اليمن: أخو صالح ينهي تمرده ويسلم القوات الجوية.. و«الأحرار» يرحبون

مدير الـ«إف بي آي» يبحث مع الرئيس هادي التسوية السياسية والحرب على الإرهاب

رئيس اليمن هادي لدى استقباله مدير مكتب المباحث الفيدرالية روبرت مولر في صنعاء أمس (أ.ف.ب)
TT

أعلن في اليمن، أمس، عن إنهاء قائد القوات الجوية والدفاع الجوي تمرده وتنفيذه لقرار الرئيس بإقالته، في حين أجرى مسؤول أمني أميركي رفيع المستوى، أمس، مباحثات في اليمن مع الرئيس عبد ربه منصور هادي، في الوقت الذي تستمر فيه المواجهات المسلحة في جنوب اليمن مع عناصر تنظيم القاعدة.

وقالت مصادر مطلعة في القوات الجوية اليمنية لـ«الشرق الأوسط» إن اللواء محمد صالح الأحمر سلم منصبه وسلطاته إلى خلفه، وإن عملية التسليم تمت بحضور مبعوث ومستشار أمين عام الأمم المتحدة، جمال بن عمر، وعدد من أعضاء اللجنة العسكرية لإعادة الأمن والاستقرار إلى البلاد.

وأعرب «أحرار الجوية» عن سعادتهم بتنحية اللواء الأحمر، واعتبروا ذلك «نهاية لتمرده». وقال المقدم عبد الرحمن الهلالي، الناطق باسمهم لـ«الشرق الأوسط» إن قرار الإقالة كان يجب أن ينفذ، وإن الأحمر تمرد عليه لفترة. وأضاف أنه خلال فترة التمرد جرت عملية نهب واسعة النطاق لأسلحة من مخازن قاعدة الديلمي الجوية، وأكد أن لديهم أدلة دامغة تدين المتورطين في عملية النهب للأسلحة، لكنه أشار إلى أن هذا الأمر سيأتي وقت المساءلة بشأنه، خاصة أن لديهم أسماء كل من قاموا بنهب الأسلحة.

وكان اللواء محمد صالح الأحمر، وهو أخ غير شقيق للرئيس السابق علي عبد الله صالح، رفض تنفيذ قرار الرئيس عبد ربه منصور هادي بإقالته من قيادة القوات الجوية التي ظل فيها خلال قرابة 3 عقود، واعتبر رفضه تمردا على «الشرعية الدستورية». وخلال الأيام الماضية بذل المبعوث الأممي، جمال بن عمر، جهودا لإقناع الأطراف الرافضة لقرارات الرئيس هادي بتنفيذها، ولمح بن عمر إلى أنه سيرفع تقريرا إلى مجلس الأمن الدولي يحدد فيه هوية الأشخاص الرافضين للقرارات باعتبارهم متمردين.

على صعيد آخر، أجرى مسؤول أميركي بارز مباحثات في صنعاء. وذكرت مصادر أميركية أن روبرت مولر، رئيس المباحث الفيدرالية (إف بي آي) بدأ، أمس، زيارة إلى اليمن من دون أن يعلن عنها من قبل، والتقى بالرئيس عبد ربه منصور هادي. وقالت مصادر حكومية يمنية إن الزيارة تأتي في إطار متابعة الولايات المتحدة الأميركية لـ«عملية التسوية السياسية التاريخية في اليمن وكيفية المضي في ترجمتها على أرض الواقع وفقا للمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المزمنة والقرار الدولي رقم 2014 وذلك من أجل خروج اليمن من الظروف الصعبة والأزمة الطاحنة التي نشبت مطلع العام الماضي 2011».

ونقلت المصادر الرسمية عن هادي قوله، خلال اللقاء، إن «اليمن كان على مفترق الطرق على مختلف المستويات، ورجح المجتمع الدولي بأسره ضرورة خروج اليمن بحل سياسي من أجل استقراره وأمنه ووحدته وتجنيب المنطقة الاضطرابات وخلق بؤر الصراع»، واستعرض الرئيس اليمني مع مولر «جملة من المعطيات المتصلة بتلك الظروف، وكذلك ما تحقق على صعيد ترجمة التسوية السياسية في اليمن»، وقال «نحن اليوم بصدد الإعداد الملائم وتوفير متطلبات استعداد لانعقاد المؤتمر الوطني الشامل لجميع القوى السياسية والحزبية والثقافية والاجتماعية في اليمن من دون استثناء أو خطوط حمراء من شمال اليمن إلى جنوبه من شرقه إلى غربه».

