إضراب عام في حماه حدادا على ضحايا القصف الصاروخي

النظام السوري يستمر في قصف قرى دير الزور ويصعد حملاته في ريف دمشق

سوري يتجول بحي بالخلدية بحمص أمس وتظهر آثار الدمار الذي خلفه قصف القوات النظامية للمنطقة (أ.ف.ب)
TT

قالت لجان التنسيق المحلية إن أكثر من 22 شخصا قتلوا في سوريا بنار قوات الأمن والجيش النظامي، أمس، 12 قتيلا منهم في دير الزور، و6 في حلب منهم واحد من دار عزة تم قتلهم أول من أمس ورمي جثتهم بأحد الطرق العامة ليجدها الأهالي أمس (الخميس)، وثلاثة قتلى في حمص، وقتيل في زملكا بريف دمشق. وكان قد عم الإضراب العام مناطق عدة في حماه حدادا على قتلى المجزرة التي ارتكبها النظام وأودت بحياة 74 قتيلا في حي مشاع الطيار، كما دعا الناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي إلى التظاهر اليوم في جمعة «أتى أمر الله فلا تستعجلوه».

وقالت مصادر محلية إن عمليات المداهمة والاقتحام تواصلت أمس في مدن وبلدات الغوطة الشرقية، وقامت قوات الأمن منذ ساعات الصباح الأولى باقتحام مدينتي دوما وحرستا بالآليات والمدرعات الثقيلة وشنت حملة مداهمات واعتقالات عشوائية طالت العشرات. وفي دوما ورغم زيارة المراقبين الدوليين لها، قال ناشطون إن الجيش النظامي اقتحم مدينة دوما وشوهدت عشر دبابات تدخل من جهة قبان بدران، وجرت حملة مداهمات عشوائية مع نهب وتخريب للمحال التجارية في حي عبد الرؤوف، وتدمير لمحال في شارع القوتلي، وذلك قبل تجمع الآليات العسكرية في ساحة جامع طه ونصب حواجز جديدة داخل المدينة، حيث فرض حصار على الأهالي ومنع الدخول والخروج منها، كما اقتحمت القوات النظامية منطقة جسر المشمش في حزة ومنطقة دف النسيم الفاصلة بين عين ترما وحزة، وسمع منذ الصباح الباكر من يوم أمس أصوات إطلاق نار كثيف في هذه المنطقة مع أصوات انفجارات قوية من جهة بلدة زملكا ومنطقة العالي بحزة ودف النسيم بعين ترما. وقال ناشطون إن قوات من الأمن والجيش النظامي معززة بالمدرعات ومضادات الطيران حاصرت مبنى 5 طبقات في منطقة الطبالة في عين ترما، احتمى فيه عدد من الجنود المنشقين، واستخدم الجيش المدنيين كدروع بشرية، لمحاصرة البناء الذي تم قصفه، بمن فيه. كما شهدت منطقة المزرعة في الغوطة الشرقية إطلاق نار كثيف، وسمع دوي عدة انفجارات جراء القصف على مناطق الغوطة الشرقية.

وفي السياق ذاته، شنت قوات عسكرية كبيرة حملة مداهمات واعتقالات في الزبداني ترافقت مع عملية تخريب وتدمير لعدد من المنازل التي تعود ملكيتها لناشطين ومعارضين. وبينما انتشرت قوات الأمن والقناصة في درعا تعرضت دير الزور حسب لجان التنسيق لقصف عنيف على قرية مومحسن ومنطقة الحاوي وبلدة البوعمر، بينما سمع إطلاق الرصاص من الرشاشات الثقيلة وكذلك أصوات القذائف في بلدة تلبيسة في ريف حمص.

