هولاند يبدي تشددا بشأن الهجرة أملا في أصوات اليمين المتطرف

لوبن منتقدة ساركوزي: الرئيس المرشح يسرق برنامجي لأسباب انتخابية

ساركوزي يعد عجين الفطائر خلال زيارته لمركز تدريب في مدينة لونفيك الفرنسية، أمس (أ.ف.ب)
TT

بدا المرشح الاشتراكي لانتخابات الرئاسة الفرنسية، فرنسوا هولاند، أكثر تشددا، أمس، في مجال الهجرة في الحملة الانتخابية للدورة الثانية من الاقتراع، التي تهيمن عليها مواضيع فرضها اليمين المتطرف. وقال هولاند الذي ما زالت استطلاعات الرأي ترجح فوزه في الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية لإذاعة «آر تي إل» أمس: «في فترة تشهد أزمة، الحد من الهجرة الاقتصادية ضروري ولا بد منه. البرلمان سيحدد كل سنة الأرقام وفق احتياجات» الاقتصاد الفرنسي، معتبرا أنه «من غير الطبيعي أن يستخدم عدد من أرباب العمل الأيدي العاملة بصورة سرية». وكان فرانسوا هولاند كرر مساء الخميس على محطة «فرانس 2» أن الأجانب المقيمين بصورة غير قانونية «سيبعدون»، لكنه لم يذكر تعهده تسوية أوضاعهم بناء على معايير موضوعية. وأكد أيضا أمس أنه سيبقي على قانون منع ارتداء النقاب الذي أقر قبل سنة، والذي امتنع اليسار عن التصويت عليه.

ومنذ يوم الاثنين، يصف نيكولا ساركوزي الذي حل خلف المرشح الاشتراكي في الدورة الأولى (27.18 في المائة في مقابل 28.63 في المائة) فرانسوا هولاند بأنه مرشح الهجرة والمجموعات المهاجرة. ويحتاج ساركوزي لأصوات ناخبي مارين لوبن التي حصلت على 17.90 في المائة من الأصوات للفوز. وأكد ساركوزي، أول من أمس، أن هولاند حصل على دعم 700 مسجد والمفكر المسلم طارق رمضان، وأنه يريد أيضا تسوية أوضاع جميع الأجانب المقيمين بصورة غير قانونية في فرنسا. وينتقد يوميا الوعد الذي أطلقه هولاند بمنح حق التصويت في الانتخابات المحلية للأجانب المقيمين بصورة قانونية في فرنسا منذ 5 سنوات. وأوجزت صحيفة «لوباريزيان» الوضع بقوله «ساركوزي أخرج مدفعيته الثقيلة».

وتبنى الرئيس المرشح أيضا بعض طروحات مارين لوبن بإعلانه تأييده «قرينة الدفاع المشروع» لعناصر الشرطة بعد حادث وقع في الضاحية الباريسية وأدى إلى اتهام شرطي بالقتل العمد لأنه قتل مجرما فارا. وقالت مارين لوبن ساخرة إن «الرئيس المرشح يحاول سرقة برنامجي لأسباب انتخابية». وهي لا تنوي دعوة أنصارها للتصويت لأحد المرشحين.

وحافظ اليمين حتى الآن على وحدة صفوفه، في العلن على الأقل، خلف استراتيجية نيكولا ساركوزي باستثناء رئيس الوزراء السابق، دومينيك دوفيلبان، الذي أعرب عن «اشمئزازه» من حملة منافسه السابق و«رهاناته المتطرفة». ويبدو هذا الموقف اليميني غير مثمر حتى الآن، كما يفيد آخر استطلاعات الرأي التي تؤكد وجود استقرار كبير منذ اليوم التالي للدورة الأولى، إذ تؤكد هزيمة ساركوزي بـ45 إلى 46 في المائة من نيات التصويت.

وكتبت صحيفة «ميدي ليبر» اليومية الإقليمية: «ناخبو مارين لوبن يبدون منزعجين من محاولة استمالتهم بخدع كبيرة». لكن الرئيس تمسك باستراتيجيته من دون أن يخشى تحول الناخبين الوسطيين المؤيدين لفرانسو بايرو (9 في المائة في الدورة الأولى) إلى فرانسوا هولاند. وتساءل: «هل تعتقدون أن الذين يؤمنون بأوروبا مثلي يريدون أن تصبح أوروبا معبرا؟ هل تعتقدون أن الذين تعتبرون أنهم وسطيون يرون أن من الطبيعي أن يدخل الجميع إلى فرنسا؟». وواصل المرشحان برامجهما الانتخابية، أمس، إذ نشط ساركوزي تجمعا في ديجون (وسط شرق)، وكان لهولاند موعد مع أنصاره في ليموج (جنوب غربي).

وفي برلين أعلنت المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، أنها ستعمل بصورة جيدة وبثقة مع الرئيس الفرنسي الذي سيفوز في الانتخابات. وجاء ذلك في معرض رد المتحدث باسم ميركل ستيفن سيبرت على تصريح هولاند، أول من أمس، بأن «ألمانيا ليست هي التي تقرر بدلا من أوروبا». وقالت ميركل سابقا إنها تعارض إعادة بحث الميثاق الذي يعزز ضبط ميزانيات الدول الأوروبية.

وبدا أيضا أن الولايات المتحدة تتابع هي الأخرى السباق الرئاسي الفرنسي باهتمام وشيء من التخوف نظرا للموقف الذي أبداه فرانسوا هولاند بشأن أفغانستان، وذلك بعد علاقات وصفت بأنها «جيدة» مع نيكولا ساركوزي رغم خلافات في العمق.

وتحترس واشنطن رسميا من اتخاذ موقف من السباق من أجل الإمساك بمقاليد بلد يتمتع بحق النقض في مجلس الأمن الدولي، وما زال ينشر 3600 جندي في أفغانستان إلى جانب الجنود الأميركيين. وأعلن جاي كارني، الناطق باسم الرئيس أوباما، إن «فرنسا حليفة كبيرة للولايات المتحدة وستظل كذلك»، رافضا «استباق نتيجة الانتخابات الفرنسية» وانعكاساتها على العلاقات مع القارة الأوروبية.

وكان فرانسوا هولاند قد تحدث، الأربعاء الماضي، عن علاقة «ثقة (في المستقبل) مع الإدارة الأميركية الحالية»، رغم «اختلافات في المقاربة حول حلف شمال الأطلسي وأفغانستان». وقد يشكل هذا الملف الأخير احتكاكات بين حكومة اشتراكية جديدة في باريس وإدارة أوباما التي حددت 2014 موعد تسليم المسؤوليات إلى القوات الأفغانية. وفعلا فقد وعد هولاند، في حال فوزه، بسحب القوات الفرنسية من أفغانستان بحلول نهاية السنة إلا «إذا استحال ذلك ماديا». وأشار جاستن فايس، الباحث في معهد بوركينغز بواشنطن، إلى أن «فرانسوا هولاند أعلن أنه إذا انتخب فسيبدأ الانسحاب ما إن يتولى الحكم على أن ينهيه في 2012، أي سنتين قبل القرار الجماعي، وذلك يطرح مشكلة على إدارة أوباما».