مطالبات باستقالة وزير الثقافة البريطاني بعد مثول جيمس مردوخ أمام لجنة أخلاقيات الصحافة

كشف عن تلقيه معلومات «سرية».. والمساءلة تركزت حول علاقته بالمؤسسة السياسية

جيمس مردوخ يؤدي اليمين أمام لجنة ليفيسون (أ.ف.ب)
TT

اضطر رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون أن يعلن أمس ثقته والوقوف بجانب جيرمي هانت وزير الثقافة في حكومته، الذي كان مسؤولا عن ملف صفقة الاستحواذ على تلفزيون «بي سكاي بي» بعد أن طالبت المعارضة أمس باستقالته بعد أن تبين أنه التقى جيمس مردوخ، الذي قدم له بعض المعلومات السرية بخصوص صفقة الاستحواذ. إلا أن جيمس مردوخ الذي مثل أمس أمام اللجنة ليفيسون التي أمر بتشكيلها رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون مع اندلاع فضيحة التنصت في يوليو (تموز) الماضي نفى أن تكون المعلومات التي وصلته من الوزير هانت كانت ذات قيمة لصفقة الاستحواذ. جيمس مردوخ، الابن الأصغر لروبرت مردوخ، والذي عمل رئيسا لتلفزيون «بي سكاي بي» وكذلك رئيسا تنفيذيا لمؤسسة «نيوز إنترناشيونال»، الذراع البريطانية لـ«نيوز كوربوريشن»، قبل استقالته من المنصبين خلال الأسابيع الماضية أكد خلال جلسة المساءلة أمس أمام لجنة ليفيسون، التي شكلت العام الماضي للنظر في أخلاقيات الصحافة، أنه كانت تربطه علاقات جيدة بالوزير هانت الذي أعلن أمس أنه لن يستقيل من منصبه على ضوء ما صرح به مردوخ الابن.

وقال جيمس مردوخ، الذي استقال في فبراير (شباط) الماضي من منصب الرئيس التنفيذي لمؤسسة «نيوز إنترناشيونال» إنه استقال من مناصب بارزة في بريطانيا لأنه لا يريد أن يتحول إلى «مانع صواعق» لفضيحة التنصت التي أحاطت بنشاط أفرع مؤسسة والده الإعلامية في بريطانيا. كما انسحب جيمس مردوخ بعد ذلك بقليل أيضا من منصبه كرئيس لشركة «بي سكاي بي». هذه هي المرة الثانية التي يمثل فيها جيمس مردوخ أمام لجنة بريطانية تحقق في قضايا التنصت التليفوني والتي هزت المؤسسة البريطانية قبل عام عندما اندلعت الفضيحة وتبين حجم عمليات القرصنة. كان مثوله الأول في يوليو الماضي أمام لجنة برلمانية كانت تحقق في الاتهامات التي واجهتها صحيفة «نيوز أوف ذي وورلد» وكان بصحبة والده قطب الإعلام الأسترالي الأصل روبرت مردوخ، رئيس «نيوز كوربوريشن»، المدرجة على بورصة نيويورك.

وكان قد مثل جيمس وروبرت مردوخ أمام لجنة برلمانية في لندن العام الماضي على خلفية فضيحة التنصت. ونفى بإصرار أي معرفة له بأي تنصت قامت به صحف تمتلكها «نيوز إنترناشيونال». وتمتلك «نيوز إنترناشيونال» كلا من صحيفة «تايمز» و«صنداي تايمز» و«ذا صن» في بريطانيا. في جلسة أمس كان جيمس مردوخ يجلس وحده أمام اللجنة، وتركزت الأسئلة حول علاقته بالسياسيين وصفقة «بي سكاي بي»، التي كانت تملك 39% وتحاول شراء 61% من الأسهم الباقية بمبلغ 12 مليار دولار حتى تستحوذ بالكامل على أسهمها.

التوقعات أن يمثل والده روبرت اليوم أو غدا أمام نفس اللجنة ليجيب على علاقته بالسياسيين أيضا، خصوصا بالحكومة الحالية التي وافقت على صفقة الاستحواذ، رغم الاعتراضات التي لاقتها من سياسيين ومؤسسات إعلامية، التي اعتبرتها تقويضا للعملية الديمقراطية بسبب ما قد تمارسه من احتكار وتحكم في المادة الإعلامية. إلا أن اندلاع فضيحة التنصت وتوجيه أصابع الاتهام لمؤسسات مردوخ أدى إلى اشمئزاز شعبي ورسمي وإعلامي ووضع حدا لصفقة «بي سكاي بي». كما أدى أيضا إلى إغلاق صحيفة «نيوز أوف ذي وورلد» الأسبوعية الشعبية، المتهم الرئيسي في فضيحة التنصت، بعد 168 عاما من النشر. وبعد ذلك تشكلت عدد من لجان التحقيق وتم مداهمة عدد من التنفيذيين والصحافيين الذين عملوا في مؤسسات مردوخ. وتبين أيضا أن الشرطة تحتفظ بملفات تنصت تخص أكثر من 5 آلاف شخص. وحاول مردوخ التخفيف من حدة المشكلة وتوصل إلى تسويات مالية مع عشرات من ضحايا التنصت.

