تفاصيل مهمة في الذكرى الأولى لاغتيال بن لادن

أوباما ناقش مع مسؤولي الأمن القومي خيارات تسوية مخبئه بالأرض بقاذفة قنابل

أسامة بن لادن
TT

قبل ستة أسابيع من الغارة التي شنتها قوات العمليات الخاصة التابعة للبحرية الأميركية، التي قتل فيها أسامة بن لادن في مايو (أيار) الماضي، ناقش الرئيس باراك أوباما مع كبار مسؤولي الأمن القومي الكثير من الخيارات الأخرى التي تشمل إلقاء قنابل اختبارية صغيرة على زعيم تنظيم القاعدة داخل حصنه في باكستان أو تسوية المجمع بالأرض عبر قصفه بقاذفة قنابل «بي 2» أو دعوة الباكستانيين إلى القيام بعملية مشتركة.

وعلى الرغم من تأييد البعض لخيار القصف، بما في ذلك وزير الدفاع روبرت غيتس، والجنرال جيمس كارترايت، نائب رئيس هيئة الأركان المشتركة الأسبق، عارض آخرون مؤكدين بنبرة مقنعة أن القنابل الصغيرة قد تخطئ أهدافها، وأنه ربما لا توجد وسيلة كي نثبت للعالم أن بن لادن قتل، بحسب كتاب جديد صدر لبيتر بيرغن، المحلل الأمني الذي أجرى مقابلة مع بن لادن.

وقال الأدميرال، مايك مولن، الذي كان رئيس هيئة الأركان المشتركة آنذاك لبيرغن عن النقاش الذي دار في 14 مارس (آذار) خلال اجتماع الحرب الرئاسي: «أعتقد أننا علقنا آمالنا على تكنولوجيات جديدة متطورة قد لا تنجح في بعض الأحيان».

وسوف يصدر كتاب «اصطياد رجل: عشر سنوات من البحث عن بن لادن من 11/ 9 إلى أبوت آباد» يوم الثلاثاء، الأول من مايو الذي يوافق الذكرى الأولى لمقتل بن لادن.

وإلى جانب الرواية المفصلة لما يقرب من عقد من الإحباط الذي خيم على وكالة الاستخبارات المركزية، قضته دون أدنى فكرة عن مكان وجود زعيم تنظيم القاعدة، يتحدث الكتاب عن إقامة بن لادن لست سنوات في أبوت آباد حتى اللحظة التي نطق فيها، بحسب بيرغن، كلماته الأخيرة، متحدثا إلى زوجته الرابعة عندما كانت القوات الخاصة الأميركية تصعد الدرج: «لا تضيئي المصباح».

وقد نشرت مقاطع الكتاب التي تصف الأيام الأخيرة في حياة بن لادن على موقع مجلة «تايم» يوم الخميس.

بني الكتاب على الوثائق التي تم الإفراج عنها الآن والتي صادرها مشاة البحرية من المعسكر، ومقابلات مع مسؤولين أميركيين بارزين، وزيارة إلى المجمع السكني الذي كان يقيم فيه بن لادن قبل أسبوعين من أوامر الحكومة الباكستانية بتدميره في فبراير (شباط) الماضي.

ووصف بيرغن حياة بن لادن في أبوت آباد بأنها كانت مريحة، بالنسبة لتقاعد إجباري، تركه حرا لمتابعة هوايته في القراءة ومتابعة الأخبار وإلى جواره ثلاث زوجات محاطا بالكثير من أبنائه. وكتب بيرغن: «لم تكن هذه بالنسبة للرجل الذي وضع على رأس قائمة المطلوبين في العالم بالحياة السيئة».

المنزل الضخم، الذي يحتوي على شقق منفصلة بما في ذلك مطابخ وحمامات لزوجتين وأثاث بسيط ومحاط بأسوار عالية، يبدو واضحا أن بن لادن لم يغادره على الإطلاق خلال السنوات الست التي عاشها هناك. عاش بن لادن في الدور الثالث مع أصغر زوجاته، آمال، 29 عاما، التي وضعت آخر طفليهما في مستشفى باكستاني.

