دمشق تتهم وأنقرة تنفي تسلل مسلحين بزوارق مطاطية

مصدر رسمي تركي لـ«الشرق الأوسط»: لا تدريب ولا تسليح.. مقاربتنا إنسانية

أحد المحتجين السوريين بمنطقة داعل يرفع لافتة يطالب من خلالها بممرات آمنة (أوغاريت)
TT

نفت تركيا بشدة أمس الاتهامات السورية بتقديمها «تسهيلات» للجيش السوري الحر وتسهيل عمليات تسلل «المجموعات المسلحة» إلى الأراضي السورية، بعد إعلان دمشق عن إحباط محاولة تسلل إلى أراضيها، ملمحة إلى أن ذلك تم من الأراضي التركية. وأكدت مصادر تركية رسمية لـ«الشرق الأوسط» أن أنقرة تقارب الملف السوري «إنسانيا وسياسيا ولا تسلح أو تدرب مجموعات مسلحة وتبعث بهم إلى الأراضي السورية»، بينما أشارت مصادر قريبة من رئيس الوزراء التركي إلى أن «الضيوف» السوريين - وهي الصفة التي تستعملها للاجئين السوريين - هم من غير المسلحين، حتى عناصر الجيش المنشقون الذين يقيمون في الأراضي التركية. ونفت المصادر بشدة «متاجرة» تركيا بهؤلاء، معتبرة أن المسؤول الأول والأخير عن وجود هؤلاء على الأراضي التركية هو النظام الذي قرر استخدام البطش والقتل بديلا عن الحوار للتعامل مع مطالب شعبه المحقة.

من جهته، نفى نائب قائد الجيش السوري الحر العقيد مالك الكردي محاولة تسلل مجموعة مسلحة من جهة البحر، مؤكدا أن هذا الكلام الذي يطلقه النظام «هراء». وأعرب الكردي، في اتصال مع «الشرق الأوسط» عن أمنيته «أن تكون لدينا القدرات التي يتحدثون عنها للقيام بهذا العمل وغيره»، وأضاف: «إن شاء الله سنحقق ما يتهموننا به اليوم، في خطوة لاحقة».

وأعلنت وكالة أنباء «سانا» السورية الرسمية عن «تصدي إحدى الوحدات العسكرية المتمركزة قبالة البحر شمال اللاذقية لمحاولة تسلل مجموعة إرهابية مسلحة من البحر». ونقلت عن مصدر رسمي قوله إن «عناصر الوحدة العسكرية اشتبكوا مع المجموعة الإرهابية التي كانت تستقل زوارق مطاطية وتمكنوا من صد محاولة التسلل وإجبار أفراد المجموعة الإرهابية على الفرار»، مشيرا إلى أن «الاشتباك مع المجموعة الإرهابية أسفر عن مقتل وجرح عدد من أفراد الوحدة العسكرية، بينما لم تتم معرفة وإحصاء عدد القتلى من المجموعة الإرهابية نظرا لمهاجمتها للوحدة العسكرية من البحر ليلا». ولفتت إلى أن «مقر الوحدة العسكرية يبعد عن الحدود مع تركيا مسافة 30 إلى 35 كلم».

وكان الناطق باسم وزارة الخارجية السورية جهاد المقدسي قال أمس إن «حماية الحدود المشتركة بين سوريا وتركيا لا تتطلب أكثر من الالتزام ببنود خطة المبعوث الدولي كوفي أنان والتمسك بسياسات حسن الجوار التي ابتعد عنها رئيس الحكومة التركية رجب طيب أردوغان بسياسة التأزيم واستضافة المجموعات المسلحة». ولفت المقدسي في بيان أصدره إلى أن «سوريا لم تهدد في أي يوم من الأيام الحدود التركية لأنها تعتبرها حدود صداقة وحسن جوار، وبالتالي فمن المثير للقلق أن يقوم أردوغان بالتهديد باستجلاب قوات حلف الناتو»، مشيرا إلى أنه «بدلا من أن يقوم أردوغان بالمتاجرة في أعداد السوريين المتضررين من الأعمال المسلحة والموجودين على الأرض التركية يمكنه بذل المساعي الحميدة للمساعدة في إعادتهم إلى بلدهم الذي يفتح لهم الأبواب وبكامل الضمانات».

واعتبر أن «أردوغان يمارس سياسة غض الطرف والتأزيم واستضافة المجموعات المتطرفة التي لا تؤمن بالعملية السياسية». وقال المقدسي «إننا لا نريد لأحد أن يتباكى على مصير أي سوري، فأبواب البلاد مفتوحة لهم للعودة بكامل الضمانات اللازمة وإعادة إعمار الأضرار جارية لإعادة تأهيل مناطقهم». وأعلن أن «سوريا ستبقى متمسكة بأفضل العلاقات مع الشعب التركي الصديق، وأبوابها مفتوحة للأتراك الذين يؤمنون بعلاقات حسن الجوار والتاريخ المشترك للشعبين الصديقين».

وأعادت التداعيات الأخيرة مسألة تصريحات المسؤولين الأتراك حول مسؤولية حلف شمال الأطلسي في حماية حدودهم والتلويح بإقامة منطقة آمنة للاجئين السوريين، بأنها «استفزازية» و«منافية» لخطة الموفد الدولي الخاص كوفي أنان.

وقال الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية والمغتربين جهاد مقدسي في بيان تلقت وكالة الصحافة الفرنسية نسخة منه «ما زال رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان ووزير خارجيته أحمد داود اوغلو يدليان بتصريحات استفزازية تهدف لتأزيم الوضع في سوريا وضرب العلاقات الثنائية بشكل ممنهج». وأضاف أن هذه التصريحات «تتنافى في الوقت ذاته مع خطة» أنان.

وقال البيان «من المثير للقلق أن يقوم أردوغان بالتهديد باستجلاب حلف الناتو لحماية حدوده مع سوريا، الأمر الذي لا يتطلب أكثر من الالتزام الحقيقي ببنود خطة انان والتمسك بسياسات حسن الجوار».

وأشار إلى أن أردوغان «ابتعد تماما» عن هذه السياسة، «بممارسته سياسة غض الطرف والتأزيم واستضافة مجموعات مسلحة لا تؤمن بالعملية السياسية».

وكان أردوغان صرح في 12 أبريل (نيسان) أن «من مسؤولية حلف شمال الأطلسي حماية حدود تركيا». وقال ردا على سؤال حول ما تعتزم الحكومة التركية القيام به في حال إطلاق النار باتجاه الأراضي التركية من سوريا «لدينا خيارات عدة»، مضيفا «لدينا حقوق إذا انتهكت حدودنا. هناك أيضا خيار التذرع بالمادة الخامسة في ميثاق الحلف الأطلسي».