أزمة «تأسيسية الدستور» تراوح مكانها بعد تعثر محاولات التوافق

توقعات بتأجيل اجتماع القوى السياسية مع المجلس العسكري اليوم

TT

توقعت مصادر سياسية وبرلمانية تأجيل اجتماع المجلس العسكري مع القوى والأحزاب السياسية المصرية الذي كان مقررا عقده اليوم (الخميس)، بعد تعثر محاولات هذه القوى في التوافق فيما بينها، على حلول للأزمة السياسية الراهنة، والمتعلقة بالتشكيل الجديد للجمعية التأسيسية للدستور، بعد قرار المحكمة الإدارية ببطلان التشكيل السابق، والذي كان نصفه من أعضاء البرلمان.

وقال أعضاء بالبرلمان لـ«الشرق الأوسط»: «إن المشاورات المتعلقة بالبحث عن معايير تشكيل اللجنة التأسيسية لصياغة الدستور، ومحاولات الخروج من الأزمة التي أحاطت بالجمعية لم تخرج بشيء، وبالتالي فإن اجتماع القوى السياسية مع أعضاء المجلس العسكري لن يقدم جديدا».

وتعقد لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية بمجلس الشعب، اجتماعها الرابع، حول مناقشة المعايير الجديدة لتشكيل الجمعية التأسيسية المكلفة بكتابة الدستور مساء الأحد المقبل، بعد تأجيل اجتماعها الذي كان مقررا أمس (الأربعاء)، بسبب عطلة أعياد سيناء.

وخوّل الإعلان الدستوري الذي أصدره المجلس الأعلى للقوات المسلحة في مارس (آذار) الماضي الأعضاء المنتخبين بمجلسي الشعب والشورى انتخاب جمعية تأسيسية تضع دستورا جديدا للبلاد، دون أن يحدد كيفية الاختيار. وإثر ذلك قررت الأغلبية الإسلامية في البرلمان أن يشغل أعضاؤه نصف مقاعد تأسيسية الدستور، وهو ما أدى إلى انسحاب نحو 35 عضوا أساسيا واحتياطيا من أعضائها، ينتمي معظمهم إلى تيارات ليبرالية ومستقلين، إضافة إلى ممثلي الأزهر والكنيسة. كما جاء أكثر من 70 في المائة من أعضاء الجمعية ينتمون إلى تيار الإسلام السياسي، قبل أن يتم حلها بحكم من القضاء الإداري.

وقال الدكتور مصطفى النجار رئيس حزب العدل (الليبرالي): «لم يتم حتى الآن التأكيد على عقد الاجتماع مع العسكري ومن المتوقع تأجيله، خاصة أن القوى السياسية لم تصل إلى شيء، والبديل الآن هو التوافق على معايير تشكيل الجمعية»، ورفض النجار تدخل المجلس العسكري في الموضوع، مؤكدا أن الحل يجب أن يكون من داخل هذه القوى».

أما الدكتور عصام العريان النائب عن حزب الحرية والعدالة (الإخوان المسلمون)، فأكد أن هناك احتمالا لإتاحة المزيد من التوافق خلال الأيام المقبلة، وقد تم التوصل إلى بعض التوافقات حتى الآن لكن بشكل غير نهائي».

من جهته، أوضح الدكتور عماد جاد النائب بالبرلمان عن الحزب المصري الاجتماعي الديمقراطي، أن أهم أسباب الخلاف حتى الآن، هو أن اختيار أعضاء الجمعية يتم على أساس آيديولوجي وليس بشكل موضوعي، وأنه ما زالت قوى الإسلام السياسي تريد الأغلبية، وتشترط أن يكون التصويت داخل جمعية الدستور بأغلبية 50 في المائة + 1 وليس أغلبية الثلثين، مما يسمح لها بتمرير مواد دستورية لم تحصل على توافق مجتمعي كبير».

ورفض جاد تدخل المجلس العسكري في الأزمة عبر وضع إعلان دستوري جديد، مؤكدا أن العسكري نفسه هو سبب الأزمة منذ البداية حين صاغ المادة 60 من الإعلان الدستوري بشكل غير واضح.

