الإمارات ستعتمد استراتيجية سياسية جديدة لاستعادة جزرها المحتلة من إيران

وزير الدولة لـ«الخارجية»: ندعو طهران للنضج والكف عن استعمال «اللغة المتعالية»

مؤيدون للرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد لدى زيارته إلى جزيرة أبو موسى الإماراتية الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)
TT

كشفت الإمارات العربية المتحدة عن مراحل متقدمة كانت قطعتها مع إيران لحل قضية الجزر الإماراتية الثلاث التي تحتلها طهران، وصلت إلى درجة تحديد مفاوضين من كلا الطرفين، وأن ذلك كان سببا في حدة التصريحات الصادرة عن الإمارات بعد زيارة أحمدي نجاد لجزيرة أبو موسى الأسبوع الماضي.

وأكد أنور محمد قرقاش وزير الدولة للشؤون الخارجية، أن أبوظبي ستعتمد استراتيجية سياسية جديدة في التعاطي مع مشكلة جزرها الثلاث التي تحتلها إيران، وأنها ستنتقل إلى مرحلة تعزيز المطالب عبر الطرق الدبلوماسية السلمية وضمن القانون الدولي، داعيا إيران إلى أن تتفاوض بشأن الجزر، وأن تكف عن استعمال «اللغة المتعالية» في هذا الصدد. وقال قرقاش إن «دولة الإمارات اليوم ليست ذلك الوليد الصغير الجريح الذي ولد في 2 ديسمبر (كانون الثاني) 1971، بل هي دولة مهمة ورئيسية ذات قدرات كبيرة». ودعا إيران إلى أن تكون دولة ناضجة وأن تأخذ بعين الاعتبار علاقات الجيرة التي تجمع البلدين، قائلا «إننا سنبقى جيرانا للأبد، رغم خلافاتنا»، مشيرا إلى أن الإمارات دولة عاقلة ومحترمة تتبع الطرق الحضارية لاستعادة حقها، موضحا «سياستنا ذات نفس طويل».

وجاءت تصريحات الوزير قرقاش في سياق رد الفعل الإماراتي، الذي وصفه محللون بغير المسبوق من ناحية قوته، على زيارة الرئيس الإيراني أحمدي نجاد الأخيرة إلى جزيرة أبو موسى الإماراتية المحتلة من قبل إيران مع جزيرتي طنب الصغرى وطنب الكبرى منذ عام 1971، إبان قيام دولة الإمارات العربية المتحدة.

وكشف قرقاش في لقاء مع مؤسسة دبي للإعلام يبث اليوم، عن أن دولة الإمارات ستعتمد استراتيجية سياسية جديدة في التعاطي مع مشكلة جزرها المحتلة، ستمر من خلالها إلى مرحلة تعزيز المطالب، عبر الطرق الدبلوماسية السلمية وضمن القانون الدولي، مضيفا «نحن ندرس الخيارات الممكنة لنا في هذا الصدد»، مشيرا إلى أن الفترة المقبلة ستشهد نشاطا مكثفا للدبلوماسية الإماراتية.

إلى ذلك، شدد قرقاش على أنه ليس من مصلحة أي من البلدين المضي في التصعيد، وأن الحل لا يكون بالتصريحات الاستفزازية لأن الأمر يتعلق بمشكلة ثنائية، مؤكدا أن رد فعل الإمارات الحازم على الانتهاك الإيراني لسيادتها ليس له أي علاقة بما يتحدث عنه الإيرانيون من تحريك خارجي، موضحا «لقد مللنا من أسطوانة الضغط الخارجي التي يرددها الإيرانيون»، معتبرا أن رد فعل الإمارات القوي كان «لأن ما قام به نجاد تطور غير مسبوق، حيث إنها أول مرة يقوم فيها رئيس إيراني بزيارة جزرنا المحتلة، وكذلك لكونها مثلت التفافا حول كل الجهود المبذولة للتفاوض الثنائي على مدى عام كامل».

وأعرب وزير الدولة للشؤون الخارجية عن شعور إماراتي بـ«الصدمة من زيارة الرئيس الإيراني أحمدي نجاد إلى جزيرة أبو موسى الإماراتية، وهي زيارة هزت مصداقية الجانب الإيراني»، مرجعا سبب الشعور الإماراتي بالمفاجأة إلى أن الزيارة «أجريت في وقت أعددنا فيه اتفاقا بين البلدين للتفاوض حول الجزر، بعد مجهودات استمرت لشهور طويلة من الجانبين اللذين اتفقا حينها على أنه قد حان وقت حل المشكلة، وقد سمت الإمارات مفاوضها وكذلك فعلت إيران التي عينت للمهمة كبير مستشاري الرئيس نجاد».

