مطالب دولية بزيادة عدد بعثة المراقبين.. وفرنسا تدعو لتجهيزهم بمروحيات

جوبيه: اليوم الذي تضمن فيه حرية التظاهر.. لن يستطيع النظام الصمود

متظاهرون سوريون ضد بشار الأسد في مظاهرة بعد صلاة الجمعة في كفرانبال بإدلب أمس (رويترز)
TT

تعكف باريس، بالتشاور مع واشنطن ولندن، على صياغة مشروع قرار سيقدم، بحسب الخارجية الفرنسية، «في أسرع وقت ممكن» إلى مجلس الأمن الدولي بحيث يكون أساسا لإرسال بعثة مراقبين غير مسلحة «قوية وكثيرة العدد» تحت الفصل السادس من شرعة الأمم المتحدة.

وقال وزير الخارجية الفرنسي ألان جوبيه، أمس، إن فرنسا تعكف على وضع مسودة قرار جديد بمجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة يهدف إلى السماح بنشر قوة مراقبة أكبر حجما في سوريا يصل قوامها إلى 500 مراقب، فضلا عن طائرات هليكوبتر.

وبعد أن انتقد جوبيه تفلت دمشق من تنفيذ خطة أنان التي قبلتها دمشق، فإنه طالب بدعم الخطة المذكورة التي وصفها، أول من أمس، بأنها «الفرصة الأخيرة» قبل انحدار سوريا نحو «الحرب الأهلية». كما أكد جوبيه أن فريق مراقبي الأمم المتحدة في سوريا يجب أن يملك الوسائل للعمل على «احترام حرية التظاهر»، مؤكدا من جديد أن باريس تعتبر أن وقف إطلاق النار لم يحترم.

وقال الوزير الفرنسي لشبكة التلفزيون «بي إف إم - تي في» إنه «يجب نشر مراقبين على الأرض، لكن يجب أن يملك هؤلاء المراقبون الوسائل من تجهيزات ومروحيات للعمل على احترام حرية التظاهر. هذا أمر بالغ الأهمية. واليوم الذي تضمن فيه هذه الحرية فعليا لن يستطيع النظام الصمود».

وحول مشروع القرار الذي يشمل نشر قوة المراقبة والذي يبحث حاليا في نيويورك بناء على طلب من باريس اعتبر الوزير الفرنسي أن روسيا يمكن أن تصوت عليه.

وقال: «أعتقد أنها ستفعل»، مضيفا أن «الروس كانوا دائما من أنصار نشر قوة مراقبة»، و«الموقف الروسي يتغير شيئا فشيئا».

وتبدو باريس اليوم «أكثر تفاؤلا» بالموقف الروسي واستعداد موسكو لدعم مشروع القرار العتيد في مجلس الأمن. غير أن مصادر رسمية في باريس قالت لـ«الشرق الأوسط» إنها تتوقع «مساومات مريرة» من قبل المندوب الروسي في مجلس الأمن حول مهمة البعثة الموسعة وصلاحياتها والتزامات الحكومة السورية تجاهها. والأهم من ذلك، وفق هذه المصادر، هو مدى تطبيق السلطات السورية لبنود البروتوكول النهائي الضروري لتحرك المراقبين في صيغتهم النهائية. وبالنظر إلى سابقة تعامل دمشق مع بعثة المراقبين العرب، فإن التفاؤل «ليس سيد الموقف». من هنا، استمرار الضغوط السياسية والاقتصادية على سوريا وتهيؤ الاتحاد الأوروبي لفرض سلة عقوبات إضافية على دمشق بمناسبة اجتماع وزراء الخارجية الأوروبيين يوم الاثنين في لوكسمبورغ. وبان التفاؤل الفرنسي في قول جوبيه إن «الموقف الروسي آخذ في التحول قليلا». والسؤال يكمن في معرفة ما إذا كان هذا التحول كافيا لملاقاة مطالب الغربيين والعرب أم أنه سيبقى دون الحد الأدنى. وكانت وزيرة الخارجية الأميركية، هيلاري كلينتون، قد أعلنت عقب لقائها نظيرها الروسي سيرغي لافروف في بروكسل، أول من أمس، أنها «لم تلمس» أي حول في الموقف الروسي.

وتتوقع المصادر الفرنسية «معركة دبلوماسية» في نيويورك حول مشروع القرار المنتظر خصوصا على خلفية اتهام دمشق بـ«تجزئة» مبادرة أنان والمراوغة في التنفيذ. أما إذا تبين أن خطة أنان «لم تنفذ في وقت سريع»، فإن جوبيه يهدد بالعودة إلى مجلس الأمن مع مشروع قرار جديد «ينص على عقوبات وعلى تدخل من نوع آخر»، دون أن يحدد طبيعة هذا التدخل. وفي المفهوم الفرنسي، فإن خطة أنان يجب أن تفضي إلى «عملية انتقال سياسية» أي إلى تغيير النظام في دمشق وتنحي الرئيس الأسد.

