حملة لرفع الحواجز الإسمنتية من شوارع بغداد ضمن ترتيبات أمنية جديدة

محافظ العاصمة: سنفتح 50% من الشوارع الرئيسية المغلقة خلال 45 يوما

TT

تتجه السلطات العراقية للعمل على رفع آلاف من الكتل والحواجز الإسمنتية، التي كانت قد وضعت في إطار خطط أمنية لتقويض حركة الجماعات المسلحة والحد من أعمال العنف في البلاد، من أجل تحسين الحركة وسيولة المرور في شوارع بغداد وأسواقها.

وأعطى رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي القائد العام للقوات المسلحة الضوء الأخضر لكبار القادة الأمنيين والعسكريين لمراجعة الترتيبات الأمنية في بغداد، والعمل على اعتماد تركيز نقاط التفتيش وزيادة كفاءتها وأسلوب توزيعها بدلا من زيادة عددها. وبمقتضى الخطط الأمنية الجديدة فإن قيادة عمليات بغداد المشرفة على ضبط الأمن في بغداد ستقوم برفع ما يتراوح بين 45 و50 في المائة من الحواجز والكتل الإسمنتية في بغداد بشكل تدريجي من أجل تخفيف الاختناقات المرورية وتوفير حركة أكثر انسيابية وأمانا، يرافقها اعتماد برنامج تجهيز المؤسسات الأمنية الخاصة بمراقبة الجماعات المسلحة بمعدات متطورة.

وكانت السلطات العراقية شرعت منذ عام 2006 في وضع عشرات الآلاف من الكتل الإسمنتية، وقامت بعزل عدد كبير من أحياء بغداد بعضها عن بعض بكتل إسمنتية في إطار خطط أمنية للحد من تصاعد وتيرة العنف والاقتتال الطائفي والانفجارات المدمرة، حتى أصبحت غالبية أحياء بغداد معزولة بعضها عن بعض، ويتم الدخول والخروج منها من خلال نقاط تفتيش. وحسب تقرير لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ)، تشاهد هذه الأيام في شوارع بغداد وأسواقها رافعات تقوم بإزالة الحواجز الإسمنتية بحضور كبار القادة العسكريين في مسعى لفك الاختناقات المرورية التي تشهدها شوارع بغداد من جراء إغلاق المئات من الشوارع الرئيسية والفرعية.

وقال صلاح عبد الرزاق محافظ بغداد: «لدينا خطة لفتح ما نسبته 50% من الشوارع الرئيسية المغلقة في بغداد خلال فترة لا تتجاوز 45 يوما تتناسب وحالة الاستقرار الأمني وفك الاختناقات المرورية في الشوارع».

وتابع أن «محافظة بغداد مستعدة لتزويد الأجهزة الأمنية بالآليات والرافعات لرفع الحواجز الكونكريتية من أمام الشوارع، وأن عملية فتح الشوارع المغلقة يجب أن تتم وفق دراسة علمية ممنهجة مع العمل على تأمين هذه الشوارع وحمايتها بالمفارز الأمنية وكاميرات المراقبة بعد فتحها». وذكر أن «هناك الكثير من الجهات التي تقف وراء غلق الشوارع، التي تؤدي إلى تزايد حدة الزحامات المرورية في بغداد بسبب هذا الغلق، متمثلة بالسفارات والممثليات الدبلوماسية ومنازل البرلمانيين والوزراء ومسؤولي الدرجات الخاصة والمصارف والبنوك والقنوات الفضائية والإذاعات والمساجد والكنائس والأسواق التجارية والمتجاوزين». وأوضح أن «هناك أكثر من 140 شارعا مغلقا في منطقة الكرادة (وسط بغداد) فقط بسبب القنوات الفضائية والأحزاب والمسؤولين، بل أصبحت هناك مناطق أشبه بالمنطقة الخضراء المحصنة لغلق شوارعها بالحواجز الكونكريتية، ناهيك بعمليات الغلق التام من قبل بعض المسؤولين والأحزاب والقنوات الفضائية لمناطقهم».

وتبدو شوارع وأحياء ببغداد مثل الكرادة والصدر والسيدية والمنصور وشارع فلسطين وشارع حيفا والإسكان والسيدية اليوم في وضع أحسن، بعد أن تمت إزالة مئات الحواجز الإسمنتية منها على خلفية تحسن الأوضاع الأمنية، وشهدت مراكزها التجارية انتعاشا بعد ركود دام طويلا. وفي المقابل هناك أحياء أخرى لا تزال محاطة بكتل إسمنتية وتقييد في حركة المركبات، وخصوصا أحياء الخضراء والعامرية والجهاد والدورة ومناطق متفرقة غرب بغداد، التي تشهد بين الحين والآخر أعمال عنف وانفجارات. وتشاهد الكتل الإسمنتية بشكل لافت في محيط المنطقة الخضراء وسط بغداد وفي محيط الوزارات والأبنية الحكومية والسفارات ومنازل كبار المسؤولين وقادة الجيش والأجهزة الأمنية وبعض الشركات ومقار الأحزاب والصحف والمحطات الإذاعية والتلفزيونية وجهات أخرى كثيرة.

وقال محمد ناجي، 48 عاما، صاحب محل تجاري وسط بغداد: «لأول مرة منذ أكثر من 6 سنوات أصبحت أشاهد المحل التجاري الذي أملكه في السوق من مسافات بعيدة بعد أن كانت الكتل الإسمنتية تحول دون ذلك، وأنا سعيد بذلك». وأضاف: «منظر الكتل الإسمنتية كان يقبض على نفوسنا، وكنا نشعر بالمرارة والرعب، أما اليوم فقد عادت الحياة إلى الشوارع وأصبحت المراكز التجارية مفتوح بعضها على بعض من دون حواجز إسمنتية».

وعلى الرغم من أن منظر إزالة الكتل والحواجز يضفي حالة من الارتياح لدى الشارع العراقي، فإن حالة التناحر السياسي بين جميع الكتل تلقي بظلالها وتثير الرعب لدى الناس خوفا من عودة هذه الكتل الإسمنتية إلى أماكنها مجددا، لأن الخلافات السياسية سرعان ما تنعكس على الشارع بتصاعد وتيرة العنف والانفجارات وحصد المزيد من أرواح الأبرياء.