الثوار السوريون غاضبون من المراقبين الدوليين

أحد المتظاهرين: قوات الأسد تقتلنا والمراقبون يتفرجون

TT

اندلعت المظاهرات في أنحاء سوريا أول من أمس وانصبّ غضب المتظاهرين على مراقبي الأمم المتحدة الذين قرروا عدم التجول أيام الجمعة وهو اليوم المعتاد للتجمعات الحاشدة التي يقمعها النظام. ورغم اتفاق وقف إطلاق النار المزعوم، عمّت أعمال العنف البلاد ومن بينها انفجار عبوة ناسفة على جانب الطريق مما أدى إلى مقتل 10 جنود في الجنوب بحسب وكالة الأنباء الرسمية، بينما أوضحت مقاطع مصورة نشرت على موقع «يوتيوب» عن مدينة حمص المنكوبة ما بها من ألسنة اللهب والدخان الأسود الكثيف الناتج عن قصف القوات الموالية للنظام لحي سكني في وسط المدينة. ونُقل على لسان العقيد أحمد حميش، الضابط المغربي، رئيس فريق طليعة المراقبين الدوليين التابع للأمم المتحدة في سوريا، في دمشق قوله إنهم سيتفادون القيام بجولات خلال يوم الجمعة وهو ما أكد شكوك الكثيرين ممن ذاقوا مرارة ظلم النظام في تمتع البعثة بأي سلطة أو نفوذ. وأضاف قائلا: «لا نريد أن نستخدم كأداة لتصعيد الموقف».

وقوبلت هذه التصريحات بدهشة من البعض خاصة في دمشق، حيث قال المعارضون للنظام إنهم واجهوا الاعتقال والقنابل المسيلة للدموع وقوات الأمن التي كانت تحاول قمع المظاهرات وكل الانتهاكات لاتفاق وقف إطلاق النار «المزعوم». من النقاط الست لخطة السلام التي تم التفاوض عليها تحت إشراف الأمم المتحدة السماح للسوريين بحرية التظاهر. وقال ياسر وهو أحد المتظاهرين ويبلغ من العمر 30 عاما في حي جوبر: «ليس لدي أي أمل في المراقبين. لماذا أتوا إلى سوريا إذا لم يتجولوا أيام الجمعة». الجدير بالذكر أن هذا الحي لا يبعد كثيرًا عن وسط دمشق وشهد اعتداء من بلطجية النظام على المتظاهرين. وقال: «لا نرى أي تغيير، فنحن نتظاهر، وقوات الأسد تقتلنا والمراقبون يتفرجون».

وكان المتظاهرون في حمص، التي تحملت أكثر من شهرين من القصف، يتمتعون بحسّ ساخر، حيث كان يظهر في بداية كل مقطع مصور لمظاهرة شخص يحمل ورقة تشير إلى المكان والزمان. وكُتب على إحدى تلك الورقات يوم الجمعة في حمص كلمات باللغة العربية تتخللها بعض الكلمات الإنجليزية: «عزيزي المراقب، نحن في الانتظار. ملحوظة: حمص مدينة في سوريا، هل يمكنك المجيء من فضلك؟».

وقال أبو عمر ناشط يبلغ من العمر 28 عامًا والذي تم الاتصال به هاتفيًا ساخرًا إن النظام السوري لم يعد يعتبر المدينة جزءا من سوريا كما يبدو من عدم عزمه احترام اتفاق وقف إطلاق النار أو سحب قواته كما هو وارد في خطة السلام. وقال: «لا تزال الدبابات تنتشر في كل ركن من المدينة، وكذلك نقاط التفتيش. ما معنى وقف إطلاق النار إذن؟».

وقال أمين عام الأمم المتحدة، بان كي مون، في خطابه إلى مجلس الأمن يوم الأربعاء إن النظام السوري رفض طلب المراقبين بزيارة حمص. وقال المتحدث باسم كوفي أنان والذي شارك في التفاوض على الاتفاق، أحمد فوزي، إن الاتفاق لا يتضمن أي بند يمنع المراقبين من التجول يوم الجمعة، لكنهم كانوا منشغلين بإعادة تنظيم أنفسهم والقيام ببعض الأعمال الإدارية خلال الأسبوع الحالي. وصل مجلس الأمن مساء الجمعة إلى اتفاق مبدئي حول قرار لزيادة عدد مراقبي التزام الأطراف بوقف إطلاق النار في سوريا من 23 إلى 300. وصرح مندوب فرنسا لدى الأمم المتحدة، غيرارد أرود، لوكالة «أسوشييتدبرس» بأن الاتفاق المقترح، الذي يجمع بين نصين متباينين مقترحين من قبل روسيا والدول الأوروبية الأعضاء في مجلس الأمن، سيُرسل إلى العواصم خلال الليل. ويعتزم المجلس عقد اجتماع في الحادية عشرة من صباح يوم السبت للتصويت على الاتفاق.

ويؤكد الخطاب الرسمي في سوريا، على الأقل على شاشة تلفزيون الدولة، أن البلاد هادئة مما يجعل الصورة تبدو مثل تلك التي تظهر على البطاقات السياحية. وظهر المصلون وهم يغادرون المساجد عائدين إلى منازلهم دون أن يشاركوا في أي مظاهرات أو احتجاجات. كذلك أذاع التلفزيون مجموعة من المقاطع المصورة الملتقطة لأنحاء مختلفة من البلاد ومن بينها مناطق ساخنة مثل حمص وحماة ودرعا لا يظهر بها أي مظاهر لاحتجاجات تماما، بل ظهرت الشوارع خالية من البشر. ربما يكون المقطع المصور الخاص بحمص من الأرشيف، حيث لم تظهر أي صور لمبانٍ متهدمة بفعل القصف، وإن لم تتعرض الأحياء التي يسكنها العلويون إلى أي هجوم من قبل النظام.

من جهتها ذكرت وكالة الأنباء السورية «سانا» مقتل 18 من أفراد الأمن في مختلف أنحاء البلاد، مشيرة إلى أن «الجماعات الإرهابية المسلحة مستمرة في تنفيذ عملياتها الإرهابية».

* شارك مراسل «نيويورك تايمز» في دمشق وهويدا سعد من بيروت في إعداد التقرير

* خدمة «نيويورك تايمز»