انفجار يهز قلب دمشق.. وعشرات الآلاف يتظاهرون في جمعة «أتى أمر الله فلا تستعجلوه»

المتظاهرون طالبوا المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته لحماية من تبقى من السوريين

لافتة وجهها المحتجون لبعثة المراقبين تقول «يا لجنة أنان نرجو عدم زيارتنا.. لقد أصبحت مصدر قتلنا» (أ.ف.ب)
TT

في أول جمعة يختبر فيه المراقبون الدوليون نبض الشارع السوري، هزّ أكثر من انفجار العاصمة دمشق وبالتحديد حي الميدان وحي الصناعة كما مدينة بانياس الساحلية، في وقت خرج فيه آلاف السوريين في مظاهرات في مختلف المناطق والمحافظات في يوم جمعة «أتى أمر الله فلا تستعجلوه».

وهز قبل ظهر أمس انفجار قوي وسط العاصمة السورية دمشق، أوقع عددا كبيرا من الضحايا بين قتيل وجريح. وأفاد التلفزيون السوري الرسمي أن «الانفجار الذي وقع في حي الميدان قرب جامع الإمام زين العابدين في وسط العاصمة السورية، نفذه إرهابي بعملية انتحارية وأوقع 11 قتيلا، اثنان منهم أشلاء و28 جريحا، من المدنيين وقوات حفظ النظام». وهذا الانفجار هو الثاني الذي يستهدف نفس المنطقة منذ نحو 4 أشهر، حيث ضرب انفجار سابق الموقع في السادس من يناير (كانون الثاني) الماضي.

وذكر التلفزيون السوري أن فريقه الإعلامي «تعرض لإطلاق نار خلال تصوير مكان الانفجار الذي وقع بجانب جامع زين العابدين في حي الميدان». كذلك أفادت الإخبارية السورية عن «وقوع انفجار آخر تحت جسر كلية الزراعة في منطقة العدوي الواقعة في أطراف العاصمة دمشق». وفي وقت لم تفد عن وقوع إصابات. أعلنت «الهيئة العامة للثورة السورية»، أن «سيارة مفخخة انفجرت صباحا بحي الصناعة بدمشق موقعة ضحايا»، بينما ذكرت شبكة «شام» (المعارضة) أن «الانفجار أوقع قتلى وجرحى، وأن سيارات الإسعاف هرعت إلى المنطقة بعدما طوقتها قوى الأمن».

وكانت المعارضة السورية تحدثت عن «إجراءات أمنية مشددة فرضتها قوات الأمن السورية، حيث أقفلت الطرق الرئيسية وأقامت الحواجز، لمنع وصول المتظاهرين إلى نقاط تجمّع محددة في وسط العاصمة بهدف تنظيم مظاهرة ضخمة بوجود المراقبين، وتؤدي إلى إحراج هذا النظام».

وأفاد ناشطون عن وقوع انفجار كبير قرب جامع الفرقان في مدينة بانياس الساحلية، فيما تحدث المرصد السوري لحقوق الإنسان عن انفجار عبوة ناسفة أسفرت عن إصابة ثلاثة من عناصر الأمن.

أوضح عضو المكتب السياسي في «المجلس الوطني السوري» أحمد رمضان، أن «النظام السوري علم أن الناشطين والثوار سيستفيدون من وجود المراقبين، ويحاولون إقامة نقاط ارتكاز لهم داخل مدينتي دمشق وحلب بهدف انطلاق مظاهرات ضخمة في المدينتين». وأكد لـ«الشرق الأوسط»، أن «قوات هذا النظام وضعت مخططا يقوم على منع وصول المتظاهرين إلى هذه المراكز، فكان التفجير الذي وقع في حي الميدان وسط دمشق، والذي حمل رسالة مزدوجة، الأولى موجهة إلى الثوار بعدم التجمع تحسبا لتفجيرات قد تقع في أي وقت، والثانية موجهة إلى المراقبين الدوليين، تحذرهم من أن حياتهم ستكون في خطر إذا فكروا الدخول إلى أي منطقة تشهد مظاهرات وتحركات شعبية».

وقال رمضان «نحن في حرب مع هذا النظام حول سيناريوهات السيطرة على الأرض، وسبق لنا أن أطلعنا المراقبين على مخططات النظام السوري التضليلية، وما يقوم به يوميا من أجل إفشال مهمتهم، ومنها رسائل التفجيرات، وخداعهم عبر تحويل رجال الأمن إلى رجال شرطة، وتشكيل فرق موت تتولى قتل وإعدام الناس، وهو نفس الأسلوب الذي سبق لإسرائيل أن استخدمته مع الناشطين الفلسطينيين، من أجل أن لا يتحمّل هذا النظام (السوري) مسؤولية هذه الجرائم والمجازر أمام المراقبين والمجتمع الدولي». مؤكدا أن «التفجيرات التي تحصل بين وقت وآخر هي من إعداد وتنفيذ قوات النظام التي تلصق المتفجرات بسيارات عادية تقلّ ركابا مدنيين وتفجرها عن بعد، وهو ما قاموا به اليوم (أمس) حيث ذهب الضحايا من المدنيين الأبرياء».

