أصوات مرشحة اليمين المتطرف ستحسم مصير المعركة الرئاسية في فرنسا

ساركوزي عن هولاند: «يجب أن نتناقش أمام الفرنسيين مشروعا مقابل مشروع شخصية مقابل شخصية»

TT

يبدو وضع الرئيس المنتهية ولايته نيكولا ساركوزي حرجا للغاية بحيث إن خشبة الخلاص بالنسبة إليه اسمها أصوات اليمين المتطرف. وينطلق ذلك من عملية حسابية بسيطة؛ إذ يتعين على ساركوزي أن يجتذب 23 في المائة من الأصوات «الجديدة» ليضمن الفوز. والحال، أن احتياطي اليمين التقليدي من الأصوات غير متوافر. ولا يستطيع الرئيس الحالي انتظار «الكثير» من أصوات مرشح الوسط فرنسوا بايرو الذي حصل على 3.2 مليون صوت (9.10 في المائة من الأصوات) التي تظهر استطلاعات الرأي أنها ستنقسم إلى ثلاثة أثلاث: واحد لساركوزي، والثاني لمرشح الاشتراكيين فرانسوا هولاند، والثالث للممتنعين عن التصويت. غير أن مرشحة اليمين ماري لوبين التي بنت حملتها الانتخابية على انتقاد ساركوزي وهولاند بوصفهما «وجهين لعملة واحدة»، رفضت الإفصاح عن نياتها وكشف الموقف الذي ستلتزم به في الدورة الثانية تاركة ذلك ليوم 1 مايو (أيار) بمناسبة احتفال الجبهة الوطنية التقليدي بعيد القديسة جان دارك الذي يصادف يوم عيد العمال. ودعت لوبين محازبيها إلى تجمع كبير في ساحة الأوبرا في قلب باريس لإظهار القوة السياسية الجديدة والمتنامية التي تجمعت حولها والتي تريد لها أن تكون «اللولب» الذي يتشكل حوله اليمين السياسي الجديد في فرنسا.

وأعلن ساركوزي أنه «لا بد من إعطاء رد» على أصوات ناخبي الجبهة الوطنية (يمين متطرف) التي ضاعفت عدد أصواتها تقريبا بين 2007 و2012. وصرح الرئيس المرشح لولاية ثانية أمام مقر حملته الانتخابية: «يجب احترام أصوات الناخبين ويجب الاستماع إليهم، هذه أصوات الأزمة التي تضاعفت من انتخابات إلى أخرى، علينا أن نقدم ردا لأصوات الأزمة».

ودعا ساركوزي مجددا خصمه إلى ثلاث منازلات تلفزيونية قبل الدورة الثانية في السادس من مايو (أيار).

وقال: «الآن يجب أن نتناقش أمام الفرنسيين، مشروعا مقابل مشروع، شخصية مقابل شخصية، وتجربة مقابل بتجربة، من حق الفرنسيين أن يعلموا ولا يجب على هولاند أن يتهرب».

وقد رد هولاند بأنه لن يشارك سوى في مناظرة واحدة كما جرت العادة في فرنسا بين الدورتين.

وأعلن نيكولا ساركوزي تنظيم احتفال بمناسبة عيد العمال في الأول من مايو «للذين يكدون في العمل». وقال «في الأول من مايو سننظم عيد العمل، لكن عيد العمل الحقيقي عيد الكادحين والمعرضين للصعوبات، الذين يعانون ولا يريدون أن يكسب الذين لا يعملون أكثر من أولئك الذين يعملون»، مستعيدا أحد المواضيع التي طرحها خلال حملته الانتخابية للدورة الأولى بشأن «الاعتماد على المساعدات».

ومن جهته يسعى المرشح الاشتراكي فرنسوا هولاند إلى كسب أصوات الوسط واليمين المتطرف التي ستكون مفتاح الفوز في الدورة الثانية في 6 مايو. وغداة انتخابات حققت فيها الجبهة الوطنية (يمين متطرف) بزعامة مارين لوبن نتائج تاريخية، بدأ المرشحان الأساسيان مواجهة غير مباشرة على أمل الفوز في الدورة الثانية.

وسيحاول هولاند الذي يحظى بدعم كل اليسار مع انضمام الشيوعيين وأنصار البيئة أن يجتذب أصواتا من خارج معسكره خلال تجمع في بروتانيه (غرب). وأمضى هولاند، «الواثق» من قدرته على إيصال اليسار إلى الحكم بعد غياب دام 17 عاما، قسما من الليل وهو يعد خطابه. وصرح هولاند: «لم أحقق النصر بعد لكنه قريب، ولا يبعد سوى بضعة أيام».

وسيواجه هولاند ساركوزي في الدورة الثانية التي لا تزال نتائجها غير محسومة، ولو أن المرشح اليساري يمكنه أن يعتمد على تجيير أصوات من اليسار المتطرف ومن أنصار البيئة بينما يبدو احتياطي الرئيس أقل حجما.