وأعلن حزب التحالف الشعبي الاشتراكي رفضه المشاركة بالاجتماعات التي دعا إليها المجلس العسكري، معتبرا المجلس المسؤول عن الأزمة التي تمر بها البلاد حاليًا، بسبب أسلوبه في إدارة المرحلة الانتقالية.

وقال الحزب، في بيان له أمس إن «العسكري رفض أن تسير المرحلة الانتقالية على نحو صحيح، بإعداد دستور البلاد أولا، وأن جماعة الإخوان المسلمين تتحمل معه المسؤولية بإصرارها على مخالفة ذلك النهج».

وقال النائب عن حزب الحرية والعدالة صبحي صالح إن اللجنة التشريعية بمجلس الشعب ليس لها علاقة بما يجريه المجلس العسكري من مشاورات، وأن الكلمة الفصل ستكون للبرلمان، وأن اللجنة ستبحث عن حلول وتستمع إلى المناقشات والاقتراحات المقدمة إليها من جميع الجهات. وأعلن حزب التجمع مقاطعته للاجتماعات التي تعقدها اللجنة التشريعية لينضم إلى سبعة أحزاب منسحبة من الاجتماعات، وهي: غد الثورة، والحرية، والمواطن المصري، ومصر الحديثة، والاتحاد، والسلام الديمقراطي، والعدل، بالإضافة إلى حزب الوفد الذي قاطع اجتماعات اللجنة.

وقال نبيل زكي، المتحدث باسم حزب التجمع، إن نواب جماعة الإخوان المسلمين يتعمدون تعقيد الأمور، والتسويف وإدخال المناقشات بمتاهات حتى يظلوا متحكمين في تركيبة الجمعية.

وطالبت السفيرة ميرفت التلاوي، رئيس المجلس القومي للمرأة، بتمثيل المرأة في الجمعية التأسيسية لصياغة الدستور بنسبة لا تقل عن 30 في المائة، مشددة على أهمية التوافق كمعيار أساسي لانتخاب أعضاء الجمعية.

وقام أمس نحو 22 منظمة قبطية، و173 شخصية عامة، مسلمون ومسيحيون، بإرسال خطاب إلى كل من المجلس الأعلى للقوات المسلحة ومجلس الشعب، طالبوا فيه بألا يقل عدد الأقباط الممثلين في الجمعية التأسيسية للدستور عن 15 عضوا على أن تعين الكنائس المصرية الثلاث (الأرثوذكسية والكاثوليكية والإنجيلية) عضوا لكل منها، بينما يتم اختيار 12 عضوا من الشخصيات العامة المسيحية.

ورشحت هذه القوى 22 شخصية عامة قبطية لاختيار 15 منهم، أبرزهم الناشط السياسي جورج إسحق والقاضي أمير رمزي ونائب البرلمان الدكتور عماد جاد والمخرج السينمائي داود عبد السيد.

وقال عضو المجلس الملي العام بالكنيسة الأرثوذكسية القمص صليب متى ساويرس لـ«الشرق الأوسط»: «إن الكنيسة ليس لديها تصور عن العدد الذي يجب أن تمثل به في اللجنة، لكنها متمسكة بأن يكون تشكيل اللجنة يمثل كافة أطياف وفئات المجتمع بشكل عادل».

من جانبه، قال الدكتور محمد البرادعي رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية السابق، إن البرلمان والانتخابات الرئاسية مطعون في دستوريتهما، وأن الجمعية التأسيسية للدستور قد حكم ببطلانها. وأضاف البرادعي على حسابه الشخصي بموقع «تويتر»: «إلى أين تسيرون بالبلاد؟ لا بد أن نعود إلى رشدنا لنخرج من هذا المأزق»، مطالبا بضرورة وضع ضمانات حقيقية في الدستور الجديد لحرية العقيدة وحرية التعبير ضد الطغيان الفكري، مستطردا «الحرية جوهر الديمقراطية».

كما ناشد عمرو موسى، المرشح لرئاسة الجمهورية، عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، الأغلبية البرلمانية بالتوصل إلى توافق وطني سريع حول تكوين الجمعية التأسيسية كخطوة أولى نحو صياغة الدستور.