وأضاف «الدليل على تنفيذ الأمن السوري لتفجير حي الميدان، هو وجود سيارات الإسعاف في نفس المنطقة قبل وقوع الانفجار، ووجود أعداد كبيرة من عناصر الأمن قرب المكان، ووصول هؤلاء الأمنيين قبل المدنيين إلى حيث وقع التفجير ومنعهم الناس من الاقتراب». وشدد رمضان على أن «هذه الرسائل الأمنية الخطيرة التي ترسل عبر السيارات المدنية، هي من صنع هذا النظام وأدواته الأمنية وهو وحده من يتحمّل مسؤوليتها». وتظاهر عشرات الآلاف من السوريين يوم أمس في جمعة «أتى أمر الله فلا تستعجلوه» لمطالبة المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته في حماية «من تبقى من المدنيين» والتدخل لإسقاط نظام الرئيس بشار الأسد بحسب لافتات رفعها متظاهرون في أكثر من منطقة، وقال ناشطون إن شخصا قتل وأصيب ثلاثة آخرون برصاص قوات الأمن لدى تفريق مظاهرة خرجت في حي الصاخور في مدينة حلب - شمال - كما قتل ثلاثة من عناصر الأمن إثر استهداف سيارتهم في منطقة الأنصاري بحلب التي شهدت مظاهرات حاشدة تعد الأكبر منذ بدء الثورة لا سيما في حيي الشعار ومساكن هنانو، وتمت مواجهة المظاهرات بإطلاق النار والقنابل المسيلة للدموع مع شن حملات اعتقال عشوائية. وقالت الهيئة العامة إن ثلاثة قتلى سقطوا برصاص قوات الأمن وجيش النظام، أحدهم في بابا عمرو بمدينة حمص واثنان في مدينة دوما بريف دمشق يعمل أحدهما بمنظمة يونيسيف التابعة للأمم المتحدة ويدعى طلال عبد الوهاب حمزة وقتل برصاص قناص. كما أفادت الهيئة العامة للثورة عن وقوع انفجار ضخم أمام مسجد الصحابة في بلدة الصنمين بدرعا تبعه إطلاق نار كثيف من الحواجز الأمنية. وفي حلب، أفادت الهيئة عن سقوط إصابات بينهم نساء وأطفال جراء قصف قوات النظام لبلدتي حيان وبيانون بريف حلب، كما أفاد ناشطون بسقوط قتيل وجرحى في إطلاق نار كثيف بحي الصاخور بمدينة حلب.

وقال عضو اتحاد تنسيقات الثورة محمد الحلبي إن مدينة حلب شهدت مظاهرات في عدة أحياء جوبهت جميعها بإطلاق الرصاص والغاز المدمع على المتظاهرين، مشيرا إلى اعتقال أكثر من أربعين شخصا منذ ما بعد صلاة الجمعة.

وفي محافظة إدلب، ودائما بحسب الهيئة العامة للثورة، أطلقت قوات النظام الرصاص والغاز المدمع على المتظاهرين أمام عدة مساجد أثناء خروجهم للتظاهر، كما شنت قوات الأمن حملة دهم واعتقالات في حيين بمدينة اللاذقية وعدة أحياء بمدينة جبلة الساحليتين على البحر الأبيض المتوسط.

وبالتزامن، تحدث ناشطون عن أن قوات الأمن أحرقت الملعب الكروي في مدينة حمص وبالتحديد في حي دير بعلبة، وقالوا إن القناصة أطلقوا الرصاص بغزارة وبشكل عشوائي في حي الغوطة، في حين تعرضت منطقة الحولة بريف حمص لقصف بالرشاشات الثقيلة والهاون بشكل عشوائي لمنع الناس من الخروج لصلاة الجمعة.

وقالت لجان التنسيق المحلية إنه وفي دير الزور، شنت قوات الأمن حملة اعتقالات عشوائية وإطلاق رصاص لمنع وصول المتظاهرين للساحات بعد مظاهرات عمّت الأحياء.

ومن دوما، في ريف دمشق تحدث عضو مجلس قيادة الثورة محمد دوماني لـ«الشرق الأوسط» عن أن «قوات الأمن حاصرت يوم أمس معظم المساجد في المدينة وبالتحديد قطنا ومعضمية الشام والكسوة منعا لخروج المظاهرات»، لافتا إلى أنّها «أطلقت النار بشكل مباشر وكثيف على المنازل والمارة في زملكا، في وقت خرجت فيه المظاهرات في عربين والسيدة زينب وبيت سحم، كما في حرستا وداريا وقارة ووادي بردى والهامة ومعربا والتل والزبداني ويبرود والضمير والمقيليبة وعربين».

وعن تفاصيل المظاهرات التي عمّت أنحاء سوريا أمس، قال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن إن «عشرات الآلاف من الأشخاص تظاهروا يوم أمس الجمعة في أكثر المناطق السورية». وقال المتحدث باسم اتحاد تنسيقيات حلب محمد الحلبي إن آلاف الأشخاص خرجوا في مظاهرات عدة جابت شوارع المدينة، وتراوحت أعداد المشاركين فيها بين المئات والآلاف، وسجلت أكبر المظاهرات في حيي الشعار ومساكن هنانو، وأكّد الحلبي أن «أغلب المظاهرات ووجهت بإطلاق رصاص على وقنابل مسيلة للدموع واعتقالات عشوائية».