وقال مجلس الثورة في مدينة حماه إن المدينة شهدت إضرابا عاما في أغلب مناطقها حدادا على أرواح ضحايا القصف الصاروخي على حيي مشاع الأربعين، ومشاع الطيار، والإعدامات الميدانية التي جرت هناك، وشهد حي الأربعين ودوار البحرة تشديدا ووجودا أمنيا كثيفا، كما خرجت مظاهرة في شارع المرابط في قلب المدينة هاجمتها قوى الأمن مما أدى إلى إصابة شاب، وخرجت مظاهرة في حي جنوب الملعب تضامنا مع حي مشاع الطيار، وحول ما حدث في حي مشاع الطيار ليل أول من أمس (الأربعاء) نقل شهود عيان من قرية براق الواقعة جنوب مدينة حماه على مقربة من «اللواء 47» التابع للجيش النظامي، أنه في نفس التوقيت الذي حصل فيه الانفجار في حي مشاع الطيار أول من أمس سمع بشكل واضح صوت إطلاق صاروخ من داخل اللواء، في شبه تأكيد منهم أن الصاروخ الذي استهدف الحي مصدره «اللواء 47». بينما اتهمت السلطات السورية «مجموعات إرهابية» كانت تصنع قنابل بأنها كانت «وراء انفجار وقع في مبنى وأسفر عن سقوط 16 قتيلا في حماه». وكانت لجان التنسيق المحلية قد قالت في وقت سابق إن صاروخا أطلقه الجيش هو سبب الانفجار وذكرت أن عدد الضحايا بلغ أكثر من 50 قتيلا. وعرض التلفزيون السوري الرسمي 4 جثث مما قال إنه انفجار حماه وكذلك لقطات لعدد من الأطفال المصابين بجروح بالغة وهم يعالجون في مستشفى ميداني. إلا أن خبراء عسكريين معارضين ردوا على تلك الاتهامات بالتوضيح أن «العبوة الناسفة يصدر عند تفجرها حريق ودخان أسود ولم يشاهد في المكان أي حريق»، وأن «العبوة الناسفة مهما كان حجمها لا يمكن أن تحدث الدمار الذي أحدثه الصاروخ»، و«الفجوة الواضحة في الصورة لا يمكن أن يحدثها انفجار عبوة ناسفة وإنما صاروخ أو قذيفة ساقطة على المكان».

وفي ريف حماه شهدت سماء بلدة السلمية تحليقا مكثفا للطيران المروحي كما شوهد عدد كبير من عناصر الأمن يدخل بلدة طيبة الإمام محملا بشاحنات، كما اقتحمت قوى النظام بلدة معرزاف وحاصرت الأهالي، بينما قام الشبيحة بإلصاق صور لبشار الأسد على جدران القرية وهددوا أهالي القرية بالقتل والاعتقال في حال إزالتها بحسب ما أفادت به مصادر محلية.

وفي حين أعلن عن وصول المراقبين أمس إلى درعا وزيارتهم مدينة دوما في ريف دمشق، للمرة الثالثة على التوالي، وانتقال عدد آخر منهم إلى محافظة السويداء جنوب سوريا حيث التقوا المحافظ وعددا من المواطنين، أعلنت الوكالة الوطنية اللبنانية للإعلام، أن «أربعة مراقبين وصلوا ليل الثلاثاء/ الأربعاء إلى سوريا، اثنان من الصين ومراقبة من إندونيسيا ومراقب من غانا ليبلغ عدد الفريق 15».

وأفاد ناشطون والمرصد السوري لحقوق الإنسان بأن القوات السورية النظامية نفذت أمس عمليات عسكرية وأمنية في عدد من المناطق السورية. وقد قامت قوات الأمن باقتحام مناطق بسطرة والبساتين في مدينة حرستا، في ريف دمشق، مدعومة بالمدرعات والأسلحة الثقيلة وشنت حملة مداهمات واعتقالات. وفي مدينة دوما نفذت قوات الأمن حملة مداهمات رافقها تخريب للمنازل والمحال التجارية ومحاصرة المشافي.

