الحكومة الجزائرية تطلب من أئمة المساجد إقناع المصلين بالتوجه إلى مراكز الاقتراع بكثافة يوم 10 مايو

بعد ظهور فتور لافت في الحملة الانتخابية خلال أسبوعها الأول

TT

عرفت حملة الانتخابات التشريعية بالجزائر فتورا لافتا، منذ انطلاقها، الأحد الماضي، إلى درجة لا توحي بأن البلاد مقبلة على استحقاق انتخابي بعد أقل من 20 يوما.

وتبدي الحكومة خوفا كبيرا من احتمال عزوف الملايين عن التوجه إلى صندوق الاقتراع، أما الأحزاب التي تخوض الحملة، فلم تنجح في استقطاب الاهتمام الشعبي.

ويجوب قادة ومسؤولو 44 حزبا الجزائر طولا وعرضا، منظمين تجمعات ومهرجانات ولقاءات مع سكان المدن والقرى والبوادي، لإقناعهم أساسا بالتوجه إلى مراكز الاقتراع يوم 10 مايو (أيار) المقبل. أما الإقناع بالانتخاب لصالح هذا الحزب أو ذلك المرشح بصفة مستقلة، فيأتي في المرتبة الثانية من أولويات الخطاب السياسي. فالأحزاب اتفقت مع السلطة، بما فيها المعارضة، وهو نادرا ما يحصل، على أن الرهان الحقيقي هو دفع الناس إلى الانتخاب بما يحقق نسبة مشاركة تفوق 60 في المائة.

وأكثر ما تخشاه السلطة هو أن تكون نسبة المشاركة أقل من نسبة المشاركة في الانتخابات التشريعية السابقة (47 في المائة عام 2007)، ذلك أن البرلمان الذي أفرزته تلك الانتخابات ظل طيلة خمس سنوات، يجرى معه وصف «منقوص الشرعية»، كما وصف بأنه «خاضع لإرادة السلطة التنفيذية».

وتقول مصادر غير رسمية إن العمال والموظفين في كل الشركات الحكومية تلقوا وعودا برفع أجورهم والحصول على امتيازات اجتماعية، على سبيل التحفيز للمشاركة في الانتخاب.

وقال وزير الشؤون الدينية والأوقاف، أبو عبد الله غلام الله، لعشرات الأئمة جمعهم الأسبوع الماضي، بـ«دار الإمام» بالعاصمة، إنهم مطالبون في خطب الجمعة بحثّ المصلين على الانتخاب.

وقال لهم بالتحديد: «لا بد من تحسيس المواطنين بأهمية التوجه إلى مكاتب الانتخاب لأداء واجبهم، لكن دون توجيههم للتصويت على لائحة مرشحين معيّنة».

وأوضح الكاتب الصحافي الجزائري محمود الجيجلي، المقيم بالولايات المتحدة، مفسرا عدم اهتمام الجزائريين بالحملة الانتخابية: «ما يفصح عنه المرشحون وما تفرزه السياسة في البلاد بشكل عام غير جذاب. هناك إخفاقات متتالية لنظام الحكم أساسا في التعاطي مع مشكلات الجزائريين، ونتائج السياسة التي ينتهجها في الميدان كارثية، لا سيما على الحياة المعيشية للناس، مما جعل مصداقية الوعود الرسمية في التغيير في مستوى الصفر».

وأضاف الجيجلي لـ« الشرق الأوسط»: «هناك مظاهر سلبية جدا نقلتها الصحافة حول الاستعمال الفاضح للمال في الانتخابات، ومعلومات عن ترشح أناس لا علاقة لهم بالسياسة والتسيير».

وزاد قائلا: «الناخب الجزائري ليس غبيا، والصورة التي يكونها الآن عن الانتخابات المقبلة سلبية جدا، وبالتالي هناك اعتقاد أن الأمر ليس جديا ولا يستحق الاهتمام».

ويقول رئيس الرابطة الجزائرية لحقوق الإنسان، المحامي بوجمعة غشير لـ«الشرق الأوسط»: «الضغط الذي تمارسه السلطة والأحزاب على الجزائريين سيأتي بنتيجة عكسية. إنني أقف مشدوها أمام الخطاب الرسمي الذي يخوف من التدخل الأجنبي ومن الإرهاب، إن لم يصوت المواطنون بكثافة!».

وأضاف: «نلاحظ منذ انطلاق الحملة بأن السلطة تتعامل مع الانتخاب على أنه تصرف ملزم للجميع، لكن القانون لا يلزم أبدا المواطن بالانتخاب بل على العكس يكفل له حرية عدم استعمال حقه في التصويت».

ويرى غشير أن نسبة عزوف مرتفعة عن التصويت، احتمال وارد ستستفيد منه الأحزاب الإسلامية. ويشرح ذلك قائلا: «معروف أن الوعاء الانتخابي الديني (الإسلامي) يستجيب بسهولة لتوجيهات الأحزاب الإسلامية الداعية إلى الانتخاب، عكس الوعاء الانتخابي للتيارات الأخرى الذي يعتبر أفراده أن الانتخابات مزورة مسبقا فلا داعي إذن للانتخاب. فإذا اقتصر الإدلاء بالأصوات على الإسلاميين، فستفوز أحزابهم بأكبر حصة في البرلمان الجديد».

واللافت أن قادة الأحزاب الإسلامية يتحاشون بشدة استخدام كل الألفاظ التي تستميل المشاعر الدينية لدى الناس. ويعود ذلك بالأساس إلى خوفهم من تهمة «استعمال الدين لأغراض دينية». وبدل هذا النوع من الخطاب الذي كان طاغيا في فترة ما قبل الأزمة الأمنية (عقد التسعينيات من القرن الماضي)، يفضل الإسلاميون التوجه نحو البحث عن علاج لأزمات البطالة والسكن وانعدام الأمن في المدن.