رئيس الأركان الإسرائيلي يشكك في نية إيران تصنيع قنبلة نووية

سفير إيراني: قد نتخلى عن توسيع البرنامج النووي لتفادي المزيد من العقوبات

الايرانية الحائزة على جائزة «نوبل» للسلام (الثانية من اليسار) تتحدث خلال ندوة «عالم من دون سلاح نووي» في شيكاغو أمس (إ.ب.أ)
TT

شكك رئيس الأركان الإسرائيلي بيني غانتز في وجود نية لدى إيران لصنع قنبلة نووية، فيما اعتبر وزير الدفاع إيهود باراك أنها لم تقرر بعد حيازة سلاح نووي، في تصريحات تعكس تراجعا واضحا في حدة اللهجة تجاه إيران. في الوقت الذي أشار فيه كبير المفاوضين النوويين الإيرانيين السابق إلى أن إيران والدول الكبرى أمامها «فرصة تاريخية» لتسوية النزاع النووي المستمر منذ عشر سنوات. وتتناقض تصريحات رئيس الأركان ووزير الدفاع الإسرائيليين مع خطاب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الأسبوع الماضي، والذي اتهم فيه «الأشخاص الذين يرفضون التهديد الإيراني» بأنهم «لم يتعلموا شيئا من محرقة اليهود في الحرب العالمية الثانية».

وقال غانتز، في مقابلة مع صحيفة «هآرتس» أمس، إن إيران «تقترب خطوة تلو الأخرى من النقطة التي تصبح فيها قادرة على أن تقرر إن كانت تريد صنع قنبلة نووية». وأضاف «إنها لم تقرر بعد إن كانت ستقدم على الخطوة الأخيرة»، معبرا بذلك عن وجهة نظر لطالما أكدتها إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما.

وقال غانتز «إذا أراد المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي فسوف يتقدم باتجاه حيازة القنبلة النووية؛ لكن ينبغي قبل ذلك اتخاذ القرار»، وتابع «أعتقد أن هذا سيكون خطأ جسيما، ولا أعتقد أنه يريد اتخاذ الخطوة الأخيرة». وأضاف «أعتقد أن القيادة الإيرانية مؤلفة من أشخاص عقلانيين جدا»، لكنه قال «أعترف بأن وجود قدرة (نووية) مماثلة في يد متطرفين إسلاميين قد يقومون في لحظات معينة بحسابات أخرى هو أمر خطير».

وحول إمكانية توجيه ضربة عسكرية إسرائيلية للمنشآت النووية الإيرانية، أكد غانتز أن «الخيار العسكري هو الأخير زمنيا، لكنه الأول من حيث المصداقية. نحن نستعد له بطريقة ذات مصداقية، وهذه وظيفتي كرجل عسكري». وأوضح أن العقوبات الدولية المفروضة على إيران بدأت «تؤتي ثمارها من الناحية الدبلوماسية ومن ناحية العقوبات الاقتصادية».

من جهته، قال وزير الدفاع الإسرائيلي للإذاعة الإسرائيلية العامة أمس إن إيران «لم تقرر إنتاج القنابل النووية حتى الآن». وردا على سؤال حول تأثير العقوبات الدولية، أوضح باراك أنه «في حال وجود تصميم لدى الأميركيين والأوروبيين ولدينا نحن أيضا، عندها تكون هناك فرصة لإيقاف الإيرانيين قبل أن يتوصلوا إلى سلاح نووي»، مؤكدا من جهة أخرى أن «جميع الخيارات تبقى مطروحة».

وكانت صحيفة «نيويورك تايمز» سربت الشهر الماضي معلومات حول أن جهاز الاستخبارات الإسرائيلي (الموساد) يتوافق مع الموقف الأميركي حول هذه النقطة. وكان رئيس الموساد السابق مئير دغان، الذي كان مسؤولا عن «الملف الإيراني»، أعلن مرارا أنه يعارض في هذه المرحلة ضرب المنشآت النووية الإيرانية.

