وزير الدفاع السوداني يشكك في القدرات العسكرية لجنوب السودان

سلفا كير ينفي وجود انقلاب ضده ويصف البشير بالمجرم المطلوب دوليا.. ومشروع قرار أميركي يهدد الخرطوم وجوبا

عامل سوداني يشير إلى الأعطاب التي حلت بأنبوب نفط كان قد أحرق في مدينة هجليج النفطية (أ.ب)
TT

شكك الفريق أول ركن عبد الرحيم محمد حسين، وزير الدفاع السوداني، في مقدرة دولة جنوب السودان الوليدة وإدارتها معارك في مواقع مختلفة في آن واحد. وأشاد بقدرات وجهد القوات المسلحة السودانية في مسارح العمليات. وقال في برنامج «مؤتمر إذاعي» الذي بثته إذاعة «أم درمان» أمس: «لم نكن نتوقع من دولة ما زالت تحبو أن تقوم بمثل هذا العدوان على دولة منحتها هذا الفضل واعترفت بها في أن تكون دولة قائمة».

وأشاد الفريق أول حسين بدور الإعلام الكبير وأثره في إبراز وتوضيح أن العدوان على هجليج كان الهدف منه اقتصاديا، موضحا أن هناك الآن عدوانا على هذه الحدود الطويلة بيننا وبين دولة جنوب السودان والتي تعتبر اطول حدود طبيعية بين دولتين أفريقيتين (تتجاوز ألفي كيلومتر)، مضيفا أن الحركة الشعبية اعتدت على منطقة سماحة التي تقابل ولاية جنوب دارفور، كما اعتدت على بحر العرب التي تقابل الميرم، وولاية جنوب كردفان، إضافة الاعتداء على تلودي وما حولها والاعتداء أيضا على منطقة يابوس في أقصى شرق حدودنا مع دولة جنوب السودان، وكذلك اعتداء على أم دافوق والردوم.. واستخدمت الحركة الشعبية عناصر مرتزقة من دارفور في هذه الاعتداءات.

وأوضح الفريق أول حسين: «ظنوا أنهم من خلال هذه الاعتداءات الواسعة سيشتتوا جهد القوات المسلحة على مسرح عمليات يبلغ طوله ألفي كيلومتر أو يزيد قليلا، ولكن، والحمد لله، القوات المسلحة السودانية في كل هذه المواقع تصدت لهم ببسالة واقتدار». وقال: «نحن الآن ندير هذه المعركة الواسعة، وبالتأكيد لا يقبل عقل أن دولة الجنوب الوليدة بإمكانياتها المعلومة لدينا أن تكون قادرة على إدارة هذه المعارك، مما يكشف بجلاء وجود مخطط يقف وراء كل هذا العمل المعادي للسودان».

وتساءل وزير الدفاع السوداني: «ماذا يستفيد المواطن العادي في جنوب السودان الذي نعرفه وعاش معنا كل التاريخ الماضي من إسقاط النظام في الخرطوم؟ من هو المستفيد الأكبر من إسقاط النظام في الخرطوم؟ المعروف أن هناك دولا ظلت تعمل على مدى 20 عاما على إسقاط النظام في الخرطوم والنظام يقوى بعون الله سبحانه وتعالى». ورد بالقول: «لا نحتاج إلى جهد وعناء لإثبات أن العدوان الذي يقوم به الجنوب هو لحساب الآخرين، وليس لحساب المواطن الجنوبي البسيط».

