التأمينات المصرية تنفي رفضها الترخيص لـ8 منظمات أميركية

مستشارها القانوني: ما نشر بشأنها قديم وغير صحيح

TT

نفى الدكتور محمد الدمرداش، المستشار القانوني لوزارة التأمينات والشؤون الاجتماعية المصرية وكيل مجلس الدولة، أن تكون القاهرة قد رفضت إعطاء تراخيص لمنظمات أجنبية أو أميركية للعمل في مصر مؤخرا، موضحا أن التقارير الإعلامية في هذا الشأن استندت إلى أرقام ومعلومات قديمة. وأكد الدمرداش لـ«الشرق الأوسط» أن خمس منظمات أجنبية فقط تقدمت للحصول على تراخيص في عام 2012، وأن واحدة منها استوفت الشروط وتمت إجازة عملها في مصر. وكانت وكالة أنباء «الشرق الأوسط» الرسمية في مصر قد نشرت أن وزارة التأمينات والشؤون الاجتماعية رفضت منح تراخيص لعمل 8 منظمات أميركية مؤخرا، وهو ما أثار ردود فعل غاضبة في المجتمع المدني من تشديد القاهرة لعمل المنظمات الأهلية بعد نحو أربعة أشهر من إثارة قضية عمل منظمات أهلية أجنبية في مصر بشكل غير شرعي وتلقيها تمويلا غير قانوني، وهي الأزمة التي وترت العلاقات بين القاهرة وواشنطن لفترة وجيزة، قبل أن تقوم القاهرة بإطلاق سراح المتهمين الأجانب بالقضية مطلع مارس (آذار) الماضي.

وقال الدمرداش لـ«الشرق الأوسط»: «الأرقام المنشورة للمنظمات التي تم رفضها قديمة للغاية وتمت عبر السنوات الماضية وليس مؤخرا»، وتابع الدمرداش «أغلب تلك المنظمات رُفضت نظرا لعدم استيفائها أو مطابقتها شروط القانون المصري، كذا بعضها لاعتبارات السيادة الوطنية».

وكانت وكالة الأنباء الرسمية قد نقلت عن مصدر مصري مسؤول قوله «إن المنظمات رفضت لعدم اتفاق أنشطتها مع تحقيق الدول لسيادتها على أراضيها». وتعمل في مصر حاليا 74 منظمة أجنبية من بينها 23 منظمة أميركية استوفت شروط العمل طبقا لقانون المنظمات الأهلية المصري، وذلك وفقا للمستشار الدمرداش. وكشف الدمرداش أن خمس منظمات أجنبية تقدمت بطلبات جديدة للتصريح لها للعمل في مصر، وقال «إنه تم قبول أوراق منظمة (الحمل الصغير) الأميركية والتي تهتم بالفئات المهمشة وشؤون المرأة في الدلتا والصعيد»، وشدد الدمرداش على أنه يجري حاليا فحص ودراسة طلبات المنظمات الأجنبية ليتم البت فيها على ضوء القانون وأحكامه، موضحا أنه لم يتم رفض أي من هذه الطلبات الجديدة حتى الآن.

ويقول مراقبون إن تضييق الخناق على عمل المنظمات الحقوقية التي تهتم بفضح انتهاكات حقوق الإنسان في عهد النظام السابق استمر خلال إدارة المجلس العسكري لإدارة البلاد، خاصة بعد أن شنت القاهرة حملة واسعة ضد عمل بعض المنظمات الحقوقية في ديسمبر (كانون الأول) الماضي في ما عرف إعلاميا باسم «قضية التمويل الأجنبي لمنظمات المجتمع المدني».

