بيريس يطالب الحكومة الإسرائيلية بإطلاق مبادرة للسلام مع الفلسطينيين

في لقائه السنوي مع البعثات الدبلوماسية الأجنبية في إسرائيل: الخلافات بيننا وبينهم قليلة جدا وبإمكاننا تسويتها بسهولة

TT

توجه الرئيس الإسرائيلي شيمعون بيريس بدعوة غير عادية إلى رئيس حكومته، بنيامين نتنياهو، لأن يبادر إلى إطلاق مشروع سياسي يقود إلى مفاوضات مباشرة مع السلطة الفلسطينية من أجل تحقيق تسوية سلمية دائمة للصراع الإسرائيلي الفلسطيني. وقال بيريس، الذي تكلم في لقائه السنوي التقليدي مع أعضاء السلك الدبلوماسي الأجنبي (السفراء والقناصل)، إن «إسرائيل ملزمة بالخروج في مبادرة سلام فورا». وأضاف أن السلام مع الفلسطينيين هو واجب حتمي عليها، أولا من أجلها ومن أجل شعبها.. حتى يتاح لنا التفرغ للأمور الأهم، وفي مقدمتها مستقبل زاهر لأولادنا». وأكد أنه من خلال معرفته القريبة بتفاصيل المفاوضات التي جرت بين الطرفين على مدى السنوات الـ20 الماضية، بما في ذلك مع حكومة نتنياهو، فإنه «بكل مسؤولية أقول إن الفوارق المتبقية في مواقف الطرفين من التسوية الدائمة للصراع هي فوارق ضئيلة جدا وبالإمكان سدها بسهولة».

وعاد بيريس لتكرار تصريحه حول وجود شريك فلسطيني حقيقي ومخلص لعملية السلام، وعلى عكس وزير الخارجية، أفيغدور ليبرمان، الذي تغيب عن مشاركته التقليدية في هذا اللقاء بدعوى «الاضطرار للمشاركة في مناسبة عائلية»، فقال بيريس «إن الرئيس محمود عباس (أبو مازن) هو شريك مخلص وجدي في عملية السلام وقادر على قيادة شعبه إلى هذا السلام رغم كل المصاعب التي يواجهها».

وتطرق بيريس إلى أحداث الربيع العربي، فأبدى موقفا مخالفا لمواقف رئيس حكومته، نتنياهو، وقال إنه يرى في هذه الأحداث تعبيرا عن صراع الأجيال، الذي يتقدم فيه جيل الشباب بشجاعة إلى مواقع قيادية، حاملين معهم أفكار العصر الجديد وقيمه الديمقراطية وقيم الحرية.

وكانت مصادر إسرائيلية سياسية مقربة من ديوان الرئاسة قد صادقت على الأنباء التي نشرت في وسط الأسبوع عن وجود محادثات أردنية إسرائيلية سرية حول قضيتي الأمن والحدود، اللتين تعتبران مفتاحا لاستئناف المفاوضات المباشرة بين إسرائيل والفلسطينيين. وقالت هذه المصادر، أمس، إن هناك عقبتين تمنعان استئناف المفاوضات المباشرة اليوم، الأولى الشرط الإسرائيلي بأن يعترف الفلسطينيون بإسرائيل كدولة يهودية، والشرط الفلسطيني بأن تجمد إسرائيل البناء في المستوطنات في الضفة الغربية والقدس. وتراجع نتنياهو عن شرطه وقال إنه مستعد لتأجيل هذه القضية إلى مرحلة متأخرة من المفاوضات، بينما بقيت قضية الاستيطان. وأخذ الأردن على عاتقه أن يحاول بلورة حلول لقضيتي الحدود والأمن على نار هادئة، فإذا توصل إلى صيغة تفاهم حولهما مع إسرائيل ووافق الفلسطينيون على ما يتوصل إليه الأردنيون، فإن عقبة الاستيطان ستزول من أمام المفاوضات، إذ إن الاتفاق على موضوع الحدود والأمن سيوضح ما هي حدود إسرائيل وحدود الدولة الفلسطينية، فتستطيع إسرائيل البناء في تخومها بلا عوائق وتتوقف عن البناء في تخوم الدولة الفلسطينية. وهكذا، فلا تبقى ضرورة لطرح شرط الاستيطان، وتستأنف المفاوضات المباشرة بين الفلسطينيين وإسرائيل.

ورأت هذه المصادر أن تصريحات نتنياهو لشبكة «سي إن إن»، الثلاثاء الماضي، التي قال فيها لأول مرة إنه يوافق على قيام دولة فلسطينية ذات تواصل جغرافي إذا كانت منزوعة السلاح، وإنه لا يريد أن يحكم الشعب الفلسطيني، كانت بادرة طيبة منه أطلقها بالتنسيق مع الأردن في سبيل دفع المفاوضات بين الطرفين. وأوضحت أن الإدارة الأميركية تتابع هذه المفاوضات عن كثب وتشجعها.

وكانت مصادر أردنية رفيعة المستوى قد كشفت عن المفاوضات السرية التي يجريها مسؤولون أردنيون مع الجانب الإسرائيلي وأن هذه اللقاءات عقدت في القدس وكذلك على الشاطئ الأردني من البحر الميت، منذ أن توقفت المفاوضات الاستكشافية بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية. ففي حينه اعتبر الفلسطينيون هذه المفاوضات غير مجدية، لأن إسرائيل ليست جادة فيها، وقرروا استئناف جهودهم لنيل الاعتراف بدولة فلسطينية في الأمم المتحدة. وهناك شعور في إسرائيل بأن هذه الجهود باتت قريبة من النجاح في هذه السنة، أكثر من جهود السنة الماضية.