وزيرا العدل السعودي والبريطاني يتباحثان حول آليات إدارة شؤون العدالة

استعرض مع أعضاء البرلمان المبادئ القضائية والانتقادات التي توجه للتشريع الجنائي الإسلامي

وزير العدل السعودي الدكتور محمد بن عبد الكريم العيسى خلال لقائه مع وزير العدل البريطاني كينيث كلارك في مقر وزارة العدل البريطانية أول من أمس (تصوير: حاتم عويضة)
TT

بحث الدكتور محمد بن عبد الكريم العيسى، وزير العدل السعودي، مع نظيره وزير العدل البريطاني كينث كلارك، آليات إدارة شؤون العدالة ورؤيتها في البلدين، إضافة لعدد من المواضيع الإجرائية والتقنية وتبادل الخبرات.

واستعراض الطرفان خلال الزيارة التي قام بها الدكتور العيسى، بحضور الأمير محمد بن نواف بن عبد العزيز، سفير خادم الحرمين الشريفين لدى المملكة المتحدة، لوزارة العدل البريطانية في لندن، التجربة السعودية والبريطانية في عدد من المواضيع، ومنها ما يتعلق بالبدائل المتاحة لفض المنازعات وأبرزها التسوية والتحكيم وإمكانية الاستفادة من خبرة الجانبين فيهما بما في ذلك تبادل المعلومات وتقييم التجارب وبالأخص ما يتعلق بالعوائق القانونية والتطبيقية.

وقدم الدكتور العيسى لنظيره البريطاني ومساعديه شرحا عن النظام القضائي في المملكة من الناحيتين الإجرائية والموضوعية، وآليات العمل المتطورة من خلال استخدام التقنية في المحاكم وكتابات العدل، شارحا أهم معالم مشروع خادم الحرمين الشريفين لتطوير مرفق القضاء الذي كان محل التقدير والثناء من الجانب البريطاني الذي رأى فيه أنموذجا يستحق التقدير لتطوير إجراءات العدالة.

وتناول اللقاء تنظيمات وآليات العمل بالمحاكم وتدريب القضاة ومعاونيهم، واستعراض بعض مواد نظام المرافعات والإجراءات الجزائية والمحاماة، وبحث إمكانية مرافعة مكاتب المحاماة البريطانية للدفاع عن حقوق الشركات البريطانية أمام القضاء السعودي. وبين أن مكاتب المحاماة البريطانية يمكن لها التحالف مع مكاتب المحاماة السعودية، وأن تحضر المرافعة وتدون كل ما تريد من المذكرات والدفع والدفوع، غير أنها بموجب قانون المحاماة السعودي لا بد أن تكون أمام القضاء باسم المحامي السعودي، وأن هذا أقرب للجانب الشكلي فالمحامي البريطاني حاضر بفاعلية تامة في كل مجريات القضية، وكأنه حقيقة هو محامي القضية، وبهذا تتحقق مصلحة الجانب البريطاني تماما، كما تتحقق مصلحة إرادة المنظم السعودي في وطنية الترافع أمام القضاء السعودي.

وتفهم الجانب البريطاني هذا الأمر مع وعد بإمكانية دراسة تمكين المحامي البريطاني من الترافع في القضايا البريطانية. وأشار وزير العدل إلى أن هذا عائد للمنظم السعودي وهو الذي يقدر ويقرر الأفضل في هذا الأمر من وجهة نظره واختصاصه، مفيدا بأن هذا الترتيب لا تنفرد به المملكة العربية السعودية بل هو موجود في عدد من الدول، وهناك من يبرر هذا الترتيب بأن توطين المحاماة لا ينفصل عن توطين القضاء وعلاقته بالجوانب السيادية، على أساس أن المحاماة جزء لا يتجزأ من مكونات العدالة، مثلما أن القضاء المكون الرئيسي لها فهي منظومة واحدة ومترابطة وتوطين المحاماة والحالة هذه له علاقة في عدد من القراءات بعلاقة توطين القضاء، وعلى الأقل فإن هذه الرؤية تمثل فلسفة حرية بالنقاش والتفهم وتدل على اهتمام الدولة بشأن المحاماة كما هو اهتمامها بشأن القضاء على حد سواء؛ فالقضاء لا نقاش في أهمية توطينه لعلاقته بالشأن السيادي، فكلمة القضاء ذات طابع سيادي والمحاماة على طريق القضاء، ويكفي أنها باتفاق الحقوقيين القضاء الواقف والشريك الأهم في إيصال العدالة. وأشاد وزير العدل البريطاني بما أوضحه الدكتور العيسى من برامج التطوير والتحديث في القضاء والتوثيق، معربا عن أمله في مواصلة تبادل الزيارات وتعزيز التعاون في خدمة شؤون العدالة.