ومن جانبه، أكد الدمرداش أن مصر لا تعوق عمل المنظمات بالشكل الذي يثيره الإعلام، قائلا «كل المنظمات التي تم رفضها تقوم بإثارة نعرات ومشاعر معادية للروح الوطنية، مثل شعارات المواطنة القبطية والمواطنة النوبية وهو ما يتعارض مع تماسك الدولة»، وتابع الدمرداش «بعض المنظمات المرفوضة تقوم أيضا بالدعوى لقيم وأفكار ضد أخلاق المجتمع مثل برامج تدعيم الشواذ وزواج المثليين».

ورفضت القاهرة أوراق منظمة «الكنيسة الإنجيلية الناصرية العالمية» التي تعمل في مجال الإغاثة الإنسانية، إضافة إلى «معهد الأمن الأميركي»، و«هيئة التعليم العالمي»، و«منظمة بذور السلام»، وأيضا «منظمة الأقباط الأيتام»، والتي يتركز عملها في مجال العمل الاجتماعي، وبحث سبل مساعدة الأطفال الأيتام وتحسين مستوى معيشتهم، و«جمعية قديسي الأيام الأخيرة الأميركية». ويقول مراقبون إن القاهرة تتخوف من ممارسة بعض تلك المنظمات، ومعظمها منظمات مسيحية، لأنشطة تبشيرية، وهو ما نفاه الدمرداش، مشددا على أنه لم يتم رصد أي أنشطة تبشيرية لأي منظمة أجنبية في مصر.

ويحاكم أمام محكمة الجنايات المصرية في قضية «التمويل الأجنبي لمنظمات المجتمع المدني» 43 ناشطا حقوقيا، بينهم 16 أميركيا، و14 مصريا، ينتمون إلى 5 منظمات أجنبية هي المعهد الجمهوري الأميركي، والمعهد الديمقراطي الأميركي، ومنظمة فريدوم هاوس، والمركز الدولي الأميركي للصحافيين، ومنظمة كونراد أديناور الألمانية. وأوضح الدمرداش أنه تجرى حاليا لقاءات بين أطراف حكومية وممثلي بعض تلك المنظمات لبحث حل الأزمة ببعض المرونة والتفاهم بين الطرفين، لكنه شدد على أن القاهرة لن تجيز تلك المنظمات سوى وفق القانون الجاري أو أن تنتظر لحين إقرار قانون جديد.

وقال مسؤول مصري مطلع على ملف منظمات المجتمع المدني إن قوى إقليمية ودولية تنفذ أجندات خاصة بها في مصر وتنفق ملايين الجنيهات من أجل ذلك. وقال المصدر، الذي تحدث شريطة عدم ذكر اسمه «بالطبع بعض تلك المنظمات تهدد السيادة الوطنية عبر اختراقها نسيج المجتمع المصري وتنفيذها لأجندات مختلفة على التراب المصري». وأضاف المسؤول «لم يعد هناك فكر للجاسوسية بشكلها التقليدي، ما يحدث هو اختراق المجتمعات عبر منظمات المجتمع المدني».

وبينما تقول التقارير الصحافية إنه تم رفض أوراق منظمة «كارتر» التي تهدف إلى نشر مراقبي وراصدي الانتخابات للعمل في فرق بجميع أنحاء الجمهورية لمراقبة وتقييم استعدادات ما قبل الانتخابات، قال المسؤول المصري إن منظمة «كارتر» يمكنها مواصلة عملها ومراقبة الانتخابات من دون الحصول على ترخيص بالعمل في مصر لاختلاف نشاط مراقبة الانتخابات عن فتح مكاتب للمنظمة بالقاهرة.

إلى ذلك، قالت منظمة الشرطة الدولية «إنتربول» إنها ألغت إشعارات اعتقال صادرة من مصر بحق موظفي منظمات حقوقية أميركية متهمين في قضية «التمويل الأجنبي» من قاعدة البيانات الخاصة بها على المستوى الدولي. وجاءت إزالة الأسماء بعد أن قررت المنظمة أن إدراج أسماء هؤلاء في المقام الأول كان انتهاكا للحظر المفروض من قبل الإنتربول على التورط في القضايا السياسية.