وقال المرشح الاشتراكي للانتخابات الرئاسية فرنسوا هولاند، الذي يبدو الأوفر حظا للفوز، في حديث إذاعي صباح أمس، إنه يؤيد مشاركة فرنسا في عملية عسكرية ضد سوريا إذا جاءت في إطار الأمم المتحدة، وأنه سيتيح مثل هذه المشاركة في حال انتخابه رئيسا للجمهورية.

ولا يختلف موقف هولاند كثيرا عن السياسة التي تتبعها فرنسا إزاء سوريا، حيث دأبت على التأكيد أن أي عمل ضد سوريا لحماية المدنيين يجب أن يكون بموجب انتداب من الأمم المتحدة وبطلب من مجلس الأمن. لكنها المرة الأولى التي يقول فيها هولاند إن باريس ستشارك في العمل العسكري إذا أتاحته الأمم المتحدة.

ومن جهته صرح المتحدث باسم المبعوث الخاص للأمم المتحدة والجامعة العربية، كوفي أنان، أمس، أن الوضع في سوريا «ليس جيدا»، ووقف إطلاق النار «هش جدا».. بينما دعت روسيا مجلس الأمن إلى التصديق بشكل عاجل على قرار بإرسال مئات من المراقبين لمراقبة وقف إطلاق النار الهش في سوريا، وأكدت منظمة التعاون الإسلامي والصين أنهما سترسلان وفودا للمشاركة في البعثة. بينما صرح وزير الخارجية الفرنسي، ألان جوبيه، بأن فريق المراقبين يجب أن يملك الوسائل للعمل على «احترام حرية التظاهر»، مؤكدا من جديد أن باريس تعتبر أن وقف إطلاق النار لم يحترم.

وقال متحدث باسم وسيط السلام الدولي، كوفي أنان، أمس، أن على الأمم المتحدة أن ترسل 300 مراقب إلى سوريا في أقرب وقت ممكن لمحاولة وقف أعمال العنف التي فشل وقف إطلاق النار في إنهائها.

وقال أحمد فوزي في مؤتمر صحافي بجنيف: «نستعد للانتشار لأننا نشعر أن هذا سيحدث إن آجلا أو عاجلا، لأنه يجب أن يحدث».

وأضاف: «الوضع على الأرض ليس جيدا كما نعلم جميعا. إنه وقف إطلاق نيران هش، وهناك خسائر بشرية كل يوم وحوادث كل يوم، ويجب أن نبذل كل ما في وسعنا لوقف ما يحدث من قتل وعنف بمختلف أشكاله». حسب «رويترز».

وقال الأمين العام بان كي مون، في تقرير عن تطورات الوضع في سوريا، أمس، إن دمشق لم تسحب قواتها وأسلحتها الثقيلة بالكامل من البلدات كما هو متفق عليه بموجب خطة أنان للسلام لإنهاء 13 شهرا من العنف. وأوصى بزيادة عدد المراقبين إلى 300.

وقال فوزي إنه على غرار جميع عمليات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة يحتاج المراقبون إلى دعم، بما في ذلك المركبات وأجهزة الاتصالات والإمدادات الطبية «وكل أنواع التجهيزات لمساعدتهم في عملهم شديد الصعوبة الذي ينطوي على مخاطر».

ومضى يقول: «بمجرد أن يتبنى مجلس الأمن الدولي قرارا يجيز نشر ما يصل إلى 300 مراقب، سنكون جاهزين للانتشار بسرعة شديدة جدا».

وبدوره، أعلن الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي، أكمل الدين إحسان أوغلي، أن المنظمة ستشارك في بعثات المراقبة التابعة للأمم المتحدة في سوريا.

وقال الأمين العام للصحافيين إثر مؤتمر وزراء الإعلام في المنظمة، الذي اختتم أعماله أمس، في ليبرفيل: «نواصل التعاون مع الجامعة العربية والأمم المتحدة، والآن أعتقد أن دول منظمة التعاون الإسلامي تريد المشاركة في بعثات المراقبة التي سترسلها الأمم المتحدة».

ومن جهتها دعت روسيا إلى الموافقة سريعا على نشر القوة الموسعة لمراقبي الأمم المتحدة، وقال سيرغي لافروف، وزير الخارجية الروسي، بعد اجتماع ضمه ونظيره الإيطالي وأيضا وزيري الدفاع الروسي والإيطالي: «علينا أن نفعل كل ما بوسعنا لنصدق بأسرع وقت ممكن على قرار ثان يوافق على بعثة مراقبة مكتملة».

وأكدت الصين، أمس، أنها سترسل وفدا للمشاركة في بعثة مراقبي الأمم المتحدة إلى سوريا. وقال الناطق باسم الخارجية الصينية، ليو ويمين، في مؤتمر صحافي دوري اليوم إن بكين «تناقش التفاصيل مع الأمانة العامة للأمم المتحدة».

وأكد ليو دعم بلاده لجهود الوساطة التي يقودها أنان، مشيرا إلى أن بكين سعيدة بمدى التقدم في نشر بعثة مراقبي الأمم المتحدة في سوريا.

ودعا جميع الأطراف المعنية في سوريا إلى التعاون بنشاط مع أنان، كما حثهم على إنهاء العنف سريعا وبدء محادثات سياسية لاستعادة الاستقرار في البلاد في أسرع وقت ممكن.