من جهة أخرى، نفى رئيس دولة جنوب السودان، سلفا كير ميارديت، حدوث انقلاب في بلاده خلال زيارته التي قام بها إلى الصين، واعتبرها شائعات تطلقها الخرطوم. وشن هجوما عنيفا على الرئيس السوداني عمر البشير، ووصفه بالمجرم والمطلوب دوليا، في إشارة إلى المحكمة الجنائية الدولية التي أصدرت مذكرة اعتقال ضده لاتهامه بارتكاب جرائم حرب وإبادة جماعية في دارفور. وانتقد بشدة المجتمع الدولي والاتحاد الأفريقي لصمتهم الطويل لاعتداءات الحكومة السودانية على أراضيه، مشددا على تمسكه ببلدة هجليج التي كان يردد اسمها باللغة المحلية (بان ثاو)، مؤكدا أن بلاده ستذهب إلى المفاوضات مع السودان لحسم القضايا الأمنية وترسيم الحدود.

وقال سلفا كير أمام جماهير حاشدة تجمعت داخل ضريح زعيم الحركة الشعبية الراحل الدكتور جون قرنق في جوبا بعد زيارته للصين قطعها أول من أمس، إن الحكومة السودانية أطلقت شائعة انقلاب ضد حكمه بسبب غيابه خلال زيارته إلى الصين التي قال إنها كانت ناجحة ومثمرة وقع وفده فيها 6 اتفاقيات ستنتفع منه بلاده.

وأضاف: «رأيتم بأنفسكم ليس هناك انقلاب، هي شائعات البشير وبعض الجنوبيين الذين فضلوا البقاء معه». وتابع موجها حديثه للمواطنين: «إذا كان هناك خطر على بلادنا فسنعلنه لكم، وإن كانت هناك حرب فأنتم ستدافعون عن بلادكم، ونحن لا نخفي عنكم شيئا، ستظل دولتكم حرة». ووصف شائعة الانقلاب ضده بالغيرة من دولته التي استطاع جيشها هزيمة القوات المسلحة السودانية. وقال: «هم يقولون عنا إننا دويلة صغيرة، ولكن حتى الطفل الصغير لديه أسنان يمكن أن يعض بها وعندما نكبر سنعض على نظام البشير حتى نكسر عظمه». وأضاف أن الخرطوم هي التي بدأت الهجوم على بلاده.

وقال كير: «لكن كل ما نتقدم بشكوى إلى الأمم المتحدة والمجتمع الدولي والاتحاد الأفريقي فإنهم لا يتعاملون مع الشكوى، وعندما قمنا بالرد بدخول هجليج جميعهم صرخوا ضدنا». وأضاف: «هذه ليست نزاهة من المجتمع الدولي والأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي لأنهم لا يعطون كل ذي حق حقه والمنطق أن يقولوا للمخطئ أنت أخطأت»، مشيرا إلى أن دخول قواته إلى هجليج التي كان يردد اسمها «بان ثاو» بلغة قبيلة «الدينكا» على مرتين لطرد القوات المسلحة السودانية التي قال إنها كانت تهاجم حدود بلاده. وتابع أنه أمر الجيش الشعبي بالانسحاب لأنه لم يخطط لهذه المعارك، مشيرا إلى أنه كان قائدا لبلدة هجليج خلال فترة عمله في القوات المسلحة السودانية عام 1975، وأنها كانت تتبع لمديرية بانتيو. وقال: «لقد ضم الرئيس السابق جعفر نميري بلدة بان ثاو إلى الشمال تحت اسم مديرية الوحدة بعد اكتشاف النفط عام 1978 ونصب نفسه مدير المديرية رغم أنه رئيس لكل الدولة»، نافيا أن تكون قواته قد ضربت وحدة المعالجة المركزية لحقول النفط في البلدة. وقال: «الخرطوم فعلت ذلك لأنها تعلم أن المنطقة لا تتبعها لها وقاموا بقصفها بالطائرات وسنثبت ذلك». وسخر سلفا كير من الاحتفالات التي أقامتها الخرطوم باعتبار أنها هزمت الجيش الشعبي، ووصفها باحتفالات المهزومين. وقال: «دعوهم يبردوا قلوبهم بعد أن هربوا بأرجلهم أمام جيشنا الذي أثبت كفاءة وقدرة». وأردف: «لكن المجتمع الدولي بعد دخولنا هجليج للمرة الثالثة وطردنا للجيش السوداني ظل يطالبنا بالانسحاب وانسحبنا استجابة واحتراما لقادة العالم لأننا لا نريد أن تتم عزلة دولية لبلادنا».

