نقص الوقود والغاز يؤثر على مصالح الغزيين وأنماط استهلاكهم

الشوا يحذر من اشتداد الأزمة خلال الأيام المقبلة

فلسطينيون ينتظرون في طابور للحصول على غاز طهي قبل أيام («نيويورك تايمز»)
TT

طرق عبد الرحمن عودة، 52 عاما، أبواب جميع محطات بيع الغاز في المنطقة الوسطى من قطاع غزة لكي يملأ أسطوانة الغاز الخاصة بمنزله، لكنه وجدها جميعا قد أغلقت أبوابها بسبب نفاد كمية غاز الطهي في قطاع غزة منذ أيام، لأن إسرائيل لم تسمح منذ أيام بدخول أية كمية من الغاز عبر «كرم أبو سالم» الذي أعلنت عن إقفاله أمس بمناسبة الاحتفالات بقيام دولة إسرائيل حسب التقويم العبري. وقال عودة لـ«الشرق الأوسط» إن الخيار الوحيد الذي ظل متاحا أمامه له حاليا هو التوجه لبيت أخته، التي تحتفظ بأسطوانة غاز. وكما كانت عليه الحال لدى اشتداد أزمة نقص الغاز، لجأ كثير من العائلات الغزية إلى استخدام بدائل للتغلب على هذا النقص مثل أفران الطين لإعداد الخبز وطهي الطعام. وترك الواقع الجديد متمثلا في نقص الغاز أثره على أنماط الاستهلاك لدى الغزيين؛ إذ لوحظ زيادة استخدام المعلبات والألبان بدلا من الأكل الذي يعد في البيت. وقال عامر براك، من مخيم المغازي للاجئين، وسط قطاع غزة لـ«الشرق الأوسط» إنه تم اعتماد خطة في البيت لتجاوز تأثير نفاد الغاز تقوم على تناول علب الفول الجاهز في وجبة الإفطار، وعلب اللحمة أو السمك في وجبة الغذاء، والألبان في العشاء.

لكن مظاهر الأزمة الإنسانية لا تقف عند هذا الحد، بل تتعداها إلى تعاظم تأثير النقص في الوقود، في التأثير على مصالح الناس. فقد أدى النقص الكبير في وقود السيارات إلى أزمة مواصلات خانقة، إذ يضطر الغزيون للانتظار وقتا طويلا قبل أن يتمكنوا من العثور على سيارة أجرة تقلهم إلى أماكن أعمالهم أو منازلهم. والمستخدم شارع صلاح الدين، الذي يربط جنوب القطاع بشماله يلحظ الأعداد الغفيرة من المواطنين الذين ينتظرون على جانبي الطريق على أمل أن تقف سيارة أجرة لتقلهم إلى أماكن أعمالهم أو جامعاتهم. وقالت إسراء أبو سمحة، 19 عاما، الطالبة الجامعية، لـ«الشرق الأوسط» إنها تضطر للانتظار نحو ساعة قبل أن تعثر على سيارة أجرة تقلها إلى جامعتها من المنطقة الوسطى في القطاع إلى مدينة غزة. وأكدت إسراء أنها باتت تحرص على مغادرة المنزل قبل نحو ساعة ونصف من موعد المحاضرة الأولى حتى لا تتأخر عن بدء المحاضرات.

من ناحيته، قال خالد عليان، الموظف في إحدى الدوائر الحكومية، لـ«الشرق الأوسط» إن رحلة السفر للعمل هي رحلة عذاب حقيقي، بسبب الانتظار الطويل في الشارع، وحالة انعدام اليقين وعدم التأكد من إمكانية الالتحاق بالعمل في الوقت المحدد. وأشار خالد إلى أن سائقي السيارات باتوا يحرصون على تحميل عدد من الركاب أكبر من المسموح به، مما زاد من معاناة الركاب، مستدركا أنه يتم تحمل هذا الواقع من أجل ضمان تقليص عدد الأشخاص الذين يضطرون للانتظار على الشارع. ومما زاد من الضغوط على الناس أن معظم أصحاب السيارات الخاصة باتوا يتجهون إلى أعمالهم بواسطة سيارات الأجرة لأنه لا يتوفر الوقود الكافي لتشغيل سياراتهم.

وذكر محمود الشوا، رئيس «جمعية محطات الوقود» في قطاع غزة، أن أحد الأسباب التي تعوق دخول البضائع الأساسية عبر «كرم أبو سالم» يكمن في الضرائب التي تجبيها حكومة رام الله. وطالب الشوا الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) بالتدخل العاجل لإنقاذ قطاع غزة وسكانه من الأزمات المتتالية عليه، ووقف كل الضرائب التي تأخذها السلطة على البضائع والمواد التي يتم إدخالها للقطاع عبر معبر كرم أبو سالم. وحذر الشوا من أن أزمة الوقود ستشتد خلال الأيام المقبلة جراء الإغلاقات المتكررة للمعبر ومنع السلطات المصرية إدخال الوقود اللازم للقطاع عبر الأنفاق الحدودية. يذكر أن قطاع غزة يحتاج يوميا إلى 240 ألف لتر من السولار، و350 طنا من غاز الطهي.