واعتقل أكثر من 40 شخصا بينهم عدد من صحافيي صحيفة «صن» منذ يوليو الماضي على خلفية الفضيحة. وقالت النيابة العامة الأسبوع الماضي إنها تنظر في 11 قضية مع احتمال توجيه اتهامات جنائية. وتم الإفراج بكفالة عن كافة الذين اعتقلوا على مدار الشهور الماضية بينهم ربيكا بروكس رئيسة التحرير السابقة في صحيفة «صن» والرئيسة التنفيذية السابقة لـ«نيوز إنترناشيونال».

كما اعترف جيمس مردوخ، 39 عاما، في جلسة أمس بأنه التقى رئيس الوزراء ديفيد كاميرون على عشاء خاص وناقش معه صفقة الاستحواذ. إلا أنه قال: إنه دائما يترك الأمور السياسية لوالده ورؤساء التحرير في الصحف التي تملكها مؤسسة «نيوز إنترناشيونال».

وكان قد واجه كاميرون هجمة سياسية ومطالبات بالاعتذار بعد أن عين آندي كولسون مديرا لمكتبه الإعلامي رغم ماضيه في مؤسسات مردوخ. وقد تم اعتقاله هو الآخر من قبل الشرطة على خلفية الفضيحة ونشاطات التنصت. ومن هنا فإن التوقعات أن يواجه مردوخ الأب جلسة ساخنة مع اللجنة ورئيسها سليط اللسان اللورد ليفيسون. محطة «سكاي نيوز» التلفزيونية التابع لـ«بي سكاي بي» اعترفت بأنها مارست قرصنة التنصت في مناسبتين، لكنها دافعت عن ذلك قائلة بأنها قامت بهذا العمل المهني من أجل المصلحة العامة.

وقالت قناة «سكاي نيوز» إنها طلبت في إحدى المناسبات من أحد الصحافيين التنصت من خلال القرصنة التليفونية على أحد المشبوهين في الأعمال الإجرامية، الذي أصبح فيما بعد معروفا باسم «رجل القارب»، الذي قيل إنه اختفى مع قاربه في البحر، وكان يريد من ذلك أن تحصل زوجته على مئات الآلاف من الدولارات وهي ثمن بوليصة التأمين على الحياة. وفي الأول من أمس قالت الهيئة البريطانية «أوف كوم» التي تنظر في انتهاكات الصحافة إنها قررت النظر رسميا في الموضوع والتحقيق في هذه الانتهاكات. ورغم أن تلفزيون «بي سكاي بي» ظل بعيدا عن فضيحة التنصت، فإن برنامجا بثته هيئة «بي بي سي» قبل أسابيع أشار بأصابع الاتهام إلى أن القناة قامت بتجسس صناعي ضد منافسيها. وطالب عدد من المشرعين البريطانيين بأن تقوم الجهات البريطانية المختصة بتقصي حقيقة الاتهامات التي وجهها برنامج «بانوراما» (المختص بالتحريات الصحافية التلفزيونية) بأن مؤسسة روبرت مردوخ «نيوز كوربوريشن» تجسست على منافسيها في السوق من خلال عمليات القرصنة التليفونية. وادعى برنامج هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) الذي بث قبل عدة أسابيع، أن مؤسسة «إن دي سي» المتخصصة بالبطاقات التلفزيونية الذكية، التي كانت تملكها «نيوز كوربوريشن» وباعتها مؤخرا، استأجرت خبيرا مختصا في عمليات التشفير قام بنشر شيفرات على موقعه تخص شركة «إي تي في ديجيتال»، التي كان يملكها تلفزيون «آي تي في»، وكانت تنافس «بي سكاي بي»، التي تملك مؤسسة «نيوز كوربوريشن» فيها أكبر حصة بين المستثمرين. نشر الشيفرات الخاصة بالمؤسسة التلفزيونية المشفرة، أدى، كما جاء الاتهام من قبل معدي البرنامج الذين اطلعوا على مراسلات إلكترونية، إلى انهيار شركة «إي تي في ديجيتال» عام 2002. وكانت مؤسسة «إي تي في» البريطانية قد أنشأت «إي تي في ديجيتال» عام 1998، بوصفها مؤسسة تجارية للبث التلفزيوني المجاني.

«إي دي إس»، التي تملكها «نيوز كوربوريشن»، تمكنت من كسر شيفرة «أو إن ديجيتال» المنافسة التي تملكها شركات «إي تي في»، وهي تلفزيون «كارلتون» و«غرنادا». انهيار الشركة التابعة لـ«إي تي في» فسح المجال لتلفزيون «بي سكاي بي» للسيطرة على السوق.