مسيرات احتجاجية في مختلف المدن الأردنية بمناسبة الذكرى الـ23 لـ«هبة نيسان»

للمطالبة بإصلاحات سياسية حقيقية دون مماطلة ومحاربة الفساد

TT

نفذت أحزاب المعارضة والحراك الشعبي في مختلف المدن الأردنية أمس مسيرات ووقفات احتجاجية، بمناسبة الذكرى الـ23 لـ«هبة نيسان»، التي انطلقت عام 1989 بالمحافظات الجنوبية للمطالبة بالإصلاح، وقتل فيها 4 أشخاص وجرح الكثيرون. ونظم أنصار التيارات القومية واليسارية وقفة احتجاجية مقابل المسجد الحسيني وسط العاصمة للمطالبة بالإصلاح. وردد المشاركون شعارات حيت أبناء محافظات الجنوب استذكارا لهذه المناسبة التي انطلقت شرارتها من مدينة معان عام 1989، قبل أن تمتد إلى محافظتي الكرك والطفيلة، وكان من أبرز ما حققته عودة الحياة الحزبية وإلغاء الأحكام العرفية في البلاد.

وجدد المشاركون في المسيرات مطالبة الحكومة بسحب مشروع قانون الانتخاب باعتباره لا يمثل إرادة الشعب الحقيقية، وطالبوا بإلغاء معاهدة سلام وادي عربة التي وقعت مع إسرائيل عام 1994، ووقف كل أشكال التعامل مع إسرائيل، مرددين هتافات تطالب بإصلاح النظام ومحاربة الفساد. كما طالب المتظاهرون الحكومة بتحمل مسؤولياتها وإعادة الولاية العامة لها وعدم السماح لأي جهة كانت بفرض آرائها أو التدخل في الحياة السياسية.

وقال الناشط في الائتلاف الشبابي والشعبي للتغيير، الدكتور فاخر دعاس، إن الوقفة اليوم تهدف لتوصيل رسائل بأن الحراك ما زال يستلهم قوته وعزيمته من «هبة نيسان» التي لا تزال حتى اليوم خالدة في أذهان الأردنيين. وأكد رفض الحركات الشبابية والإصلاحية لقانون الانتخاب، مشددا على أن الجميع يتطلع إلى نظام عصري ينصف الشعب الأردني ويحترم إرادته بشكل حقيقي.

وفي محافظات الكرك ومعان والطفيلة جنوب الأردن، نفذ الحراك الشبابي والشعبي مسيرات واعتصامات بعد صلاة الجمعة تحت شعار «جمعة هبة نيسان». وردد المشاركون هتافات تحذر الحكومة من هبة جديدة إذا ما استمرت في تجاهل المطالب الإصلاحية المطروحة على الساحة الأردنية. وانتقد المتظاهرون أيضا ما سموه بالفساد الاقتصادي والسياسي المستشري في البلد، إضافة إلى رفضهم القبضة الأمنية في وجه دعاة الإصلاح، مع التأكيد على استمرار الحراك المطالب بالإصلاح حتى تحقيق أهدافه.

وصدر عن الاعتصام بيان طالب فيه المعتصمون بقانون انتخاب قائم على التمثيل النسبي والتوافق الوطني وإجراء انتخابات نيابية تشرف عليها حكومة إنقاذ وطني من رموز مشهود لهم بالكفاءة واسترداد مؤسسات الوطن وثرواته التي وصفها بالمنهوبة، وبرفع سياسة القبضة الأمنية. وأكد المشاركون رفضهم سياسة الاعتقالات لنشطاء الحراك الإصلاحي، وكذلك لمشروع قانون الانتخاب المعروض على مجلس النواب. وطالبوا بإصلاح حقيقي والتوقف عن المماطلة في السير به، كما طالبوا بمحاكمة الفاسدين والشروع جديا في فتح ملفات الفساد. وشهد الاعتصام هتافات طالت قيادات الأردن، ورفعت يافطات، بينها «لا ديمقراطية من دون حكومة انتخابية».

وفي مدينة اربد شمال الأردن، شارك المئات في مسيرة هي الأقوى والأبرز لقوى الحراك الشعبي والحزبي، المنادي بالإصلاح السياسي والاقتصادي، بعد صلاة الجمعة من أمام المسجد الهاشمي وسط المدينة. وتغنى المشاركون بالمسيرة السلمية التي جابت شارع الهاشمي وصولا إلى ميدان الساعة بأهازيج ساخرة عن الفساد وعرابيه، مشددين على ضرورة ملاحقتهم والتحقيق معهم حتى يعود الخير للوطن. وأدان المشاركون إدارة شخوص الأجهزة الأمنية بعد جملة اعتقالات سجلت بحقوق ناشطين من الحراك مطلع الشهر الحالي، مشيرين إلى أنهم ماضون في الحراك، وأن الحراك لن يموت أو يهاب الاعتقالات. وانتقدوا أفعال الأجهزة الأمنية بتنظيمها مسيرات في محافظتي الزرقاء والمفرق موالية للنظام، معتبرين تلك المسيرات استعراضات شكلية لم تفد أي نظام في الدول التي شهدت ثورات خلال بدء الربيع العربي.

وطالب المشاركون بضرورة اعتماد قانون انتخاب القائمة النسبية، منتقدين القانون المطروح من الحكومة بكونه لا يعبر عن إرادة الشارع وطموحاته السياسي. وحذروا أصحاب القرار في المطبخ السياسي المحلي من الاستمرار في مواصلة المماطلة في عملية الإصلاح وعدم الاستجابة لمطالب الشعب الذي هو مصدر السلطات، مشيرين إلى أن تلك السياسات ستؤزم الأمر ولن تهدئ من روعة الشارع.

يشار إلى أن «هبة نيسان» انطلقت من مدينة معان عام 1989، وامتدت إلى بقية المحافظات احتجاجا ضد تردي الأحوال المعيشية والاقتصادية، وأفضت إلى إقالة حكومة زيد الرفاعي في عهد الملك الراحل الحسين بن طلال، وإجراء انتخابات نيابية وإلغاء حالة الطوارئ في البلاد، حيث سقط أربعة قتلى وجرح المئات، وزج في السجن بـ600 شخص من مدينة معان.