مخالفة ميثاق الأمم المتحدة الخاص باللاجئين، والصادر في سنة 1952، حيث يضع مقاييس جديدة لا تلائم أنظمة الاعتراف باللاجئين في العالم.

ويقدم التقرير، أمثلة مذهلة عن المعاناة التي يتعرض لها اللاجئون من طرف موظفي وزارة الداخلية الإسرائيلية، فيقول إنه حتى سنة 2009، كانت إسرائيل تركن إلى وكالة غوث اللاجئين التابعة للأمم المتحدة في إجراء مقابلات مع اللاجئين، حتى تعرف إذا كانوا يستحقون الاعتراف بهم كلاجئين سياسيين. ولكنها غيرت رأيها فجأة، وأقامت طاقما خاصا لمعالجة الموضوع في الوزارة نفسها. وأفراد هذا الطاقم صاروا يستدعون اللاجئين الذين يقدمون طلبات اعتراف جماعية، ويرفضون من يقدمون طلبات فردية. وعند التحقيق، يستدعونهم فردا فردا، بمعدل يومين متواصلين لكل واحد، وهناك يستغلون بساطتهم وأميتهم ويتفننون في التنكيل بهم.

ويتابع التقرير أن المحققين يمارسون ضغوطا نفسية وتخويفا وترهيبا أثناء استجواب اللاجئين، فيصرخون في وجوههم لترهيبهم ويتهمونهم بالكذب ويمارسون التهديد فيجبرونهم على الإجابة بنعم أو لا، من دون تفسير. ويستخدمون مترجمين غير مهنيين، مما يتيح ضياع حقائق كثيرة، ثم يحاسبون اللاجئ على أنه نطق بالكذب. ويضرب مثلا على لاجئ، هو شقيق أحد الصحافيين والسياسيين البارزين في السودان، الذي يتعرض وجميع أفراد عائلته للملاحقة. فقال له المحقق: «هناك ثلاثة احتمالات. فإما أنك كذاب، وإما شقيقك كذاب. وإما أنا كذاب. فهل برأيك أنا كذاب؟ أجب فقط بنعم أو لا».

وتقول سيغال روزين، مسؤولة الشؤون الجماهيرية في المركز، إن هذه السياسة أدت إلى الاعتراف بنسبة هزيلة ومخزية من اللاجئين، لا تصل إلى 1 في المائة. فمن مجموع 812 لاجئا طلبوا الاعتراف بهم كلاجئين في سنة 2009، اعترفت وزارة الداخلية الإسرائيلية باثنين فقط. ومن مجموع 3366 في سنة 2010، اعترفت بستة لاجئين. وللمقارنة فإن أستراليا قبلت 41 في المائة من طلبات اللجوء في سنة 2010 (3859 من مجموع 9340). وقالت إن يشاي وبقية زعماء إسرائيل، بمن في ذلك رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، فرضوا على الموظفين أجواء عدائية للاجئين، عندما ادعوا كذبا أن 99 في المائة منهم كذابون آتون فقط بحثا عن عمل، بينما هم يعرفون حق المعرفة أن مسيرة الرحيل من السودان إلى إسرائيل محفوفة بالمخاطر الحقيقية على حياتهم، وما كانوا ليضحوا بأرواحهم في سبيل البحث عن عمل.

يشار إلى أن يشاي كان يخطط لترحيل 1000 لاجئ سوداني إلى دولة جنوب السودان في مطلع أبريل (نيسان) الحالي، إلا أن تقريرا لوزارة الخارجية الإسرائيلية قال إن الوضع في جنوب السودان متوتر وهناك خطر على حياتهم. فخشي من أن يستغل التقرير في محكمة العدل العليا، وعندها يصدر قرار يثبت وجودهم في إسرائيل. فارتدع. ومع ذلك، أعلن يشاي خلال اجتماع في مدينة الرملة، أول من أمس، أنه يواصل جهوده لترحيلهم بالاتفاق معهم، عن طريق دولة ثالثة وأنه مستعد لدفع أية مبالغ تضمن ترحيلهم السريع.

وكانت الحكومة الإسرائيلية قد صرفت حتى الآن مبلغ 405 ملايين دولار على إجراءات مقاومة الهجرة السودانية إلى إسرائيل وخصصت هذه السنة مبلغا إضافيا مقداره 175 مليونا لهذا الغرض. فقد بدأت في إقامة جدار على طول الحدود مع سيناء وبنت معتقلا جديدا لهم يتسع لثمانية آلاف لاجئ.