وفي هذا السياق، قال عضو الهيئة العامة للثورة السورية في ريف دمشق، أحمد الخطيب، لوكالة الصحافة الفرنسية، إن مدينة دوما «تتعرض لليوم الرابع على التوالي لنيران القوات النظامية في ظل إغلاق المدينة بشكل كامل منذ الصباح ومنع الدخول والخروج منها، وقطع كامل للاتصالات والإنترنت والكهرباء عن معظم مناطقها منذ ثلاثة أيام». وأكد أن «العمليات العسكرية مستمرة أيضا في حرستا»، مشيرا إلى أن «نيران النظام تستهدف المنطقة بين برزة وحرستا» التي تبعد نحو عشرة كيلومترات عن مركز العاصمة.

وفي حلب، قتل مواطنان في بلدة مارع إثر إطلاق النار عليهما من قبل مسلحين موالين للنظام، وفقا للمرصد السوري، بينما قال المتحدث باسم اتحاد تنسيقيات حلب، محمد الحلبي، إن «الحملة العسكرية للقوات النظامية تجددت قبل يومين على مناطق في ريف حلب الشمالي منها أعزاز وتركمان بارح ومارع ودير جمال، بعدما كانت توقفت إثر إعلان وقف إطلاق النار».

وأضاف الحلبي «في هذه الأثناء تشهد مدينة حلب حملة اعتقالات لم يسبق لها مثيل، أسفرت عن توقيف العشرات من الأشخاص، وذلك في ظل عدم توقف المظاهرات الطلابية صباحا ومظاهرات الأحياء مساء، والتي باتت قوات الأمن تواجهها بشكل مستمر بإطلاق النار».

وفي محافظة دير الزور، قتل مواطن إثر إطلاق نار من رشاشات ثقيلة وسقوط قذائف «هاون» على قرية موحسن من قبل القوات النظامية التي تحاول اقتحامها، بحسب المرصد السوري، في حين قالت لجان التنسيق إن مناطق في درعا شهدت انتشارا أمنيا كثيفا، بينما سمعت أصوات إطلاق نار كثيف من الرشاشات الثقيلة في مدينة داعل.

من جهتها، أعلنت لجان التنسيق عن سماع دوي ثلاثة انفجارات بالتزامن مع إطلاق نار كثيف في غوطة دمشق، إضافة إلى دخول عشر دبابات واقتحام دوما في ريف دمشق.

وأعلنت لجان التنسيق أيضا أن قوات الأمن عمدت إلى إطلاق النار على مظاهرة في شارع المرابط في حماه قرب ساحة العاصي تزامنا مع إضراب عام حدادا على أرواح قتلى المجزرة التي وقعت هناك. بينما استمرت عمليات الدهم وسرقة المنازل والممتلكات الخاصة من قبل قوات الأمن السورية والشبيحة في بعض مناطق إدلب، وإطلاق نار عشوائي وكثيف على المنازل والمارة في شارع التكايا في دير الزور.

من جهة أخرى، تداول ناشطون سوريون على مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو يظهر عددا من قوات الأمن السورية تقوم بدفن مواطن سوري وهو حي. وأظهرت لقطات الفيديو التي تم تصويرها عن قرب، أحد الأشخاص مدفونا حتى رأسه في التراب، ويقف حوله مجموعة من قوات الأمن السورية ترتدي الزي العسكري، ثم يقوم أحدهم بتسليم قائد المجموعة ما كان بحوزة هذا الشخص من بطاقة هوية وكاميرا، ويخبره بأنهم قبضوا عليه أثناء تصويره لهم بتلك الكاميرا، مشيرا إلى أن الشاب من منطقة القصير. ثم يظهر الفيديو القائد وهو يشتم المواطن السوري قبل أن يأمر قوات الأمن بدفنه حيا في الرمال، قائلا «اطمروه يا رجال.. اطمروه».

وعندما بدأت قوات الأمن في دفن الشاب أخذ يردد الشهادتين، إلا أن قائد المجموعة كان يأمره أن يقول: «قل لا إله إلا بشار»!