وثائق تكشف تعاون بريطانيا واستخبارات القذافي لأقامة مسجدا للإيقاع بعناصر «القاعدة»

قيادي سابق في «الجماعة الليبية المقاتلة» لـ «الشرق الأوسط»: كنا محصنين ضد الاختراق

TT

قلل قيادي سابق من «الجماعة الليبية المقاتلة» مقيم في أوروبا لـ«الشرق الأوسط» من نجاح أجهزة أمن العقيد الليبي الراحل معمر القذافي، في اختراق جماعته، فيما أشار أصوليون في بريطانيا إلى أن محاولات لاختراق الإسلاميين في المركز الإسلامي في ديسبري بمدينة مانشستر، التي كشفت عنها صحيفة «صنداي تليغراف» أمس، تعود إلى كون جهاز الأمن الخارجي البريطاني (إم آي 6) واستخبارات نظام العقيد الليبي الراحل معمر القذافي، أقاما مسجدا للأصوليين المتطرفين في مدينة أوروبية للإيقاع بعناصر تنظيم القاعدة.

وقالت الصحيفة إن العملية المشتركة، التي شاركت فيها بريطانيا في محاولة للتوصل إلى اتفاق مع العقيد القذافي لاستئناف العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، تبين مدى استعداد أجهزة الاستخبارات السرية في بريطانيا للعمل بصورة وثيقة مع نظيرتها في نظام القذافي.

من جهته، قال لـ«الشرق الأوسط» نعمان بن عثمان، القيادي السابق عضو مجلس شورى «الجماعة الليبية المقاتلة» وكبير محللي مؤسسة «كويليام» البريطانية لمكافحة التطرف، إن «الجماعة الليبية المقاتلة» كانت محصنة ضد أي اختراق، ولدينا العديد من القصص والتجارب، وسيأتي اليوم لسردها، رغم أنه كانت هناك محاولات من أجهزة استخباراتية كانت على الهامش والأطراف، لاختراق قيادات الجماعة بعد أن تبين وجود محطات خارجية لهم في عدد من البلدان الغربية.

إلى ذلك، كشفت صحيفة «ميل أون صنداي» أمس نقلا عن وثائق سرية، أن جهاز الأمن الداخلي البريطاني (أم آي 5) زوّد عملاء الاستخبارات في النظام الليبي السابق بمعلومات استخباراتية وهواتف جوالة مؤمنة ومنزل آمن في أحد الأحياء الراقية في لندن، للتجسس على معارضيه المقيمين في المملكة المتحدة. وقالت الصحيفة إن جهاز «أم آي 5» خان معارضي نظام العقيد معمر القذافي الحاصلين على اللجوء في بريطانيا وقتها وتورط في عملية مشتركة سرية مع جواسيس ليبيين على الأراضي البريطانية، قدم لهم خلالها منزلا آمنا في حي نايتسبريدج وسط لندن، وأضافت أن «هذا الكشف غير العادي خرج من مئات الوثائق السرية التي عثر عليها في أرشيف أجهزة استخبارات نظام القذافي بعد سقوطه، وتميط اللثام عن تكتيكات التخويف والإكراه.

ونسبت الصحيفة إلى ديفيد ديفيز العضو البارز في حزب المحافظين البريطاني الحاكم قوله: «هذه الوثائق تكشف أن وكالات الاستخبارات البريطانية فضحت الناس الذين حصلوا على اللجوء في المملكة المتحدة للجهات التي هربوا منها، وهذا يمثل خيانة مقلقة لالتزامات بريطانيا وتقاليدها في حماية اللاجئين».

وأشارت الصحيفة البريطانية في تقريرها إلى أن العميل المزدوج المسمى حركيا «جوزيف»، كان مرتبطا بشكل وثيق بأحد قادة تنظيم القاعدة في العراق وتم تعريفه على أنه جاسوس محتمل لدى الاستخبارات الخارجية الليبية، ووظفه جهاز الأمن الخارجي البريطاني (إم آي 6) من دون أن يبلغ أجهزة استخبارات البلد الأوروبي الذي يعيش فيه. وقالت إنها اطلعت على وثائق أرسلها جهاز «إم آي 6» إلى موسى كوسا رئيس الاستخبارات في نظام القذافي عثر عليها في طرابلس بعد سقوطه، أعطت بيانا مفصلا عن هذه المكيدة وتوظيف العميل المزدوج جوزيف وخطط عملية المسجد.

وأضافت الصحيفة أن بريطانيا في ذلك الوقت كانت تشجع القذافي على التخلي عن برنامجه لأسلحة الدمار الشامل، ووسعت تعاونها معه ليشمل توظيف عميل لاختراق خلية تابعة لتنظيم القاعدة في مدينة أوروبية غربية لا يمكن الكشف عن اسمها لأسباب أمنية.

وقالت «صنداي تليغراف» إن عملية المسجد أديرت من دون علم الحلفاء الغربيين في المدينة الأوروبية المختارة ومن وراء ظهر أجهزة استخباراتها، ويأتي الكشف عنها في أعقاب اتهام وزير الخارجية البريطاني الأسبق جاك سترو بإعطاء الضوء الأخضر لخطة اعتقال عبد الحكيم بلحاج قائد المجلس العسكري في طرابلس وزوجته الحامل وقتها، على متن رحلة جوية لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية «سي آي إيه» وتسليمهما لنظام القذافي.

وكان بلحاج، حرك الأسبوع الماضي إجراءات قانونية في لندن ضد سترو بتهمة تسليمه إلى نظام القذافي، وقام محامون بريطانيون يمثلونه بتسليم وزير الخارجية البريطاني الأسبق أوراق الدعوى القضائية في أعقاب كشف تقارير صحافية أنه سمح بتسليمه للنظام الليبي السابق.

ويتهم بلحاج عملاء وكالة المخابرات المركزية الأميركية (سي آي إيه) باعتقاله وزوجته في تايلاند وتسليمهما إلى نظام القذافي عبر جزيرة دييغو غارسيا الخاضعة للسيادة البريطانية، ويزعم أن سترو كان متواطئا في التعذيب والمعاملة. ويقاضي بلحاج (48 عاما) وزوجته فاطمة، أيضا جهاز الأمن الخارجي البريطاني (إم آي 6) والحكومة البريطانية بتهمة تسليمهما إلى نظام القذافي عام 2004.