مصادر اسرائيلية تؤكد إلغاء مصر لاتفاق تصدير الغاز.. والقاهرة تقول إنه مجرد «تعديل»

وزير الخارجية الإسرائيلي: مصر أخطر علينا من إيران

رئيس الوزراء الاسرائيلي لدى وصوله الى مقر الحكومة في القدس المحتلة أمس (أ.ف.ب)
TT

أعلنت مصادر اسرائيلية أمس ان مصر قامت بالغاء اتفاقية تصدير الغاز لتل ابيب في خطوة مفاجئة وغير معلن عنها سابقا، في وقت اصرت مصادر مصرية على ان الخطوة تشكل «تعديلا» في الاتفاق بدلا من الغاء له.

وبينما قالت قيادات في البرلمان والحكومة بمصر لـ«الشرق الأوسط» إنه لا علم لها بالموضوع، أكد مصدر عسكري مصري مسؤول طلب عدم ذكر اسمه لـ«الشرق الأوسط» إن ما يجري هو «تعديل بعض البنود الخاصة بأسعار الغاز وفق الأسعار العالمية، وإن الاتفاقية ما زالت قائمة وما حدث هو تعديل في الأسعار فقط، وإن مصر ملتزمة بكافة الاتفاقيات والمعاهدات الدولية».

وأضاف أن البيان الصادر من الشريك الإسرائيلي لا نعلم عنه شيئا، وما يتم حاليا هو تعديل أسعار فقط. وقال شريك في اتفاق الغاز المصري الإسرائيلي أمس إن مصر ألغت الاتفاق طويل الأجل الذي كانت تزود بموجبه إسرائيل بالغاز الطبيعي بعد أن تعرض خط الأنابيب العابر للحدود لأعمال تخريب على مدى شهور منذ الثورة التي أطاحت بحكم الرئيس السابق حسني مبارك في العام الماضي. لكن مسؤولين مصريين قالوا لـ«الشرق الأوسط» إنه لا علم لهم بهذا القرار. وقال وزير في الحكومة المصرية: «ليس لدينا علم»، بينما أوضح رئيس لجنة الصناعة والطاقة في البرلمان المصري، سيد نجيدة، وهو من حزب جماعة الإخوان المسلمين أن السلطة التنفيذية التي يديرها المجلس الأعلى للقوات المسلحة لم تخطر لجنته بمثل هذا التوجه.

وأكد نبأ إلغاء الاتفاق، مصدر في الهيئة العامة المصرية للبترول، وأرجع السبب إلى الصعوبات المالية التي تواجه الهيئة، وهي مورد رئيسي للطاقة في مصر، ومملوكة بالكامل للحكومة المصرية. وأضاف أن السبب أيضا «احتياج السوق المحلية للغاز الطبيعي»، موضحا أن إبلاغ الجانب الإسرائيلي تم صباح أمس (الأحد).

وصرح رئيس الشركة القابضة للغاز بمصر (إيغاس)، محمد شعيب أن شركته والهيئة المصرية العامة للبترول ألغتا تعاقدهما مع شركة «شرق المتوسط» التي تقوم بتصدير الغاز الطبيعي لإسرائيل. وأضاف شعيب أن «الشركة القابضة المصرية للغاز والهيئة المصرية العامة للبترول كان بينهما وبين شركة شرق المتوسط عقد تجاري وتم إلغاؤه يوم الخميس لعدم التزام شركة شرق المتوسط بالشروط التعاقدية».

ومن جانبها نقلت وكالة «رويترز» عن «أمبال أميركان إسرائيل»، وهي شريك في شركة «غاز شرق المتوسط» التي تدير خط الأنابيب في بيان أن مصر أخطرتها بإلغاء اتفاق الغاز. وأضافت أن الشركة أوضحت أن «غاز شرق المتوسط» تعتبر الإلغاء غير قانوني، وطالبت بالتراجع عن القرار، مضيفة أنها و«أمبال» ومساهمين أجانب آخرين «يدرسون خياراتهم وطعونهم القانونية ويخاطبون مختلف الحكومات ذات الصلة».

وتحت عنوان «حضيض خطير آخر في العلاقات»، قالت القناة الثانية المستقلة في التلفزيون الإسرائيلي، إن مصر أبلغت إسرائيل بأنها قررت إلغاء اتفاق بيع الغاز إليها من جانب واحد، مشيرة إلى أن الإسرائيليين صدموا بالقرار، مشيرة إلى أن القرار جاء بعد يوم واحد فقط من إعلان مرشح الرئاسة المصرية عن الإخوان المسلمين، رئيس حزب الحرية والعدالة، محمد مرسي، أنه في حال فوزه بمنصب الرئاسة، سيحترم اتفاقيات كامب ديفيد وجميع ملاحقها. وقالت القناة الثانية الإسرائيلية أمس إن الحكومة المصرية أبلغت إسرائيل عن طريق شركة «إي إم جي»، وهي شركة إسرائيلية مصرية مشتركة، أنها قررت وقف عملها من جانب واحد.