عقب ذلك، زار وزير العدل بصحبة سفير خادم الحرمين الشريفين لدى المملكة المتحدة، البرلمان البريطاني في لندن التقى خلالها عددا من أعضاء البرلمان.

وفي بداية الزيارة تجول وزير العدل بصحبة الأمير محمد بن نواف بن عبد العزيز في أقسام البرلمان، واستمعا لشرح من عضو البرلمان رئيس لجنة الصداقة البرلمانية البريطانية - السعودية دانيال كافتشينسكي، عن الهيكلة التنظيمية للبرلمان، مبينا أن البرلمان يتشكل من ثلاثة عناصر (الملكة، ومجلس العموم، ومجلس اللوردات) تجتمع في المناسبات ذات الأهمية.

وأوضح رئيس لجنة الصداقة أن مهام البرلمان تتمثل في تمرير القوانين، وتوفير سبل لتنفيذ عمل الحكومة من خلال التصويت، ومراقبة سياسة الحكومة وإدارتها بما في ذلك تقديم مقترحات فيما يتعلق بالإنفاق، ومناقشة القضايا الرئيسية المستجدة.

عقب ذلك، حضر الوزير وسفير خادم الحرمين الشريفين لدى المملكة المتحدة جانبا من جلسة الأسئلة والأجوبة التي يوجهها أعضاء البرلمان لرئيس وزراء بريطانيا، ديفيد كاميرون.

ثم عقد العيسى جلسة نقاشات مطولة مع عدد من أعضاء البرلمان البريطاني تناولت الكثير من المواضيع المتعلقة بجوانب العدالة والحقوق، ومنها استعراض عدد من المبادئ القضائية، وكذلك التشريع الجنائي الإسلامي، والانتقادات التي يطرحها البعض حول بعض أحكامه.

وقد أجاب العيسى عن كل الاستطلاعات الحقوقية والقانونية، وأبدى البرلمانيون تفهمهم في هذا، وثمنوا من جانب آخر تطوير وتحديث الجوانب الإجرائية في تطوير مرفق القضاء في إطار مشروع الملك عبد الله لتطوير مرفق القضاء، مشيدين بدور المملكة وثقل مركزها الدولي، مقدرين أهمية المعلومات التي قدمها لهم وزير العدل، التي أجابت على ما طرحوه من أسئلة واستفسارات. وأكدوا أهمية مثل هذه الزيارات ودورها الفاعل في العلاقة بين البلدين، وشرح الكثير من القضايا التي تتطلب أمثال هذه النقاشات والحوارات المفتوحة والشفافة لتقريب وجهات النظر وإزالة الكثير من الأطروحات في الرؤية المقابلة. وكان من بين المناقشات المطروحة الحكم بالقصاص وأسلوب تنفيذه وإشهاره، ومحْرم المرأة وذمتها المالية وحرية حركتها وتجارتها وإشرافها على شؤونها ووصولها للقضاء، والدعم التشريعي في ذلك، ووضوح الأحكام القضائية ونشرها، وإمكانية المناقشات المفتوحة مع قيادة الفعاليات الدينية في المملكة في نطاق حوار الحضارات وأتباع الأديان والثقافات، والتفسير الإسلامي من خلال الرؤية الشرعية في المملكة العربية السعودية لشرعية أماكن العبادة وعدم التعرض لها خاصة في ظل وجودها خارج المملكة، ورؤية المملكة تجاه الآراء الدينية الأخرى، لا سيما في جوانب الاتجاهات الفقهية في التعامل مع مفهوم السياق الإسلامي في نص القرآن الكريم ونص السنة النبوية، كما شملت المناقشات عددا من المحاور، منها الرقابة الشرعية والنظام الاقتصادي في الإسلام والآراء الفقهية المتعددة فيه، والتفسيرات الشرعية الإسلامية في الكليات والجزئيات واجتهاد القاضي.