وكتب بيرغن: «لم يكن بالبيت أي تكييفات هواء، فقط عدد محدود من سخانات الغاز البدائية، على الرغم من درجات الحرارة الموسمية للمنطقة. وقد صنعت أسرّة للكثير من أفراد الأسرة من ألواح الخشب البسيطة، وبدت كما لو كان سُكان المجمع السكني يعيشون في مخيم مؤقت لكنه طويل الأجل».

كان أسامة بن لادن بالنسبة للأشخاص الذين يطاردونه شخصية أسطورية على الأغلب، ومادة لآلاف المشاهد والنظريات الأسطورية حول مكان وجوده، لكن أيا منها لم تثبت صحته. وبحسب الروايات الأخرى، يقدم بيرغن أدلة مقنعة بأن فرصة القبض على أسامة بن لادن أو قتله قبل هروبه من مخبئه في تورا بورا ضاعت نتيجة رفض قادة الجيش الأميركيين وإدارة بوش الموافقة على طلبات الجيش وعملاء وكالة الاستخبارات المركزية على الأرض بشأن التعزيزات.

وكتب بيرغن أن بوش كان «غاضبا» عندما أخبره مايكل موريل، مسؤول في وكالة الاستخبارات في بداية عام 2002 أن بن لادن نجا من الهجوم على تورا بورا، وأصبح عدائيا، كما لو أن موريل هو قام بتهريب بن لادن. وأشار بيرغن إلى أن وكالة الاستخبارات الأميركية عممت مذكرة كتبها أحد عملاء الوكالة لتكون دليلا لعملية صيد ناجحة في النهاية. ومع غياب أي قيادة مقبولة بعد ما يقرب من أربع سنوات، اقترح المحلل بناء البحث عن أربع ركائز؛ عائلة بن لادن، واتصالاته بكبار قادة «القاعدة» واتصالاته المتقطعة بالإعلام، واستخدامه لشبكة من حاملي رسائله.

وكان الاكتشاف، الذي صار معروفا على نطاق واسع وسنوات من تعقب أبو أحمد الكويتي حامل رسائل بن لادن الذي عاش داخل المجمع السكني مع بن لادن، هو الخيط الذي حل القضية في نهاية المطاف.

وخلال مناقشاتهم حول كيفية التحقق مما إذا كان بن لادن يقيم في داخل المجمع ناقشت وكالة الاستخبارات الكثير من المقترحات.

يقول بيرغن: «كان أحد الأفكار يتمثل في إلقاء قنابل الغاز كريه الرائحة لإجبار قاطني المجمع السكني على الخروج. وكان الاقتراح الآخر استخدام مكبرات صوت في الخارج توهمهم بضرورة الخروج إلى الشارع. واقترح آخرون إنشاء منزل آمن مجاور، وقد تم تبني هذه الفكرة لكنها لم تقدم سوى القليل من المعلومات بشأن هوية الأشخاص القاطنين في المنزل.

وعندما التقى أوباما بكبار مساعديه في 28 أبريل (نيسان)، أي قبل يومين من الغارة، أعاد غيتس ونائب الرئيس جو بايدن التأكيد على معارضتهم للعملية بوصفها بالغة الخطورة. وكتب بيرغن أنهم أكدوا على أن الأدلة على وجود بن لادن كانت ظرفية، وأن المهمة كانت بالغة الخطورة وأن العلاقات مع باكستان كانت ستدمر.

وقد أعرب غيتس عن تحفظاته بشكل علني. وفي نهاية يوم الثامن والعشرين من أبريل (نيسان) التقى البيت الأبيض قبل الغارة، وأخبر غيتس الرئيس أوباما أنه سيكون أكثر ارتياحا بالقيام بضربة محددة بدلا من الكوماندوز.

وبعد أن أعطى أوباما الضوء الأخضر رسميا قبل يومين من مهمة الأول من مايو (أيار) واصل مساعدو البيت الأبيض مناقشاتهم حول ما إذا كان على الرئيس حضور مأدبة العشاء المقامة لوسائل الإعلام ليلة الغارة. وما إذا كان وجوده في غرفة العمليات خلال العملية سيعطي انطباعا غير مرغوب فيه بأن رئيس السلطة التنفيذية يشرف على تفاصيل عملية عسكرية مصغرة.

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»