ويذكر ان أحد ملاحق اتفاقية كامب ديفيد ينص على أن تبيع مصر لإسرائيل نفطا بأسعار خاصة من الآبار التي كانت إسرائيل قد طورتها فترة احتلالها لسيناء المصرية (من 1967 وحتى 1981). وعندما اكتشف الغاز، تم تعديل هذا البند بكلمات «النفط أو الغاز بأية كميات تطلبها إسرائيل». وبات الغاز المصري أكبر مصدر غاز لإسرائيل.

ومنذ سقوط نظام الرئيس حسني مبارك، تم تفجير أنبوب الغاز إلى إسرائيل (وهو نفسه المربوط بالأردن ولبنان)، 14 مرة. وتقول تقارير إسرائيلية إنه في كل مرة انقطع فيها الغاز المصري عن إسرائيل، حصلت أزمة وتم رفع أسعار الغاز والكهرباء في إسرائيل، مشيرة إلى إعلان وزارة الطاقة الإسرائيلية عن أنها لا تحتاج الغاز المصري إلا في السنة الحالية (2012)، حيث إن الآبار التي اكتشفتها إسرائيل في عمق مياهها التجارية في البحر الأبيض المتوسط، ستستخرج قبيل عام 2013، و«عندها ستصبح إسرائيل مصدرة للغاز وليست مستوردة له».

ومع ذلك أشارت وسائل إعلام إسرائيلية إلى أن وقف الغاز المصري أمس، يعتبر «ضربة سياسية» كون الموضوع مرتبطا باتفاقية السلام.

وجاء ذلك بعد ساعات من أطلاق وزير الخارجية الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، تصريحات معادية يقول فيها إن مصر أخطر على إسرائيل من إيران، وخرج «طاقم مكافحة الإرهاب» في ديوان رئيس الوزراء بتحذير خطير إلى المواطنين الإسرائيليين بأن لا يدخلوا سيناء المصرية. الأمر الذي يثير مخاوف لدى السجناء في الطرفين من إجهاض هذه الصفقة.

فقد كشفت مصادر سياسية في إسرائيل أن ليبرمان توجه برسالة رسمية إلى رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، يحذر فيها من أن الأوضاع الداخلية في مصر تشكل مصدر خطر استراتيجي على إسرائيل أكثر من الملف الإيراني. وبحسب هذه المصادر، قال ليبرمان في الرسالة وعاد لتكرار ذلك في جلسات سرية مغلقة، إن «الموضوع المصري مقلق أكثر بكثير من الموضوع الإيراني لأن الحديث يدور عن أكبر دولة عربية، لها أطول حدود مع إسرائيل تمتد على مئات الكيلومترات، ناهيك عن اتفاقية سلام لأكثر من 39 عاما». وأضاف ليبرمان إنه على ضوء التطورات في مصر يجب اتخاذ قرار سياسي شجاع بإعادة بناء قيادة عسكرية للمنطقة الجنوبية عبر إعادة تشكيل سلاح الجنوب الذي كان قد تم حله بعد اتفاقية السلام، على أن يشمل هذا الفيلق، ثلاثة أو أربعة قطاعات أو ألوية محددة للجنوب، ورصد الميزانيات اللازمة وتجهيز رد إسرائيلي لسيناريوهات مستقبلية محتملة.

وبحسب أقوال ليبرمان، فإن الفرق السبع التي أدخلتها مصر لسيناء مؤخرا لإحكام سيطرتها على شبه جزيرة سيناء ومحاربة «خلايا الإرهاب التابعة لـ(القاعدة)» لا تقوم بعملها. وأضاف: «صحيح أن هذه القوات دخلت بموافقة إسرائيلية، لكنها لا تقوم بمحاربة الإرهاب بصورة فعلية اليوم، رغم أن مصر بقيادة المجلس العسكري الأعلى. ويقول إنه «من غير المستبعد أن ينتخب في مصر رئيس جديد، يسعى لأن تخرق مصر اتفاقية السلام بصورة جوهرية وتدخل إلى سيناء قوات عسكرية حقيقية». ويعتقد ليبرمان أنه «على الرغم من الأوضاع الاقتصادية المتردية في مصر، فإن هذه الأوضاع لا توفر لإسرائيل ضمانة في كل ما يتعلق باستقرار اتفاقية السلام، فاليأس في مصر أخذ في التصاعد. واستمرار الأوضاع الحالية قد يخلق ضغطا على القيادة المصرية يدفعها باتجاه تصدير الأزمة للخارج وإسرائيل هي المرشح الطبيعي للعب دور العدو».

ومع نشر هذه التصريحات، خرج طاقم مكافحة الإرهاب في مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بأعلى درجات التحذير حول سفر الإسرائيليين إلى سيناء المصرية، قائلا إن «المنظمات الإرهابية التي تعمل هناك تواصل جهودها لشنّ عملية إرهابية ضد سياح إسرائيليين يوجدون في شواطئ شبه الجزيرة وذلك على المدى الفوري». وتدعو الهيئة جميع الرعايا الإسرائيليين الموجودين في سيناء إلى مغادرة المنطقة على الفور. وتطلب الهيئة من عائلات الإسرائيليين الذين يوجدون في سيناء بالاتصال بهم وإطلاعهم على تحذير السفر هذا.