وأبدى قرقاش ثقته في صلابة موقف الإمارات تاريخيا وقانونيا بشأن جزرها الثلاث المحتلة، «لأنه يستند إلى دلائل تاريخية واقعية وحسية تثبت ملكية الإمارات للجزر، من خلال المراسلات والشواهد والعديد من الأمور التي تتعلق بممارسة السيادة»، مؤكدا أن «الإمارات مستعدة لأن تغامر بحقائقها التاريخية والقانونية وأن تكسب أو تخسر في محكمة العدل الدولية»، نافيا بالمقابل أي واقعية عما يتكلم عنه الإيرانيون من حقائق تاريخية تثبت ملكيتهم للجزر، مبديا في الوقت نفسه استغرابه من المزاعم الإيرانية بالقول إن «من لديه مثل تلك الحقائق من المفروض أن يرضى بالذهاب إلى التحكيم الدولي».

وهددت إيران يوم الخميس للمرة الأولى باستخدام القوة العسكرية ضد دولة الإمارات العربية المتحدة، في إطار التوتر الذي يسود العلاقات بين البلدين بعد زيارة قام بها الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد إلى جزيرة أبو موسى الإماراتية المحتلة.

من جهة ثانية، ذكرت وكالة «مهر» الإيرانية للأنباء، أن وزير خارجية إيران علي أكبر صالحي تسلم أمس رسالة خطية من نظيره الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد الصباح حول تطوير العلاقات بين البلدين قام بتسليمها السفير الكويتي في طهران مجدي أحمد إبراهيم الظفيري. وذكرت الوكالة أن وزير الخارجية أشار إلى العلاقات الودية بين بلاده والكويت، معربا عن أمله في عقد اجتماع اللجنة العليا بين البلدين في المستقبل القريب في إطار تطوير العلاقات الثنائية.

من جانبه، أكد سفير الكويت، حسب الوكالة، على العزيمة الجادة لمسؤولي بلاده، وخاصة أمير الكويت ورئيس الوزراء الجديد، لتوسيع وتنمية العلاقات الودية بين البلدين.

من ناحية أخرى، قالت سوزان رايس سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، إن لجنة بمجلس الأمن الدولي وسعت قائمتها السوداء المتعلقة بإيران لتضم إيرانيين اثنين وشركة لمحاولتهم الالتفاف على عقوبات الأمم المتحدة من خلال شحن أسلحة لأفريقيا في عام 2010. وقالت رايس في بيان إن «الشخصين اللذين أدرج اسماهما ساعدا في التخطيط لشحن أسلحة اعترضتها نيجيريا عام 2010، في خرق لعقوبات الأمم المتحدة الحالية.. وهذان الشخصان وهذه الشركة مرتبطون بقوة القدس بفرق الحرس الثوري الإسلامي، وهي الجماعة التي توجه الدعم الإيراني للإرهاب والتطرف في كل أنحاء العالم». ووفقا لما ذكره موقع لجنة الأمم المتحدة لعقوبات إيران على الإنترنت، فإن الفردين المعاقبين حديثا هما عازم أغاجاني، وهو عضو فرقة القدس، وعلي أكبر طبطائي الذي تصفه بأنه «ضابط كبير مسؤول عن عمليات قوة القدس بفرق الحرس الثوري الإسلامي». والشركة المعاقبة هي «بهينة للتجارة» التي تصفها لجنة العقوبات بأنها «إحدى الشركتين الإيرانيتين اللتين لعبتا أدوارا رئيسية في نقل إيران بشكل غير قانوني لأسلحة إلى غرب أفريقيا، وعملت باسم قوة القدس التابعة لفرق الحرس الثوري الإسلامي كمرسل لشحنة الأسلحة».

وقال دبلوماسي بالمجلس لـ«رويترز»، لم تذكر اسمه، إن هذه أول إضافات للقائمة السوداء منذ أن وافق مجلس الأمن على قراره الأخير بفرض عقوبات على إيران في يونيو (حزيران) 2010. وقدمت السلطات النيجيرية شكوى رسمية للجنة عقوبات إيران بشأن الأسلحة التي ضبطتها. وقالت طهران في ذلك الوقت إنها صفقة تجارية قانونية مع غامبيا. وشملت الأسلحة التي صادرتها نيجيريا صواريخ عيار 107 مليمترات مصممة لمهاجمة أهداف ثابتة وتستخدمها الجيوش لدعم وحدات المشاة.

وفرض مجلس الأمن الدولي أربع جولات من العقوبات الصارمة على نحو متزايد على طهران لرفضها وقف النشاط النووي الحساس. واستهدفت عقوبات حظر السفر وتجميد الأصول التي فرضها المجلس في معظمها الصناعات النووية والصاروخية الإيرانية بالإضافة إلى المؤسسات المالية وشركات أخرى تدعم تلك الصناعات. ويحظر على إيران أيضا تصدير أسلحة. وترفض طهران مزاعم غربية بأن برنامجها النووي يهدف إلى صنع أسلحة نووية.