وفي الريف الحلبي، «عمت المظاهرات أغلب المدن والقرى» بحسب الحلبي.

وقال المرصد إن مواطنا قتل وجرح ثلاثة آخرون برصاص قوات الأمن التي أطلقت النار لتفريق المتظاهرين في حي الصاخور في حلب كما قتل ثلاثة من عناصر الأمن إثر استهداف سيارتهم من قبل مسلحين مجهولين في حي الأنصاري حلب. وفي حماه التي شهدت أسبوعا داميا، خرجت وبحسب الناشطين، مظاهرات في أحياء المدينة، لا سيما حي المشاع الذي تعرض لقصف من القوات النظامية قبل يومين أسفر عن مقتل وجرح العشرات. كما خرجت مظاهرات في مختلف بلدات وقرى الريف، بحسب ما أفاد المكتب الإعلامي لمجلس الثورة في حماه. وأظهر أحد مقاطع الفيديو التي بثها ناشطون متظاهرين في حي الملعب في حماه وهم يحملون لافتة كتب عليها «فقط في سوريا لجنة المراقبين عون للظالمين».

وفي ريف دمشق، أفاد المرصد عن «استشهاد مواطن في قرية دف الشوك إثر إطلاق النار من قبل القوات النظامية السورية على متظاهرين». وأفاد عضو لجان التنسيق المحلية في الزبداني محمد فارس عن خروج «مظاهرة حاشدة بعد صلاة الجمعة تنادي بإسقاط النظام وتهتف للمدن المحاصرة والمعرضة للحملات الأمنية الشديد» مشيرا إلى أن ذلك جاء «رغم انتشار الأمن الكثيف في الشوارع وتقطيع الأوصال بين أحياء الزبداني وانتشار حواجز الجيش في كل مكان».

وفي بيت سحم، بيّن شريط فيديو مظاهرة عبر فيها المشاركون عن تضامنهم مع المدن المنكوبة حيث أظهرت لافتة «اقصفونا واتركوا حمص ودوما» وثانية «أيها المراقبون الدوليون كفاكم متاجرة بدماء شعبنا».

وأفادت اللجان في دمشق عن «خروج مظاهرة حاشدة من جامع السيد أحمد في القدم، أطلق الأمن النار باتجاهها كما شن حملة اعتقالات عشوائية». كما خرجت مظاهرة قبل صلاة الجمعة قرب جامع الفاتح في منطقة اللوان في حي كفرسوسة تهتف للمدن المنكوبة. وفي شرق البلاد، أظهرت عدة شرائط فيديو بثها ناشطون على موقع «يوتيوب» عشرات المتظاهرين في عدد من أحياء مدينة دير الزور منها الجبيلة والحميدية وحي المطار. كما أفادت اللجان عن خروج مظاهرة حاشدة انطلقت وسط مدينة الدرباسية وأخرى في عامودا ذات الغالبية الكردية والتابعة لمدينة الحسكة «تطالب بإسقاط النظام». كما خرجت عدة مظاهرات في عدة أحياء من مدينة القامشلي والبوكمال. وفي ريف إدلب (شمال غرب)، بيّن شريط مظاهرة جرت في جسر الشغور غلب الفتيان على مشاركيها وهم يهتفون «لا إله إلا الله والشهيد حبيب الله، لا إله إلا الله والأسد عدو الله». كما خرج عشرات المتظاهرين تتبعهم مظاهرة نسائية في حاس منددة بالموقف العربي وهم يحملون لافتات كتب عليها «كلهم يا سوريا باعوكي كلام والشعب يريد إسقاط النظام» و«خذلتونا يا عرب».

كما بينت إحدى اللافتات تحذيرا كتب عليه «تحذير.. أي بروتوكول جديد يؤدي إلى انقراض الشعب السوري» ولافتة ثانية كتب عليها بالانجليزية «يا لجنة أنان نرجو عدم زيارتنا لقد أصبحت مصدر قتلنا». وفي شمال البلاد، أفادت لجان التنسيق عن خروج مظاهرة من مسجد عثمان بن عفان في الرقة قامت قوات الأمن والشبيحة بتفريقها.

وكانت لجان التنسيق المحلية قد تحدثت عن توثيق 462 حالة قتل منذ بدء مهمة المراقبين يوم 16 أبريل (نيسان) الجاري، بينهم 34 طفلا.

وتقول الشبكة السورية لحقوق الإنسان إن مختلف المدن والمحافظات شهدت ما لا يقل عن 112 خرقا لخطة المبعوث الدولي العربي المشترك إلى سوريا كوفي أنان بإطلاق نار مباشر وقصف مدفعي من قبل قوات الجيش الحكومي على المتظاهرين السلميين، مما أدى إلى سقوط قتلى وجرحى واعتقال مئات الأشخاص.