ورأس مولر وفدا أميركيا رفيع المستوى إلى اليمن، وأكد للرئيس هادي أن «الولايات المتحدة ستظل داعمة وبكل قوة لمسيرة خروج اليمن إلى بر الأمان، وستقدم المساعدات الممكنة في مختلف الجوانب حتى تتحقق تلك الغايات المنشودة بصورة ثنائية ومع المجتمع الدولي كله». وتشير المصادر إلى أن اللقاء لم يقتصر على بحث الوضع السياسي في اليمن، بل شمل الهم الأبرز للولايات المتحدة وهو الحرب على الإرهاب «خصوصا ضد تنظيم القاعدة في مناطق وجوده في بعض المحافظات اليمنية وفي مقدمتها محافظة أبين وكيفية تعزيز الجهود المشتركة من أجل دحر هذه الجماعات الإرهابية التي عاثت فسادا وقتلا وإجراما بهدف زعزعة الأمن والاستقرار».

وتشير العديد من التقارير المحلية والأميركية إلى أن الولايات المتحدة كثفت من غاراتها الجوية السرية بواسطة الطائرات من دون طيار على معاقل عناصر تنظيم القاعدة في جنوب وشرق اليمن، وقد قتل، خلال اليومين الماضيين، قرابة 6 من عناصر التنظيم في غارتين نفذتا على محافظتي مأرب وشبوة.

من ناحية ثانية، ذكر مصدر عسكري يمني أن الجيش يواصل ضغطه على مقاتلي «القاعدة» في مدينة زنجبار. وقال العميد محمد الصوملي، قائد اللواء «25 ميكا» المرابط على مشارف زنجبار، في اتصال هاتفي مع الشرق الأوسط في لندن، إن «الضغط العسكري الذي واجهته (القاعدة) ألجأ مقاتليها إلى الهرب من زنجبار باتجاه مناطق أخرى في مأرب والبيضاء». وقال الصوملي «هم مهزومون، ومعنوياتهم منهارة، ونحن نواصل الضغط عليهم». وأكد الصوملي أن «الجيش يدفع بمن تبقى من المقاتلين المحتمين في المدينة للخروج عن طريق تضييق الخناق عليهم من خارجها»، مضيفا أن «الضربات الجوية والمعارك التي شهدتها لودر كان لها أثر في تغيير سير المعارك لصاح الجيش».

وكانت وزارة الدفاع اليمنية قد أعلنت، أمس، عن مقتل ما لا يقل عن 52 شخصا من مقاتلي تنظيم «أنصار الشريعة» أو «القاعدة» في المواجهات الدائرة معهم في محافظتي أبين وشبوة، وحسب الوزارة فإن قوات الجيش في زنجبار عاصمة أبين حققت «تقدما كبيرا باتجاه تطهير الأحياء التي لا تزال توجد فيها عناصر الإرهاب، حيث تمت السيطرة على عدد من المكاتب الحكومية بينها مكتبا البريد والرياضة وعدد من المنشآت». وذكرت المصادر العسكرية اليمنية أن العشرات من عناصر «القاعدة» فروا من زنجبار وعملية تطهيرها بشكل كامل باتت «مسألة وقت فقط». وأشارت المصادر إلى أن «معطيات الواقع على الأرض تسير في صالح أبطال القوات المسلحة، خاصة أن معنوياتهم القتالية مرتفعة جدا واعتمادهم أسلوب المباغتة والمفاجأة قد أثر بشكل واضح على معنويات العناصر الإرهابية وأصابهم بالذعر والخوف ودب الرعب في صفوفهم وأحدث فيهم حالة من الإرباك، إضافة إلى أن الالتفاف الشعبي حول وحدات القوات المسلحة والأمن وفي المقدمة أبطال اللجان الشعبية قد وضع تلك العناصر أمام خيارين لا ثالث لهما، وهما إما الفرار من زنجبار والمناطق الأخرى التي يوجدون فيها أو مواجهة مصير محتوم».