البرلمان المصري يطالب مفتي مصر بالاعتذار عن زيارته للقدس ويطالبه بالاستقالة

خبراء: النواب لا يمكنهم أكثر من توجيه الانتقادات له

الدكتور علي جمعة
TT

طالب نواب مجلس الشعب (الغرفة الأولى للبرلمان المصري) أمس، مفتي مصر الدكتور علي جمعة بالاعتذار رسميا عن زيارته للقدس المحتلة والمسجد الأقصى الأسبوع الماضي، فيما ذهب آخرون للمطالبة باستقالته وسط جدل كبير واستنكار أعضائه باختلاف توجهاتهم للزيارة، حيث اعتبروها تطبيعا مع إسرائيل واستمرارا لسياسة نظام مبارك.

وكان جمعة قد زار مدينة القدس الشريف الأربعاء الماضي لافتتاح كرسي الإمام الغزالي للدراسات الإسلامية بدعوة من مؤسسة آل البيت الملكية الأردنية وباعتباره أحد أمناء المؤسسة، وهو ما ووجه بانتقادات واسعة في الأوساط المصرية والعربية.

ومع استئناف البرلمان المصري لعمله أمس، انتقل الجدل لقاعات مجلس الشعب، وشن النائب السيد عسكر، رئيس اللجنة الدينية بمجلس الشعب هجوما حادا على زيارة جمعه للقدس واعتبرها تطبيعا مع إسرائيل، موضحا أن إسرائيل سوف تستفيد من هذه الزيارة إعلاميا ودعائيا، فيما طالب النائب السلفي ممدوح إسماعيل بقيام مجلس الشعب بإصدار توصية بعزل الدكتور جمعة، وقال إسماعيل إن زيارة المفتي للقدس تمت تحت قيادة جهاز الموساد الإسرائيلي، واعتبر إسماعيل أن زيارة علي جمعة خالفت الأهداف الوطنية المصرية التي جعلت من قضية فلسطين قضية مركزية وبذل فيها الآلاف دماءهم وما زال الأقصى أسيرا.

من جانبه، أوضح حسين إبراهيم، رئيس الكتلة البرلمانية لحزب الحرية والعدالة، أن جمعة لم يدرك رمزية مصر في الوطن العربي، وقال حسين «ألا يرى جمعة المصلين الذين يضربون لمنعهم من دخول الأقصى ومع ذلك يدخل القدس؟» ثم تابع: «الثورة لم تصل إلى المفتي».

وأعرب النائب السلفي أحمد عبد الله عن اعتقاده بأن زيارة جمعة تعد تكريسا لشرعية الاحتلال ورضاء بسياسة الأمر الواقع، وقال عبد الله لـ«الشرق الأوسط»: «ما يرضينا هو اعتذاره للرأي العام بعد أن يقر بخطئه» مضيفا «وإذا لم يفعل فسنسعى لإقالته».

ويقول مراقبون إن زيارة جمعة للقدس ربما تكون رسالة من المجلس العسكري مفادها أن السياسة الخارجية لمصر تجاه إسرائيل لم تتغير، خاصة أن الزيارة تأتي في الوقت الذي تسيطر فيه التيارات الإسلامية على أغلبية مقاعد البرلمان، لكن مفتي الديار المصرية دافع عن زيارته للقدس بقوله إن الزيارة شخصية وليست رسمية ولا تمثل سوى شخصه.

من جانبه، استنكر النائب أبو العز الحريري، المرشح في الانتخابات الرئاسية، زيارة جمعة للقدس، قائلا: «جمعة شخصية عامة ويجب ألا يتحجج بأن زيارته زيارة شخصية».

وتواصل الغضب الشعبي ضد زيارة جمعة للقدس، حيث نظم العشرات من مشايخ الأزهر الشريف وائتلاف القوى الوطنية والإسلامية، وقفة احتجاجية أمام دار الإفتاء بالقاهرة صباح أمس للمطالبة بعزل جمعة من منصبه.

وعلى النقيض، طالبت أصوات أخرى داخل البرلمان بالتعقل في مهاجمة جمعة، وأكدت النائبة المسيحية مارغريت عازر أن مكانة المفتي الدينية أكبر من النقد والاتهام، قائلة إن «زيارة الشيخ جمعة كانت زيارة شخصية ودينية ولا علاقة لها بالتطبيع مع إسرائيل»، وقال النائب أيمن أبو العلا إن المفتي لم يكن يقصد التطبيع وإنه قد أخطأ في الاجتهاد ويجب ألا تتم مهاجمته بتلك القسوة.

وفي بيان له، انتقد منصور حسن، وزير الإعلام والثقافة الأسبق، الهجوم الكبير الذي واجه جمعة لزيارته القدس والمسجد الأقصى، مؤكدا أن المفتي لم يخطئ. وقال حسن: «إن كل ما تتمناه إسرائيل أن يمتنع المسلمون عن زيارة المسجد الأقصى والقدس مدة طويلة فيدعون أمام العالم أن المسلمين غير مهتمين».

وأغلق البرلمان المناقشة بعد أن أعلن النائب السيد عسكر توصيات لجنة الشؤون الدينية وهي ضرورة إعلان جمعة توبته إلى الله واعتذاره للشعب المصري، ووجوب تقدمه باستقالته.

ويقول خبراء إن البرلمان المصري لن يستطيع فعل أكثر من الاستنكار والإدانة بخصوص زيارة جمعة للقدس، وقال الدكتور أحمد عبد ربه، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة: «إن التعيين والإقالة من حق رئيس الجمهورية وهو ما يجعل الأمر كله بيد المجلس العسكري حاليا». وأضاف عبد ربه لـ«الشرق الأوسط»: «لكن البرلمان يملك التصعيد ضده من خلال لجانه والاعتراض الرسمي على زيارته واعتبارها لا تمثل الشعب المصري»، حيث إن لوائحه لا تعطيه الحق في مساءلة المسؤولين التنفيذيين في الجهاز الإداري للدولة بعيدا عن الوزراء.