«بروباغندا سورية» في مواجهة الثورة

أخبار مفبركة منها القبض على نائب متخفيا بزي امرأة.. وبارجة ألمانية في نهر الفرات

TT

وضع الناشطون السوريون إعلان «الإخبارية» السورية عن انفجار عبوة ناسفة بسيارة في دمشق يوم أمس، إضافة إلى محاولة وكالة «أنباء فارس» الإيرانية توظيف الحادثة سياسيا بتحديدها موقع الانفجار أمام المركز الثقافي الإيراني، في خانة «البروباغندا الإعلامية والاستخفاف بعقول المواطنين».

وأتت هذه الحادثة لتعود بالذاكرة إلى «فبركات» إعلامية وروايات غير قابلة للتصديق، كان النظام ولا يزال يعتمد عليها في مواجهة الثورة الشعبية وما ينقله الناشطون من أخبار ومعلومات تجري على أرض الواقع. ويأتي على رأس القائمة، الفيديو الذي كان المادة الأساسية على طاولة المؤتمر الصحافي لوزير الخارجية السوري وليد المعلم في نهاية العام الماضي، عرض خلاله مشاهد تظهر مسلحين في شمال لبنان في أحداث وقعت قبل أكثر 3 سنوات على أنها جرت في اللاذقية خلال الثورة السورية. وفي السياق الإعلامي نفسه، شكل الفيديو الذي نشره المعارضون على موقع «يوتيوب» تحت عنوان «فضيحة تفجير دمشق الميدان» في 6 يناير (كانون الثاني) الماضي، الذي يعتمد على مشاهد منتقاة من تلك التي بثها التلفزيون السوري عن طريق الخطأ، خلال نقله المباشر من الموقع بعد وقوع الانفجار، والذي اتهم فيه النظام المجموعات المسلحة والجيش السوري الحر، وأهم هذه المشاهد تلك التي رفع فيها أحد المصابين المفترضين رأسه أمام الكاميرا وطلب وقف التصوير، إضافة إلى إحضار شخص يحمل مذياعا تلفزيونيا وأكياس خضار ووضعها إلى جانب المصابين. وفي السياق نفسه، كانت قد عمدت وكالة «سانا» إلى الإعلان عن عثور السلطات الأمنية على معمل للأسلحة ضبطت فيه طائرة استطلاع وآليات عسكرية ثقيلة في حي بابا عمرو في حمص.

ولا تغيب عن لائحة الروايات المفبركة، تلك التي أطلقت على لسان أحد إعلاميي النظام السوري طالب إبراهيم، والتي قال فيها إن بارجة حربية ألمانية تسللت إلى الأراضي السورية عن طريق تركيا عبر نهر الفرات ورست مقابل مدينة الرقة بهدف توجيه الإرهابيين على شواطئ بانياس ولكن سلاح الإشارة في الجيش السوري تمكن من الدخول على الخط بين الألمان والإرهابيين وتم رصد دردشتهم بالألمانية ومن ثم الاتصال فورا بفرع التوجيه المعنوي قسم اللغات، ليؤكد لهم الفرع أن الضابط المناوب المتوفر حاليا في هو ضابط يتقن اللغة البرتغالية، ولكنه لحسن الحظ (يلطش) ألماني، وتمت الاستعانة به فورا ليكتشف حقيقة المؤامرة.

إضافة إلى هذه الروايات المصورة، يضع الناشطون الاتهامات التي يسوقها النظام بحق المعتقلين منهم، في خانة فبركات النظام عينها، والبعيدة عن المنطق أو التصديق، وكان آخرها التهمة الموجهة إلى الناشطة المسيحية يارا ميشال شماس، بأنها تنتمي إلى «السلفية الجهادية». وفي الإطار نفسه كانت رواية القبض على النائب اللبناني عقاب صقر متخفيا في زي امرأة في داخل سوريا في بدايات الثورة.

وفي تعليقه على سياسة النظام هذه أو «البروباغندا» المتبعة في مواجهة الثورة، قال عضو المجلس الوطني السوري والناشط الحقوقي عبيدة فارس لـ«الشرق الأوسط»: «لا يهدف النظام من خلال سياسة البروباغندا التي يعتمدها منذ أكثر من 40 سنة، إلى تصديق الناس له، إنما الأهم بالنسبة إليه هو أن يشكك هؤلاء في الأخبار التي ينقلها المعارضون من دون تقديم أي دليل مقنع في المقابل». ويرى فارس أن النظام يتوجه من خلال هذه الفبركات أو البروباغندا الإعلامية إلى 3 فئات، الأولى هي الفئة المحايدة في الداخل والخارج والتي مما لا شك أنها تتأثر بهذه الفبركات وتصبح غير قادرة على اتخاذ موقف صريح إلى جانب أي طرف، والثانية هي الفئة المؤيدة للثورة، وذلك بهدف إلهائهم عن قضيتهم الأساسية وجعلهم ينشغلون في البحث عن حقيقة الرواية وإثبات عدم صدقيتها، ومما لا شك فيه يبقى الهدف الأول والأخير لهذه البروباغندا السورية، هي الفئة المؤيدة للنظام في الداخل والخارج، وذلك كي تقدم لها دعما في الحجج التي يقدمونها، وإن كانت روايات سخيفة لا يمكن تصديقها. ويعطي فارس مثلا على هذا الواقع، الفيديو المفبرك الشهير الذي قدمه وزير الخارجية وليد المعلم الذي نقل عنه بعد ذلك قوله في مجلس خاص «ذلك اليوم كان أسوأ يوم في حياتي»، واتضح بعد ذلك الفبركات الفاضحة التي ارتكبها الضباط الأمنيون الذين لا يزالون ممسكين بالإعلام الرسمي ولا يزالون ينتمون إلى «عصر الانغلاق الإعلامي السوري»، حين كان النظام يعمد إلى بث الأكاذيب التي يجرؤ المواطنون على تكذيبها وتشكل دليلا أو إثباتا على خضوع المواطنين لهذا النظام. وفي حين اعتبر فارس أن الصوت الأعلى في النظام السوري هو للصوت الأمني المتحكم بألف السياسة إلى يائها، قال ساخرا «لو يأتي النظام بالمخرجين المحترفين الذين أبدعوا في إخراج الأعمال الدرامية سينتجون له أفلاما تكون على الأقل قابلة للتصديق»، مضيفا «فليعمدوا على الأقل إلى تغيير السيناريو الوحيد المعتمد، وهو تلك الانفجارات التي يضعونها في دمشق في كل مرة يكون موعد زيارة المراقبين، أو يغيروا هذا المخرج الفاشل».