من جهته سيتوجه ساركوزي إلى تور (وسط) حيث يواجه معادلة صعبة في الأيام الـ15 المقبلة، إذ عليه أن يكسب تأييد ناخبي الوسط واليمين المتطرف في آن معا. أما مرشح الوسط فرنسوا بايرو الذي ركز على إلغاء ديون وإعادة إحياء القطاع الصناعي في فرنسا، فأعلن أنه سيتوجه إلى المرشحين الأساسيين وأنه سيحدد موقفه بناء على ردودهما. وكتبت صحيفة «لو فيغارو» أن «ساركوزي بحاجة إلى دفع أولا من ناخبي لوبن الذين سيجدون أنفسهم وحدهم في الدورة الثانية، وذلك على الرغم من النجاح الذي حققته مرشحتهم... وأي امتناع عن التصويت سيشكل بالطبع دفعا للمرشح الاشتراكي».

وبحسب النتائج شبه النهائية التي نشرتها وزارة الداخلية، فإن هولاند حصل على 28:63% من الأصوات أمام ساركوزي (27:08%) الذي خسر رهان حزبه بالفوز من الدورة الأولى وبالتالي الإعداد لانطلاقة جديدة بحلول الدورة الثانية. وحلت لوبن في المرتبة الثالثة مع 18:01%، يليها مرشح اليسار المتطرف جان - لوك ميلانشون (11:13%)، ومرشح الوسط فرانسوا بايرو (9:11%). ولم يتجاوز المرشحون الخمسة الباقون عتبة الـ5% ونتائجهم كالتالي: إيفا جولي (بيئة) حصلت على 2:28%، ونيكولا دوبون اينيان (سيادي) 1:80%، وفيليب بوتو (تروتسكي) 1:15%، وناتالي ارتو (تروتسكية) 0:57%، وأخيرا جاك شوميناد (مستقل) 0:25%.

وأظهرت عدة استطلاعات للرأي أجريت خلال المساء ويجب بالتالي التعامل مع نتائجها بحذر أن هولاند سيفوز في الانتخابات الرئاسية مع 53:56% من الأصوات أمام الرئيس المنتهية ولايته.

من جهته أعرب ساركوزي أيضا عن «ثقته» واقترح إجراء «ثلاث مناظرات» مع منافسه بين الدورتين تشمل «المسائل الاقتصادية والاجتماعية والشؤون الدولية». إلا أن هولاند رفض، مفضلا الاكتفاء بمناظرة واحدة كما هي العادة في فرنسا.

واعتبرت صحيفة «ليبيراسيون» أن الخيار الذي يطرح أمام الناخبين الفرنسيين الآن هو «إيجاد مخرج مشرف من الأزمات الاقتصادية والاجتماعية والأخلاقية مع إدراك ما يمكن أن يكون عليه مستقبل البلاد، بدل الاستمرار في إحياء أسطورة فرنسا التي تعيش على أمجاد تاريخها فتستعيد ماضيها وتعزز حدودها».

من جهتها شككت الصحف الأوروبية بفرص ساركوزي في البقاء في الحكم، وشددت كلها على نتائج لوبن في الدورة الأولى. واعتبرت صحيفة «ذي غارديان» البريطانية أن هولاند «يتصدر موجة اليسار»، إلا أن النتائج «المفاجئة» التي حققتها لوبن خففت من الحماس. وجاء عنوان افتتاحية الصحيفة «انتصارا حلوا مرا لليسار».

وأبدت الصحف البريطانية قلقا في حال فوز هولاند، خصوصا وأنه أعلن عن حملة على القطاع المالي. أما الصحف الألمانية فقد رأت في نتائج الدورة الأولى «تصويتا بدافع الغضب».

واعتبرت «لا ريبوبليكا» اليسارية الإيطالية أن ساركوزي «تلقى صفعة في السباق إلى الرئاسة»، وجاء عنوان صفحتها الأولى «هولاند في الصدارة وإعصار لوبن».

* المحطات المقبلة للانتخابات

* شهد يوم أول من أمس فرزا للمرشحين العشرة لسباق الرئاسة الفرنسية؛ إذ انتهت الجولة الأولى من الانتخابات بتأكيد المواجهة بين نيكولا ساركوزي و فرنسوا هولاند. وبينما حصل كل منهما على أقل من ثلث أصوات الناخبين في الجولة الأولى، فإن حصر الجولة الثانية بينهما يحتم حصولهما على نسب أعلى في الجولة المقبلة. وفي ما يلي أبرز المحطات المتبقية في السباق الرئاسي الفرنسي:

- 27 أبريل (نيسان): نشر لائحة المرشحين للدورة الثانية وبدء الحملة الانتخابية الرسمية.

- 2 مايو (أيار): الموعد المحتمل للمناظرة التلفزيونية بين المرشحين.

- 4 مايو: انتهاء الحملة الرسمية للدورة الثانية، - 6 مايو: الدورة الثانية للانتخابات الرئاسية.

- إعلان النتائج في 16 مايو على أبعد تقدير.

- قبل الخميس 17 مايو: تنصيب رئيس الجمهورية.

- 21 مايو: بدء الحملة الانتخابية للدورة الأولى للانتخابات التشريعية.

- 9 يونيو (حزيران) انتهاء الحملة الانتخابية للدورة الأولى.

- 10 يونيو: الدورة الأولى للانتخابات التشريعية.

- 11 يونيو: بدء الحملة للدورة الثانية.

- 16 يونيو عند منتصف الليل: انتهاء الحملة الانتخابية للدورة الثانية.

- 17 يونيو: الدورة الثانية للانتخابات التشريعية.