وبحسب مسؤول إسرائيلي كبير، رفض الكشف عن اسمه، فإن «الجنرال غانتز لا يريد أن يكرر بصوت عال وبشكل علني ما لم يتوقف المسؤولون العسكريون - ومن بينهم سلفه غابي أشكنازي - عن قوله في السنوات الأخيرة». وأضاف المسؤول لوكالة الصحافة الفرنسية أن «إيهود باراك من جهته طور موقفه ويبدو أكثر اعتدالا، ووزير الخارجية أفيغدور ليبرمان أكد مؤخرا لصحافيين إسرائيليين أنه يجب إعطاء فرصة للعقوبات الاقتصادية والضغوط الدبلوماسية».

وكان ليبرمان - المعروف بخطابه اليميني المتطرف - أشار مطلع الأسبوع إلى أن الوضع في مصر أصبح مقلقا بشكل أكبر من الطموحات النووية الإيرانية. وأضاف المسؤول نفسه «في الواقع يجد رئيس الوزراء نفسه معزولا قليلا في موضوع إيران».

وكان نتنياهو أكد أول من أمس للإذاعة «سأكون سعيدا جدا في حال دفعت العقوبات والضغوط إيران إلى التخلي عن برنامجها النووي العسكري، لكنني أكرر أنه لا يجب السماح لإيران بامتلاك السلاح النووي، ويجب أن تحافظ إسرائيل على قدرتها على الدفاع عن نفسها ضد أي تهديد وفي أي وقت».

وبينما أشارت تقارير إخبارية، أمس، إلى أن إيران تبحث عرضا روسيا بالتخلي عن التوسع في برنامجها النووي من أجل تجنب مزيد من العقوبات الدولية، قال البيت الأبيض إن طهران يجب أن تكون جادة وأن تثبت أن طموحاتها النووية ليست عسكرية.

وقال المتحدث باسم البيت الأبيض، جاي كارني، أمس، إنه «ينبغي على الإيرانيين التحدث، وأن يكونوا جادين في هذه المفاوضات الخاصة بالبرنامج النووي أو الأسلحة النووية». وأضاف: «الهدف هنا، وسياسة الولايات المتحدة، هو التركيز على ضرورة تخلي إيران عن طموحاتها النووية بطريقة يمكن إثباتها، وتظهر أن نياتهم ليست عسكرية، ثم بعد ذلك التوجه قدما (في المفاوضات)». من جهة أخرى، أعلن السفير الإيراني في موسكو، محمود رضا ساجدي، أمس، أن طهران تدرس عرضا روسيا بالتخلي عن التوسع في برنامجها النووي من أجل تجنب مزيد من العقوبات الدولية. وكان العرض قد تم إعلانه الأسبوع الماضي عن طريق نائب وزير الخارجية الروسي، سيرغي ريابكوف، وبمقتضاه يتم إعفاء إيران من عقوبات أوروبية على منتجاتها النفطية، التي من المتوقع إقرارها في يوليو (تموز) المقبل. وأفاد ريابكوف، الذي يقود حملة دولية يتزعمها الرئيس المنتخب فلاديمير بوتين من أجل حل النزاع النووي الإيراني، بأن العرض الروسي سيكون الأول في سلسلة تهدف إلى تنازلات متبادلة بين جميع الأطراف للانتهاء إلى توافق مشترك، من شأنه إماطة الشبهات والشكوك عن البرنامج النووي الإيراني.

وقال ساجدي في حوار مع شبكة «بلومبيرغ» الإخبارية: «نحتاج لدراسة هذا العرض، وعلى أسس تم وضعه.. إيران يجب أن تتأكد من أن العرض يحافظ على حقوقها في إنتاج الطاقة النووية، ورغم أن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي يصران على أن طهران تسعى إلى تصنيع قنبلة نووية، فإننا نصر على أننا نسعى إلى إنتاج طاقة كهربائية وأبحاث طبية». وأضاف ساجدي أن «إيران قد تصدق أيضا على ما يدعى (البروتوكول الإضافي)، وهذه خطوة دعا إليها مجلس الأمن في الأمم المتحدة، وتشمل عمليات تفتيش أكثر دقة للمنشآت النووية الإيرانية، كجزء من تسوية أوسع مجالا».