اليمن: مقتل العشرات في قصف جوي ومدفعي

«القاعدة» تهدد بإعدام الجنود الأسرى

قاض يمني يردد شعارات أثناء مسيرة للقضاة طالبوا فيها باستقلالية القضاء في صنعاء أمس (أ.ب)
TT

تتواصل المواجهات في جنوب اليمن بين القوات الحكومية المسنودة باللجان الشعبية وعناصر تنظيم «أنصار الشريعة» المعروف بموالاته لتنظيم القاعدة، في وقت تستمر فيه العقبات أمام استمرار التسوية السياسية في اليمن.

وقالت وزارة الدفاع اليمنية إن 13 عنصرا مفترضا من تنظيم القاعدة قتلوا في قصف مدفعي جديد على ضواحي مدينة لودر بمحافظة أبين وإن بين القتلى 3 صوماليين، وأكد مصدر في الوزارة أنه جرى توجيه «ضربات موجعة» من قبل الجيش واللجان الشعبية إلى تلك العناصر وأجبرتها على الاندحار، وحسب الوزارة فقد جرى تدمير آلية عسكرية من قبل اللجان الشعبية كان يستخدمها عناصر «القاعدة» شرق مدينة «امعين»، وأصيب في الضربة 4 من المتشددين الإسلاميين الذين يحاولون السيطرة على المدن والبلدات في محافظة أبين. في هذه الأثناء، تتواصل تهديدات عناصر تنظيم «أنصار الشريعة» أو «القاعدة» بإعدام عشرات الضباط والجنود الذين يقعون في الأسر لديهم بعد المواجهات التي دارت في الآونة الأخيرة في أبين ولحج، وحدد المتشددون مهلة إلى آخر الشهر الجاري من أجل إطلاق سراح رفاقهم المعتقلين في سجون أجهزة الأمن اليمنية، أو إعدام الجنود الأسرى، وقال شهود عيان في مدينة جعار لـ«الشرق الأوسط» إن «القاعدة» وزعت بيانا، ظهر أمس، في مساجد المدينة هددت فيه بإعدام 73 أسيرا في موعد أقصاه الـ30 من أبريل (نيسان) الجاري. غير أن مصدرا عسكريا طلب عدم ذكر اسمه قال في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط» في لندن «لا أعتقد أن القاعدة أو أنصار الشريعة بصدد تنفيذ تهديداتهم» وذكر أن «هذه الجماعة لن تقدم على ذلك في تقديري الشخصي لأنهم يدركون أن عواقب عملية كهذه سوف لن تكون سهلة»، وعلى الرغم من تأكيدات المصدر العسكري أن «عناصر أنصار الشريعة خرجوا على القيم الدينية والأعراف الاجتماعية والمبادئ الإنسانية» فإنه استبعد أن تقوم هذه الجماعة بإعدام الجنود الأسرى لديها. وأكد أن السبب وراء بيان «القاعدة» يعود «إلى الضربات القاتلة التي وجهت لهم خلال الأيام الماضية في محافظة أبين، ولذلك فإنهم يريدون ببيانهم ذلك لفت الأنظار لهم لكي تتم عملية التفاوض معهم، ثم إنهم لم يعودوا قادرين على الاحتفاظ بالجنود بسبب الضائقة الغذائية التي يمرون بها».

في السياق ذاته، تتواصل الضربات الجوية التي تستهدف عناصر تنظيم القاعدة في عدة محافظات يمنية، وقتل، مساء أمس، شخصان يعتقد بانتمائهما للتنظيم في قصف جوي استهدف سيارة في منطقة عبدان بمحافظة شبوة، كما قتل 3 من هؤلاء العناصر وجرح آخرون، مساء أول من أمس، في غارة جوية استهدفت سيارتين في محافظة مأرب بشرقي البلاد، ويعتقد خبراء في مجال محاربة الإرهاب في اليمن أن تنظيم القاعدة في اليمن مني بخسارة هي الأولى منذ تأسيسه بشكل رسمي في يناير (كانون الثاني) 2009، ويقول سعيد عبيد الجمحي، الخبير في شؤون الإرهاب لـ«الشرق الأوسط»: «نشهد هزيمة معنوية ونفسية للتنظيم، ولا نفرق بين أنصار الشريعة والقاعدة لأنني على يقين أنهما شيء واحد، وهذه الهزيمة تتمثل عسكريا بعجزهم عن اقتحام مدينة صغيرة هي الأقرب إلى مركز وجود التنظيم وهي لودر وفي وقت يمتلكون جميع أنواع الأسلحة، ما عدا الطائرات».

