كلينتون تحذر من استهداف السوريين الذين يتحدثون للمراقبين

أنان يقدم تقييمه لأوضاع المراقبين في سوريا إلى مجلس الأمن في الخامس من مايو

ناشط سوري يحمل لافتة كتب عليها عبارات تصف لعبة القط والفأر التي يمارسها النظام السوري مع مراقبي الأمم المتحدة، بإدلب، أمس (أ.ف.ب)
TT

طالب مجلس الأمن كوفي أنان، المبعوث الخاص للأمم المتحدة والجامعة العربية، بتقديم تقرير آخر حول الوضع في سوريا وعمل بعثة المراقبين الدوليين في الخامس من مايو (أيار) القادم، بينما بدأت تحركات أميركية فرنسية تطالب بضرورة النظر في السماح بعمل عسكري في سوريا تحت البند السابع إذا فشلت خطة أنان.

وقال عدد من الدبلوماسيين بالأمم المتحدة لـ«الشرق الأوسط) إن فترة إرسال مائة مراقب التي تستغرق شهرا قد تبدو فترة طويلة للبعض، خصوصا المعارضة السورية، لكنها منطقية إذا أخذنا في الحسبان أن إعداد بعثة مراقبين من هذا النوع يستغرق وقتا لإعداد التجهيزات الخاصة بهم، خصوصا الآليات والمدرعات والمستلزمات التي يحتاج إليها المراقبون من أجهزة رصد وتسجيل وحماية، ويستغرق النشر التام لأي بعثة مراقبة وحفظ سلام عادة عدة أشهر، حتى لو كان جانبا من هؤلاء المراقبين سيتم جلبهم من منطقة الشرق الأوسط.

وأشار دبلوماسيون إلى جنسيات المراقبين الحاليين الذين وصلوا سوريا، وأن بعضهم من غانا وإندونيسيا، إضافة إلى مراقبين من الصين وصلوا إلى سوريا مساء الثلاثاء، بينما تدرس حكومة كندا إرسال عشرة مراقبين لكنها تطالب أولا بتأكيدات لضمان أمن هؤلاء المراقبين.

وأعربت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون عن قلقها من قيام الحكومة السورية باستهداف السوريين الذين يتحدثون مع المراقبين، وقالت في مؤتمر صحافي مع نظيرها الأسترالي أول من أمس: «إن المسؤولية تقع على النظام السوري لتلبية جميع التزاماته بموجب خطة كوفي أنان والسماح للمراقبين بالتحرك في جميع أنحاء البلاد دون قيود، ونحن نعمل للمساعدة في نشر المراقبين، ونستعد لخطوات إضافية في حال استمرار أعمال العنف أو منع المراقبين من القيام بعملهم».

وحول تعرض السوريين الذين يتحدثون للمراقبين للمضايقة والاعتقال قالت كلينتون: «من المؤسف للغاية إذا كان هناك مثل هذا النوع من التخويف والمضايقة والعنف ضد هؤلاء السوريين الذين لديهم كل الحق في الاجتماع مع المراقبين ومناقشة الأوضاع معهم». وأضافت: «لا أحد سيستفيد إذا فشلت خطة أنان، الرابحون فقط هم أعداء السلام والتغيير».

كان المبعوث الخاص للأمم المتحدة والجامعة العربية كوفي أنان قد أطلع مجلس الأمن مساء الثلاثاء على تطورات الأوضاع في سوريا عبر دائرة تلفزيونية من جنيف، وقال أنان لأعضاء مجلس الأمن إن الوضع في سوريا غير مقبول وإن سوريا فشلت في الامتثال لتعهداتها بسحب الآليات العسكرية من المراكز السكنية، مطالبا بسرعة نشر الـ300 مراقب التابعين للأمم المتحدة، المكلفين بمراقبة وقف إطلاق النار. وقال: «الانتشار السريع لبعثة المراقبة أمر حاسم، لأن وصول عدد صغير من المراقبين إلى حمص أسهم في تخفيف العنف بشكل كبير». وأضاف أنان: «إن الوضع لا يخلو من المخاطر، لكننا نحتاج إلى أن يكون لنا آذان وعيون على الأرض قادرة على التحرك بحرية وبسرعة، والضغط المستمر من المجتمع الدولي أمر ضروري». وأوضح أن بعثة المراقبين تمتد فقط إلى ثلاثة أشهر ولن تكون لأجل غير مسمى.

وأعرب أنان عن قلقه من استئناف الهجمات في المواقع التي يزورها أعضاء فريق المراقبة بعد مغادرتهم. وأشار إلى تقارير عن قتال في المناطق التي لم يصل إليها المراقبون، خصوصا إدلب ودرعا، وقال: «لا يمكن للحكومة السورية أن توقف القتال في منطقة وتستأنفها في منطقة أخرى». وقال دبلوماسيون في الأمم المتحدة إن أنان كان يشعر بقدر من الإحباط، وقال أمام مجلس الأمن: «لقد تم اختبار صبرنا بشكل واسع إلى أقصى حدود الصبر».

