الموقف من المالكي يوحد الأحزاب الكردية ضد تصرفات بغداد

أيدت في تصريحات لـ «الشرق الأوسط» مواقف بارزاني لتطبيق اتفاقية أربيل

TT

أكد رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، خلال الكثير من تصريحاته، وجود خلافات بين القيادات الكردية فيما يتعلق بصراعه مع رئيس إقليم كردستان العراق مسعود بارزاني، مشيرا إلى أنه تلقى اتصالات من قيادات كردية كثيرة تخالف توجهات بارزاني، وبدا كأنه يراهن على تلك الخلافات لتدعيم موقفه من الأزمة الحالية بين أربيل وبغداد، ولكن الاستطلاع الذي أجرته «الشرق الأوسط» أظهر إجماعا شعبيا وسياسيا في كردستان لدعم مواقف بارزاني.

فالبلاغ الختامي لاجتماعه مع قادة الأحزاب الكردستانية الـ13 بينها الاتحاد الوطني بزعامة الرئيس العراقي جلال طالباني شدد على «أهمية توحيد موقف شعب كردستان والأطراف السياسية، واعتبار الدستور العراقي الدائم هو الحامي لوحدة العراق الاتحادي». وأعربت تلك الأحزاب عن دعمها لجهود رئيس الجمهورية للإسراع بعقد اجتماع لقادة القوى المشاركة في العملية السياسية في العراق واعتبار هذه الخطوات مهمة لاستدراك الظرف الراهن للعراق لئلا نضطر للبحث عن خيارات أخرى.

وأبدت شخصيات سياسية وثقافية دعمها الكامل لرئيس بارزاني، مؤكدة أن الدعم الشعبي والسياسي الذي يحظى به رئيس الإقليم هو الرد الواقعي على مراهنات المالكي بوجود الخلافات الكردية بشأن الصراع بين أربيل وبغداد، فقد أكد محمد الحاج محمود رئيس الحزب الاشتراكي الكردستاني، أن «الموقف الكردي موحد من هذه الأزمة، ورغم أن بعض قيادات الاتحاد الوطني أبدت بعض الملاحظات حول تلك الخلافات، لكن موقفهم لا يخرج عن نطاق الإجماع الشعبي والرسمي بضرورة حل الأزمة السياسية في العراق بما يحافظ على الحقوق المشروعة للشعب الكردستاني، والتأكيد على الثوابت الدستورية».

وقال صلاح الدين بابكر، عضو المكتب السياسي للاتحاد الإسلامي (أحد أطراف المعارضة الكردية): «نحن وقعنا على البلاغ الختامي لاجتماع الأحزاب الكردستانية، وهذا بحد ذاته يؤكد دعمنا لمواقف رئيس الإقليم من الأزمة، وكان بارزاني صريحا عندما أشار إلى حق كل الأطراف السياسية في كردستان بالتعبير عن الموقف الذي يلائمه، ولكننا مع ذلك متفقون حول دعم مواقفه من الأزمة، وعلى المالكي ألا يراهن كثيرا على الخلافات الكردية، أو على فكرة اللجوء إلى استخدام القوة العسكرية لحسم تلك الخلافات، لأن زمن ذلك قد ولى، ولغة التهديد لم تعد مجدية في العراق الحالي». واعتبر طارق جوهر، المستشار الإعلامي لرئاسة برلمان كردستان، أن «المالكي يحلم عندما يتصور أن هناك خلافات داخلية كردية ستساعده في الأزمة التي أوقع نفسه والعراق فيها، فالكرد موقفهم موحد تماما، وهذا الاتفاق يشمل جميع الأطراف، سواء كانت في السلطة أو المعارضة، فهناك إجماع كردي بالوقوف صفا واحدا في القضايا التي لها أبعاد وطنية واستراتيجية، والكل متفق على أهمية الالتزام بالدستور الذي ينتهكه المالكي وحكومته، وأعتقد أن الخلافات الحالية ساهمت بشكل واضح على توحيد البيت الكردي وليس العكس كما يحلم المالكي».

التركمان أيضا أيدوا موقف بارزاني، وعبر عن ذلك عرفان كركوكي رئيس حزب الشعب التركماني الذي أكد، أن «مواقف الرئيسين بارزاني وطالباني كانت دائما مشرفة في التعاطي مع القضايا الكردستانية، ويجب ألا ننسى أن الحكومة العراقية التي يترأسها المالكي قد تشكلت أساسا وفقا لاتفاقية أربيل، وكان للرئيسين طالباني وبارزاني دورهما المشهود في بناء ودعم العملية الديمقراطية في العراق، لذلك فإن أي تهميش أو إهمال للدور الكردي كما يحاول المالكي، أو تهميش أي مكون آخر سيدمر العملية الديمقراطية من أساسها، وعليه فإننا التركمان نؤيد مواقف الرئيس بارزاني، لأن القيادة الكردية تسعى إلى إلزام الآخرين بالدستور الذي يشكل وحده الضمانة الأساسية لاستمرار العملية الديمقراطية والسياسية في العراق». ويرى سالم توما (مسيحي) النائب في البرلمان الكردستاني عن الحركة الديمقراطية الآشورية، أن الأزمة الحالية هي نتيجة لتراكمات الماضي، وسببها هو عدم الالتزام بالاتفاقات السياسية وفي مقدمتها اتفاقية أربيل، ونحن نؤيد موقف القيادة الكردية من هذه الأزمة، فالأطراف العراقية لم تكن جادة في تطبيق تلك الاتفاقية منذ البداية، ولا في تنفيذ البنود الدستورية المتعلقة بالمادة 140 وموازنة البيشمركة ومسألة النفط والغاز، وعليه فإن جهود الرئيس بارزاني ستخدم في المحصلة مسيرة العملية الديمقراطية في العراق. ويؤكد الكاتب جرجيس كليزادة بدوره على مسألة وحدة الموقف الكردي، ويرى أن زيارة المالكي الأخيرة إلى إيران كان هدفها هو الحصول على دعمها للضغط على بارزاني والقيادة الكردية، ولكن يبدو أنه فشل في تحقيق ذلك، في حين سجل بارزاني بالمقابل نقطة مهمة لصالحه من خلال الحصول على الدعم الشعبي والسياسي لمواقفه، وكان اجتماعه مع قادة الأحزاب وطالباني ورئيس المعارضة نوشيروان مصطفى دليلا واضحا على فشل مراهنات المالكي.