هل السينما آخر معاقل «الليبرالية» المصرية بعد الثورة؟

زوبعة محاكمة الفنان الشهير عادل إمام

عادل إمام (إ.ب.أ)
TT

زوبعة محاكمة الفنان الشهير عادل إمام، بدت مثيرة لاهتمام الشارع المصري والعربي بمختلف تنوعاته الاجتماعية والثقافية. فالسياق الذي سيقت فيه التهم تجاه الفنان الشهير، تركزت في تهم عادة ما ترددها التيارات الإسلامية ذات الطبيعة الحركية.

ولكن يظل السؤال الأبرز الذي يظهر بعد هدوء هذه الزوبعة والحكم بنقض الدعوى الموجهة لإمام، هو حول ما إذا كانت السينما المصرية ستفقد المعقل الأخير لـ«الليبرالية» المتمثل في السينما، مع صعود نجم الأحزاب الإسلامية بعد الثورة المصرية؟

يقول الدكتور رفعت السعيد لـ«الشرق الأوسط»: «السينما المصرية لم تكن مجرد ثقافة ليبرالية للمصريين وحدهم، بل كانت رافعة ثقافية للعالم العربي ككل في مرحلة من المراحل، وهي بالتأكيد تحمل فكرا ليبراليا يغيظ الحركات المتأسلمة».

والحال أن جانبا من قيمة السينما يكمن في أنها أحد أرقى أشكال التواصل والتوجيه الجماعي للجماهير، وهذا ما لا يتوفر عادة إلا للحركات الإسلامية من خلال منابر الجمعة وغيرها من المناشط، التي تحوي في طياتها شكلا من أشكال التوجيه الجماهيري.

يقول الكاتب علي سالم: «الصراع بين هذه الأحزاب الإسلامية والفن بكل أنواعه، هو صراع ممتد يكسب فيه الجميع جولات ويخسر جولات أخرى».

ويزيد: «الشعب المصري مرتبط بالسينما لأنها تمثل في جانب ما قدرتنا على تصور شكل الدولة الحديث والمدني، هذا التوتر الحاصل في المفاهيم حول الفن، لن يساعد على الإبداع».

وبالعودة للسعيد، وهو بالمناسبة مؤلف عدة كتب تتحدث عن الليبرالية المصرية، يضيف: «هذه الدعاوى على الفنانين هي امتداد لاتجاه عام بعد الثورة لقوى رجعية تحاول السيطرة على الفن المصري، العمل الحقيقي الآن يجب أن يكرس من جميع القوى الديمقراطية لحماية حرية التعبير والتفكير والفن بأنواعه والأدب بتفرعاته».

جدير بالذكر في هذا السياق، أن السينما المصرية الحديثة، ما فتئت تشير بشكل ما إلى حالة رثاء للطبقة الليبرالية التي بدأت تتآكل على المستوى الاجتماعي، وتمثلت هذه النظرة في العديد من الأفلام والمسلسلات التلفزيونية.

ولكن كيف يمكن تصور نتائج سياق الصراع الليبرالي - الإسلامي المتمثل في صراعات الأحزاب المصرية حول نتاج السينما الإبداعي؟ كإجابة يذكّر السعيد بأن «فترة جمال عبد الناصر التي حملت تعليمات تحظر التدخل في السياسة، وتتعمد تجاهل قضايا ليبرالية الطرح في بعدها الاجتماعي والاقتصادي، أدى ذلك لتحول مركز صناعة السينما لبيروت، وربما لو تم تضييق الخناق اليوم من قبل هذه الأحزاب الدينية مرة أخرى، ستعود السينما المصرية لتبحث عن مركز صناعة جديد في الخارج في بيروت، وربما تركيا هذه المرة».

رمزية محاكمة الفنان عادل إمام، شغلت الرأي العام العربي بكل أطيافه، و«مصر الثورة» بات الجميع يراقب تحولاتها بحذر واهتمام كبيرين.