«صدام الحضارات» بنسخة فرنسية

هل يجنح بلد «حقوق الإنسان» صوب العنصرية؟

TT

«الحضارات ليست متساوية»، هذه العبارة التي تفوه بها وزير الداخلية الفرنسي، كلود غيان، بمناسبة ملتقى جمعه مع طلبة يمينيين، أثارت جدلا كبيرا، وأعادت إلى الأذهان النقاش الحاد الذي صاحب إطلاق صمويل هنتنغتون لطروحته حول «صراع الحضارات». وبينما نرى الجدل قد هدأ في الولايات المتحدة بعد غياب نجم جورج بوش، نجده يعود من جديد في فرنسا عن طريق اليمين الفرنسي الذي بدا وكأنه من أشد المدافعين عن هذه النظرية.

التيار اليميني الذي يبدو اليوم على شفا هزيمة في الانتخابات الرئاسية، شغل الرأي العام الفرنسي منذ مدة بإشكاليات جديدة يدور معظمها حول مشكلات الهجرة والمهاجرين المسلمين تحديدا، وقسمت هذه النقاشات النخبة السياسية والمثقفين ورجال الإعلام قبل موعد الانتخابات. وبدل أن يدور جدل جدي حول الأزمة الاقتصادية الخانقة أو البطالة التي وصلت إلى أعلى المعدلات (9 في المائة) أو حتى أزمة الديون التي تهدد أوروبا كاملة، كان كل الكلام يدور حول المهاجرين وقيمهم وعاداتهم وثقافتهم، حتى أصبحت هذه المواضيع هاجس بعض الساسة وذريعة لتأجيج المخاوف وتبرير بعض القرارات السياسية.

الإشكاليات المتعلقة بالهجرة والمهاجرين أصبحت أكثر حضورا منذ وصول الرئيس نيكولا ساركوزي إلى الرئاسة الفرنسية، وهي تعكس، في الواقع، إيمانه الشديد بنظريات وقناعات «اليمين الجديد» حول أثر الاختلافات العرقية، وضرورة حماية الثقافة الوطنية ومنعها من الاختلاط بمختلف أشكال الثقافات الأجنبية الأخرى، أو ما يسمى بـ«نظرية الاختلاف» أو «ديفيرونسياليزم».

حملة ساركوزي الانتخابية الرئاسية الأخيرة تميزت بالتشدد مع المهاجرين والاعتماد على المقاربات الأمنية في معالجة مشكلاتهم. ساركوزي مثلا كان أول من دعا الفرنسيين إلى التساؤل عما آلت إليه هويتهم الوطنية مع ظهور أجيال الهجرة، حيث تم تنظيم لقاءات حوارية سميت بـ«النقاش الكبير حول الهوية الوطنية». الحزب اليميني الحاكم حاليا طرح مشكلات الهجرة والاندماج للنقاش العشوائي، وفتح الأبواب على مصراعيها لكل الانحرافات العنصرية، وأذكى مشاعر الحقد والإسلاموفوبيا.