جدل دستوري في مصر بعد قرار «اللجنة العليا» إعادة ترشيح شفيق للرئاسة

الخبراء اتفقوا حول وجود حالتين تؤديان إلى بطلان نتائج الانتخابات

جدران الشوارع في مصر تحولت إلى وسيط إعلامي مستجد لكل التيارات قبيل البدء في الانتخابات الرئاسية (رويترز)
TT

أثار قرار اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية في مصر بشأن إعادة الفريق أحمد شفيق، رئيس الوزراء الأسبق، إلى سباق الانتخابات المقرر إجراؤها نهاية الشهر المقبل، جدلا واسعا بين فقهاء القانون ونواب البرلمان والقوى السياسية في البلاد. خاصة أن اللجنة استبعدته قبل يومين، عقب تصديق المجلس العسكري الحاكم على قانون يمنعه من مباشرة حقوقه السياسية.

وكان البرلمان قد أقر قبل نحو أسبوع تعديلا على قانون مباشرة الحقوق السياسية يقضي بمنع مباشرة الحقوق السياسية لكل من شغل خلال السنوات العشر الأخيرة، منصب رئيس الجمهورية، أو نائب الرئيس، أو رئيس الوزراء، أو رئيس الحزب الوطني (المنحل)، أو أمينه العام، أو من كان عضوا في مكتبه السياسي، أو أمانته العامة، وذلك لمدة عشر سنوات.

واستمعت اللجنة العليا للانتخابات إلى فريق دفاع شفيق مساء أول من أمس، وأصدرت قرارها بإعادته إلى قائمة المرشحين التي باتت تضم 13 مرشحا، وإحالة قانون مباشرة الحقوق السياسية للمحكمة الدستورية، بعد أن رأت فيه اللجنة شبهة عدم الدستورية. وتتكون اللجنة العليا من خمسة قضاة لا يحق الطعن على قراراتهم بموجب المادة 28 من الإعلان الدستوري المعمول به حاليا في البلاد.

وتوقف فقهاء القانون أمس أمام عدة قضايا أثارها قرار اللجنة بإعادة شفيق، أولها حق اللجنة في نظر التظلم الذي قدمه شفيق أول من أمس. حيث قال البرلماني عصام سلطان، وهو محامي وصاحب مشروع تعديل قانون مباشرة الحقوق السياسية، إنه «ليس من حق اللجنة نظر التظلم أصلا، لأن باب نظر التظلمات قد تم إغلاقه بالفعل». وتقدم سلطان أمس بدعوى قضائية ضد رئيس اللجنة العليا للانتخابات اعتراضا على قبول اللجنة تظلم شفيق.

وينص الجدول الزمني الذي أعلنته اللجنة في وقت سابق على أن موعد التظلم من قرارات الاستبعاد يكون خلال يومي 14 و15 من الشهر الحالي (السبت والأحد قبل الماضيين)، على أن يكون البت في التظلم خلال 24 ساعة. واستندت اللجنة في قراراها بنظر تظلم شفيق إلى المادة 29 من قرار عملها، والذي ينص على أن من حق المستبعد التظلم على قرار استبعاده خلال 48 ساعة من إخطاره.

ونشرت اللجنة العليا أمس في جريدتين قوميتين واسعتي الانتشار القائمة النهائية للمرشحين في الانتخابات الرئاسية، وجاءت القائمة خالية من اسم المرشح أحمد شفيق، الذي لم يكن قد صدر له قرار الإعادة. وهو ما علق عليه الفقيه الدستوري الدكتور محمد نور فرحات بقوله إن الأمر يمكن اعتباره «خطأ ماديا لا تأثير له».

وتجاوزت الاعتراضات حدود الإطار الشكلي إلى جوهر عمل اللجنة، حيث قال المستشار زكريا عبد العزيز إن «اللجنة العليا لجنة إدارية وليست جهة قضائية، ولا يحق لها بموجب هذه الصفة إحالة قانون مباشرة الحقوق السياسية إلى المحكمة الدستورية العليا».

وأيد البرلماني عصام سلطان، ما ذهب إليه المستشار زكريا، وأوضح سلطان وهو رئيس الكتلة البرلمانية لحزب الوسط أنه لا يحق إحالة قانون إلى الدستورية العليا إلا في حالة وجود دعاوى قضائية وليس تظلما على قرار إداري.

لكن الفقيه الدستوري محمد نور فرحات أوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «اللجنة قدرت أنها بمثابة محكمة وليست مجرد لجنة إدارية، وهو ما يعطيها الحق في إحالة القانون إلى المحكمة الدستورية»، وتابع: «وتكون المحكمة الدستورية العليا هي المعنية بالفصل فيما إذا كانت اللجنة العليا بمثابة محكمة أم لا».

وأضاف فرحات أن اللجنة بعد أن اعتبرت نفسها بمثابة محكمة استعملت حقها المنصوص عليه في المادة 29 فقرة (أ) من قانون المحكمة الدستورية العليا، بإحالة قانون مباشرة الحقوق السياسية إلى المحكمة الدستورية بعد أن رأت فيه شبهة عدم الدستورية.

وطال الجدل الدستوري مدى صحة إجراء الانتخابات الرئاسية في ظل هذا الجدل القانوني. واتفق الفرقاء على أنه إذا ما صدر حكم من الدستورية العليا بـ«دستورية قانون مباشرة الحقوق السياسية، تصبح الانتخابات باطلة»، سواء في حالة فوز شفيق في الانتخابات أو خسارته بعد حصوله على عدد كبير من الأصوات، فيما أوضح فرحات أنه إذا حصل شفيق على عدد قليل من الأصوات أو غير مؤثر يمكن أن يخضع بطلان الانتخابات لتقدير الدستورية العليا.

وأضاف فرحات أن الانتخابات الرئاسية تبطل أيضا في حال رفضت المحكمة الدستورية العليا نظر القضية، إذا ما قدرت أن اللجنة العليا للانتخابات ليست بمثابة محكمة وأنها مجرد لجنة إدارية لا يحق لها إحالة القانون. وتابع: «كان الأوفق للجنة أن توقف انتخابات الرئاسة لحين الفصل في القضية المنظورة أمام الدستورية العليا». وفضلت اللجنة المضي في الانتخابات الرئاسية، قائلة إنها «قبلت تظلم شفيق لتحصين الانتخابات من الطعن على شرعيتها».

وتحتاج المحكمة الدستورية العليا إلى 45 يوما قبل الفصل في دستورية القانون، وهو ما يعني أن الانتخابات الرئاسية ستكون قد جرت بالفعل حيث ستجري المرحلة الأولى للانتخابات يومي 23 و24 مايو (أيار) المقبل، وتجري الجولة الثانية يومي 16 و17 يونيو (حزيران) إن لم يحسم أحد المرشحين الانتخابات من الجولة الأولى.