وحول مناقشاته مع الحكومة السورية قال أنان إنه تلقى رسالة من السلطات السورية في 21 أبريل (نيسان) أكدت فيها أنها سحبت كل قواتها وأسلحتها الثقيلة من المدن السورية، وقال أنان لمجلس الأمن إنه طلب إيضاحات من دمشق حول هذا الأمر.

وقد أعرب الكثير من الدول الأعضاء بمجلس الأمن عن شكوكهم في نيات الحكومة السورية ومدى صحة البيانات التي قدمها وزير الخارجية السوري وليد المعلم لكوفي أنان حول انسحاب المعدات الثقيلة من المدن السورية.

وقال هيرفيه لادسو رئيس عمليات حفظ لسلام التابعة للأمم المتحدة إن 11 مراقبا عسكريا وصلوا إلى سوريا بالفعل، اثنان منهم يتمركزون في مدينة حمص واثنان آخران في مدينة حماه، ومع نهاية الشهر الحالي سيصل إجمالي عدد المراقبين إلى 30 مراقبا، ويرتفع العدد إلى 100 مراقب في غضون شهر، وأشار لادسو إلى أن الحكومة السورية رفضت أحد المراقبين بسبب جنسيته، حيث قالت سوريا إنها لن تقبل مراقبين ينتمون إلى أي دولة من مجموعة أصدقاء سوريا. ومن المتوقع أن يرأس الجنرال النرويجي روبرت مود البعثة القادمة، وفقا لدبلوماسيين غربيين.

وقالت سوزان رايس سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة: «إن استهداف النظام السوري لمن يتحدث مع المراقبين هو أمر شائن، لكنه ليس شيئا غير متوقع من النظام». وأكدت أن قيام دمشق بوضع قيود على جنسيات المراقبين أمر غير مقبول.

وفي سؤالها حول موقف الولايات المتحدة من استمرار الأوضاع مع ما يقوم به النظام السوري من مماطلة تشبه لعبة القط والفأر مع مجلس الأمن، قالت رايس: «لقد قالت الولايات المتحدة مرارا إن صبرنا قد نفد، واستمرار العنف على الرغم من مهلة وقف إطلاق النار في 12 أبريل هو أمر غير مقبول، ويبقى على عاتق الحكومة السورية وقف العنف، وعلى عاتق الحكومة والمعارضة الحفاظ على استمرار وقف العنف، والسماح للمراقبين بالتحرك بحرية والقيام بعملهم دون عائق».

وقال السفير الروسي فيتالي تشوركين إنه يعتبر احتمال عدم التزام دمشق بوعودها بسحب الآليات العسكرية من المراكز السكنية أمرا مثيرا للقلق، وقال: «إذا كان هذا هو الحال، وإذا وعد (الأسد) في خطابه ولم يلتزم بهذا الوعد، فأنا ذاهب لوضع هذا الأمر في مركز اهتمام موسكو». واعترف تشكورين في تصريحات للصحافيين مساء الثلاثاء ببطء عمليات نشر المراقبين، وقال: «نحن نشجع الأمم المتحدة على البحث عن بعض الوسائل غير التقليدية من أجل الإسراع في العملية».

من جانبه قال أحمد فوزي المتحدث باسم المبعوث الأممي كوفي أنان إن صور الأقمار الصناعة وتقارير موثوقة تبين أن السلطات السورية لم تقُم بسحب الآليات من المراكز السكانية، وإن وقف إطلاق النار هش للغاية، ودعا الحكومة السورية إلى سحب كل الآليات العسكرية الثقيلة من المراكز السكانية.

وقال فوزي للصحافيين مساء الثلاثاء: «إن إطلاق النار يتوقف عندما يصل مراقبو الأمم المتحدة الذين دخلوا مدينتي حمص وحماه، وعندما يغادرون فإن القصف يتجدد». وأشار إلى تحديات تواجه الوضع في سوريا، منها العدد القليل من المراقبين وتحديات بدء عملية سياسية دون أن تتوقف الأعمال القتالية بشكل كامل.

وأضاف فوزي: «كوفي أنان يشعر أننا نحتاج إلى وجود أقوى للمراقبين من أجل القدرة على الحركة والوجود في أغلب الأماكن في الوقت نفسه، ومع وجود 11 أو 12 مراقبا فقط لا يمكن أن نكون موجودين في كل مكان، وهناك كثير من المدن التي شهدت تدميرا وقتالا ويجب أن نكون موجودين فيها». وأوضح أسباب طول فترة نشر المراقبين، قائلا: «إن انتشار المراقبين يتطلب وقتا، خصوصا لأنهم بحاجة إلى معدات وسيارات وأجهزة تقنية، ونحاول إيجاد مراقبين بأسرع ما يمكن من البعثات الموجودة في منطقة الشرق الأوسط ليصل عددهم إلى 30 مراقبا بنهاية الشهر الحالي». وشدد فوزي رفض الأمم المتحدة لامتناع دمشق عن استقبال مراقبين بسبب جنسيتهم أو رفض المراقبين التابعين لدول مجموعة أصدقاء سوريا، مشيرا إلى الخبرة الطويلة التي تملكها الأمم المتحدة في مجال بعثات وقوات حفظ السلام.