هل بدأت الثورة المصرية في تفكيك المؤسسات الثقافية الرسمية؟

تعود ولادتها إلى الأربعينات وعصر الجماهير

TT

أدوار متعددة لعبتها «الهيئة العامة لقصور الثقافة» في مصر منذ إنشائها في عام 1945 كجامعة شعبية، وحتى تغيير اسمها إلى «الثقافة الجماهيرية»، ثم تحويلها عام 1989 إلى هيئة عامة ذات طبيعة خاصة، باسم «الهيئة العامة لقصور الثقافة»، لتتمتع باستقلال نسبي يحررها من قبضة وزارة الثقافة.

وشهدت الهيئة خلال فترة الستينات من القرن الماضي أزهى عصورها، وتحولت إلى بوتقة لملمت شتات المثقفين في كل أقاليم مصر. وشكلت الهيئة في تلك الفترة رحما للكثير من هؤلاء المبدعين، خاصة الذين ينتمون لتيار اليسار، فسعوا من خلال وجودهم بالهيئة إلى فتح حوار مجتمعي حول قضايا الوطن السياسية والاجتماعية والثقافية، وهو ما أزعج السلطات آنذاك، خشية أن تتحول الهيئة بكل قصورها وبيوتها الثقافية المنتشرة في المحافظات إلى خلايا معارضة تعمل على تقويض الحكم. لكن ذلك لم يؤثر على عمل الهيئة، رغم أنه وضع الكثير من علامات الاستفهام حول علاقة المثقفين بالسلطة الحاكمة.

وقد أنشئت الهيئة أساسا من أجل تنشيط الحركة الأدبية، وإذكاء روح البحث والإبداع، وتبني الأفكار والدراسات الحرة لدى الجماهير. وعلى مدار تاريخها تراوح هذا الدور ما بين السلب والإيجاب. وحاليا، يحتل نشر الكتب المساحة الأوسع من أنشطة الهيئة، بينما تقتصر الأنشطة الأخرى على المشاركة في المناسبات العامة، فهل تكلس عمل الهيئة ولم تعد تقوم بالدور المنوط بها، وأصبحت تحتاج إلى إعادة هيكلة، بعدما تضخم جهازها الإداري وتراكمت مساوئه وأخطاؤه، مما حدا بالكثيرين للمطالبة بإلغائها باعتبارها من مخلفات النظام الشمولي الذي انتهى، في حين يرى آخرون أن وجود الهيئة والمحافظة عليها ضرورة يفرضها الواقع الثقافي بكل أزماته وتحولاته؟! الشاعر بهاء جاهين، المشرف على الصفحة الأدبية بصحيفة «الأهرام»، يرى أن الهيئة العامة لقصور الثقافة تقوم بدور كبير للوصول إلى الجمهور «فلها أنشطة كثيرة ومتنوعة، وهي تتيح للناس شراء الكثير من كتب التراث بأسعار زهيدة، في حين أن دور النشر الخاصة تطرح الكتب بأضعاف هذه الأسعار. كما أن الهيئة تقدم خدمة جليلة للأدباء ذوي المواهب في الأقاليم، حيث تطبع لهم إبداعاتهم لكي يتعرف الناس عليهم».