وأشار كير إلى أن الخرطوم لم تحترم اتفاق وقف العدائيات الذي وقعه البلدان في أديس أبابا في فبراير (شباط) الماضي بعد (48) ساعة من توقيعه. وقال: «في الرابع من أبريل (نيسان) الحالي وافقت على اتفاق وقف إطلاق النار عندما أرسله وفدنا من أديس أبابا، لكن وزير الدفاع السوداني هرب من القاعة أمام الوسطاء». وأضاف: «إن الخرطوم طالبت بأن تجرد دولة الجنوب الجيش الشعبي في جنوب كردفان والنيل الأزرق». وقال: «كيف لنا نحن كدولة مستقلة أن نذهب لدولة أخرى لتجريد سلاح من آخرين؟ هذا أمر غير منطقي لأننا فصلنا الجيش الشعبي التابع لعبد العزيز الحلو ومالك عقار وصرفنا مستحقاتهم المالية حتى يوليو (تموز) الماضي».

وتابع كير: «لكن البشير أصلا كان يسعى إلى الحرب معنا بدخوله أبيي في مايو (أيار) الماضي قبل إعلان دولتنا حتى لا يعترف بها إذا دخلنا معه في حرب، ولكن رفضنا الدخول معه». وقال: «إن البشير بعدها ذهب إلى جنوب كردفان لمحاربة الحلو ومن ثم اتجه نحو النيل الأزرق». وأضاف: «إذن من الذي يريد الحرب والمعارك ويسعى لها؟».

وفي نيويورك، وزعت الولايات المتحدة مسودة قرار في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تهدد السودان وجنوب السودان بعقوبات إذا لم ينفذا مطالب الاتحاد الأفريقي لوقف سريع للاشتباكات الحدودية وحل نزاعاتهما الكثيرة. وقالت سوزان رايس، السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة، للصحافيين إن مجلس الأمن بدأ مناقشة مسودة القرار أمس، وإن المحادثات بين الأعضاء ستستغرق بضعة أيام على الأرجح قبل تقديمه إلى اقتراع.

وتؤكد مسودة القرار مجددا بمطالب الاتحاد الأفريقي، وتحذر الخرطوم وجوبا من أن مجلس الأمن «مصمم على اتخاذ إجراءات إضافية مناسبة وفقا للمادة 41 من الميثاق في حالة عدم تقيد أحد الطرفين أو كليهما». وتسمح المادة 41 بالفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة لمجلس الأمن بتوقيع عقوبات لفرض التقيد بقراراته.

وقالت رايس، التي تترأس مجلس الأمن الذي يضم 15 دولة هذا الشهر، للصحافيين: «الهدف من المسودة هو توفير دعم سريع وقوي لقرارات الاتحاد الأفريقي بالشكل الذي طلبه الاتحاد الأفريقي». وطلب الاتحاد الأفريقي دعم مجلس الأمن خطته بإصدار قرار يجعل مطالبه ملزمة قانونا لكل من السودان وجنوب السودان. وقالت رايس: «كان هناك أعضاء إما يحتاجون مزيدا من الوقت للحصول على توجيهات من عواصمهم أو يشككون في الحكمة من الذهاب مباشرة لإصدار قرار. هذا الأمر عاجل للغاية».

وقال دبلوماسيون بالمجلس في أحاديثهم الخاصة إن الصين وروسيا أبدتا عزوفا بشأن تهديد الخرطوم وجوبا بإجراءات عقابية. وقال دفع الله الحاج علي عثمان، سفير السودان لدى الأمم المتحدة، للصحافيين إن أي قرار للمجلس بشأن الصراع يجب أن يوجه تهديداته إلى جنوب السودان.