ويضيف الجمحي أن «القاعدة» تقاتل قتالا هجوميا وتعجز عن الاستيلاء على لودر، وأن «مؤشر التنظيم كان يتحرك إلى الأعلى والآن توقف وبدأ في الانعكاس، وكونهم يقفون أمام لودر والهزيمة معنوية وفكرية وعسكرية لأن أبناء المنطقة هم من يتصدون لهم وهم الشعب الذي يتصدى لهم، وهم من أرادوا «فتح» لودر عبر «غزوة» وفوجئوا بموقف المواطنين وتصديهم لهم وكانوا يعتقدون أنه بعد ترويجهم أن المناطق التي يسيطرون عليها كمدينة جعار تحظى بالأمان والعدل، أن لا يقاومهم المواطنون، ومع ذلك يشير إلى استمرار المساعي لإسقاط المدينة.

ويتطرق الجمحي إلى قضية اختطاف عبد الله الخالدي، نائب القنصل السعودي في مدينة عدن، ويؤكد أن عملية الاختطاف تمثل «هزيمة فكرية وشرعية لتنظيم القاعدة» لأنها «عملية ركيكة وستجعل التنظيم يدفع ثمنا أكبر من مقدار الفدية التي يطالب بها، أو موضوع مطالبته بإطلاق سراح معتقلين، لأن القاعدة تدرك أن السعودية لا يمكن أن تسلم معتقلين، ولن تفعل المملكة، والعملية ستشكل خسارة شعبية للتنظيم في اليمن والسعودية بسبب خطف رجل مدني والمساومة على حياته من أجل الابتزاز المالي أو غير ذلك، خاصة أن هناك انتقادات للقاعدة من علماء دين مؤيدين لها بسبب قتلها للجنود في جنوب اليمن، فما بالنا باختطافها لرجل مدني». من ناحية ثانية، تستمر في صنعاء الأزمة حول رفض قائد القوات الجوية والدفاع الجوي اللواء محمد صالح الأحمر، الأخ غير الشقيق للرئيس السابق علي عبد الله صالح، مغادرة منصبه بعد إقالته منه من قبل الرئيس عبد ربه منصور هادي، وتفيد المعلومات التي توردها مصادر في تكتل أحزاب «اللقاء المشترك» التي ترأس الحكومة اليمنية أن يوم أمس شهد إخراج 7 شاحنات «كراز» من قاعدة الديلمي الجوية في شمال صنعاء وهي محملة بالأسلحة وترافقها أطقم عسكرية تابعة للحرس الجمهوري بقيادة العميد الركن أحمد علي عبد الله صالح، وتحدثت المصادر لـ«الشرق الأوسط» عن تلك الشاحنات كانت تحمل مدافع من عيار «23»، فيما جرى، مساء أمس، تحميل 6 شاحنات أخرى بأسلحة قناصة وعدة أنواع من الرشاشات.

في موضوع آخر، أجرى مسؤول ألماني، أمس، مباحثات في صنعاء مع وزير الخارجية الدكتور أبو بكر القربي، وقالت المصادر إن المباحثات التي أجراها رئيس قسم الشرق الأوسط في وزارة الخارجية الألمانية، ماركوس بوتزل، تركزت على التحضيرات الجارية لانعقاد «مؤتمر أصدقاء اليمن» المقرر انعقاده في الـ23 من مايو (أيار) المقبل في العاصمة السعودية الرياض، كما تطرقت المباحثات إلى الجهود التي تبذل لبدء إجراء الحوار الوطني الشامل في اليمن والذي لم يتم تحديد موعد له، حتى اللحظة، والذي سيعقد في ضوء المبادرة الخليجية لحل الأزمة في اليمن.