درعا بعد زيارة بعثة المراقبين: المظاهرات متواصلة.. وقصف على القرى واعتقالات

ناشطون لـ «الشرق الأوسط»: 70 منزلا هدموا في الكرك خلال يومين.. وحملات دهم واسعة

مظاهرات في درعا أمس للمطالبة بإسقاط الأسد (أوغاريت)
TT

يقول معارضون من درعا إن النظام السوري أعاد محافظة درعا، بعد خروج بعثة المراقبين منها، إلى سيرتها الأولى. يؤكد هؤلاء أن شوارع درعا البلد، وقرى الكرك الشرقي والحراك، لا تشبه ما بدت عليه من هدوء حين كان المراقبون يتجولون في الشوارع، ويلتقون الناس. تبدّل المشهد، حيث عاد الوضع فيها إلى ما كان عليه قبل أسبوع، وشهر وعام.. فأعاد الجيش السوري قصف قرى في المحافظة بالمدفعية الثقيلة والدبابات، وعادت قوات النظام الأمنية إلى شوارع المدينة والقرى المحيطة.

لكن المتغير الوحيد، الذي نقلته مصادر في المدينة لـ«الشرق الأوسط»، هو ارتياح السكان لبعثة المراقبين. وقالت المصادر إن «أعضاء بعثة المراقبين طمأنونا إلى أنهم سيحموننا من النظام، وسيوقفونه عند حده، بالإضافة إلى أنهم استمعوا جيدا إلى ما جرى ويجري، ودونوا ملاحظات كثيرة سينقلونها إلى مجلس الأمن»، مشيرة إلى أن وجود المراقبين «بعث الطمأنينة في نفوس أهالي درعا التي عاشت هدوءا غير مسبوق خلال وجودهم، لم يخرقه إلا أزيز رصاص بعيد، سجله المراقبون في ملفاتهم».

وأشارت المصادر إلى أن ارتياح السكان خلال وجود المراقبين «جاء بسبب المساحة الحرة التي وفرها وجودهم للاستماع إلى السكان وتلمس معاناتهم»، مؤكدة أن الزائرين الدوليين «سألوا عن أدق التفاصيل، وعن الناشطين والمعتقلين، وعن القصف والموت، ودونوا قصصا إنسانية لم تُنشر في وسائل الإعلام».

خلافا لذلك، لم يكن المشهد خارج أسوار المدينة يبعث على الارتياح، إذ «كانت الدبابات مستقرة على مداخل المدينة وتخوم القرى، أما المدافع فكانت في مرابضها، ولم تُسحب حتى اليوم».

وقالت المصادر إن درعا، لم تتوقف عن التظاهر ضد النظام، قبل زيارة المراقبين، وخلالها وبعدها، مشيرة إلى أن أهالي درعا «وضعوا توقيتا للتظاهر، يأتي بعد خمس دقائق فقط من توقف القصف». ولفتت إلى أن المظاهرات بعد زيارة بعثة المراقبين «لا تعرف توقيتا محددا، إذ يخرج المتظاهرون في الصباح والمساء وفي الليل، بعد أن يتوقف القصف، ويعود المتظاهرون أدراجهم فور تجدده»، مؤكدة أن المظاهرات «ارتفعت وتيرتها بغرض إحراج النظام، واختياره حيال التزامه بالسماح بالمظاهرات، وحرية إبداء الرأي، كما تعهد أمام الأمين العام السابق للأمم المتحدة كوفي أنان، لكن القوى الأمنية أثبتت مرة أخرى أنها لم تتخلّ عن نهجها القمعي، حيث تطلق النار على المتظاهرين، كلما خرجت مظاهرة».

وإذ عاشت المحافظة هدوءا غير مسبوق أثناء وجود المراقبين، تبدّل المشهد فورا أول من أمس، حيث «تجدد القصف بوتيرة كثيفة، ودخلت القوى الأمنية إلى أحياء في درعا البلد». وقالت مصادر ميدانية لـ«الشرق الأوسط» إن «القصف العنيف الذي استهدف الكرك الشرقي، أدى إلى تسوية سبعين منزلا منها بالأرض خلال يومي الجمعة والسبت الماضيين، فضلا عن تهجير سكان المنطقة إلى القرى المجاورة». كما تعرضت مناطق مسيفرة، وحراك، وبصر الحرير التي هدم جزء من منازلها جراء القصف، خلال اليومين الماضيين، لقصف عنيف بالمدافع الثقيلة وقذائف الدبابات ومدافع الهاون. أما درعا البلد، فقد شهدت حملات دهم واسعة، استهدفت الناشطين وعائلاتهم. وأفاد ناشطون في تنسيقيات درعا أمس أن القوات النظامية نفذت حملات دهم في قرى حيط والمسيفرة وسحم الجولان في ظل انقطاع في الاتصالات عن مناطقهم منذ ما بعد منتصف الليل.

لكن الخوف الذي كان سائدا قبل اندلاع الثورة، انقلب اليوم إلى الضفة الأخرى. ويمكن الاستدلال على ذلك بحجم الأخبار التي نقلها أبناء المدينة إلى أعضاء بعثة المراقبين، وعزيمتهم على تحدى القوات النظامية. وقالت مصادر المدينة إن «وجود بعثة المراقبين عزز الثقة بالجدية الدولية بالتعاطي مع الملف السوري».

وفي الشق الأمني، قالت مصادر ميدانية إن القوى الأمنية «لا تجرؤ اليوم على اقتحام شارع من غير تعزيزات أمنية كبيرة، كما أن العسكريين لا يجرؤون على الخروج من آلياتهم العسكرية، لذلك يعتمدون أسلوب القصف المدفعي لترهيب السكان وتهجيرهم من قراهم، وقد أبلغ المراقبون بتلك التفاصيل».

وكان فريق المراقبين الدوليين في سوريا قد زار درعا وبعض القرى في ريفها يوم الخميس الماضي. وصرح رئيس فريق المراقبين المغربي أحمد حميش بأن زيارة محافظة درعا جنوب سوريا «كانت بهدف اللقاء بناشطين للربط معهم».