ملفان جديدان يبرزان في الوقت الصعب لساركوزي.. القذافي وستروس - كان

احتدام المنافسة مع اقتراع الدورة الثانية من الانتخابات.. وهولاند ما زال في الطليعة

لقطات متتالية لساركوزي خلال خطاب انتخابي له بمدينة سيرناي الفرنسية (رويترز)
TT

تصاعدت اللهجة بين الاشتراكي فرنسوا هولاند الواثق من فوزه بالرئاسة الفرنسية والرئيس نيكولا ساركوزي الذي تتوقع استطلاعات الرأي هزيمته، قبل أيام على تواجههما في مناظرة تلفزيونية هذا الأسبوع قبل الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية في السادس من مايو (أيار) المقبل.

وقال هولاند خلال تجمع في باريس أمس: «لم يسبق أن قررت انتخابات (كمثل هذه مصير) فرنسا واتحادنا الأوروبي. في كل مكان، يأملون فينا وينتظروننا». وأضاف أمام نحو 17 ألفا من أنصاره: «منذ أشهر، تتجه أنظار الشعوب الأوروبية إلى فرنسا. أشعر بالمواقف.. مواقف رؤساء الحكومات المحافظة تتطور وفق التوقعات. سنكون هنا على الموعد». كما تحدث الرئيس المنتهية ولايته هو الآخر في تولوز أمس، غير أن محور الأسبوع يبقى المناظرة التلفزيونية بينهما يوم الأربعاء المقبل وستشكل أول مواجهة مباشرة لهما منذ 2005.

وحذر هولاند الذي تتوقع جميع استطلاعات الرأي فوزه بنحو 54 أو 55% من الأصوات، من أنه «يبدو على ضوء نبرة الحملة ومواضيعها أن المناظرة ستتسم بالخشونة. إنني مستعد لها»، مؤكدا أنه سيبرز «التناقضات والتباينات في مواقف المرشح المنتهية ولايته».

من جهته، قال ساركوزي: «سيضطر فرنسوا هولاند إلى أن يفعل ما يكره: أن يكون صريحا». وتصاعدت حدة النبرة في الأيام الأخيرة بين المرشحين. وحملت النتيجة التاريخية التي حققها اليمين المتطرف في الدورة الأولى من الانتخابات بحصوله على نحو 18% من الأصوات، رئيس الدولة على تبني عدد من أطروحات زعيمة الجبهة الوطنية مارين لوبين. غير أن هذا الانحراف إلى اليمين في خطاب ساركوزي، لا سيما على صعيد الأمن والهجرة، أثار انتقادات شديدة من اليسار ومن عدد من مؤيدي ساركوزي.

وأكد ساركوزي مدافعا عن موقفه: «لن يكون هناك وزراء من الجبهة الوطنية، لن يكون هناك اتفاق مع الجبهة الوطنية، لن يكونوا في الغالبية». وأوضح متسائلا: «يقال إن الاستراتيجية غير صالحة. لكن إن كانت رديئة، ماذا كنت حققت» في الدورة الأولى؟

ونقض ساركوزي نتائج الاستطلاعات التي تتوقع فوز هولاند في الدورة الثانية، مشيرا إلى أنها «أخطأت» في الماضي، وأكد أنه يشعر بـ«تصاعد تعبئة.. لم يشهدها طوال حياته السياسية». وقال: «ستكون هناك مشاركة كثيفة».

وبعد أسبوع شهد مساعي لاستقطاب أصوات اليمين المتطرف، اقتحم ملفان الحملة الانتخابية، وهما الشبهات حول حصول نيكولا ساركوزي على تمويل لحملته الانتخابية عام 2007 من نظام العقيد الليبي الراحل معمر القذافي، واتهامات المدير السابق لصندوق النقد الدولي دومينيك ستروس - كان لخصومه السياسيين السابقين بتدبير مخطط لإبعاده.

فقد نشر موقع «ميديا بارت» الإخباري أول من أمس وثيقة نسبت إلى موسى كوسا الرئيس السابق للاستخبارات الخارجية في ليبيا، تفيد بـ«موافقة مبدئية» عام 2006 من نظام معمر القذافي على تمويل حملة ساركوزي بقيمة تصل إلى «خمسين مليون يورو». ولم يوضح الموقع ما إذا كان التمويل تم فعلا أم لا، لكن اليسار طالب الرئيس بـ«توضيح موقفه»، فيما تحدثت المرشحة البيئية إيفا جولي عن «قضية دولة». واستنكر المقربون من ساركوزي المسألة، واعتبر رئيس الوزراء فرانسوا فيون أن الوثيقة «مزورة، وفي مطلق الأحوال، من المستحيل التثبت من صحتها». أما ساركوزي، فندد بالوثيقة التي نشرت، وقال: «إنه تلفيق و(ميديا بارت) درجت على الكذب». وأضاف ساركوزي لقناة «كانال بلوس»: «إنه أمر شائن. عندما ألاحظ أن هناك صحافيين يتجاسرون على منح نجل القذافي أو أجهزة استخبارات (العقيد الليبي الراحل معمر) القذافي أي مصداقية. من المعيب أن يطرح علي مثل هذا السؤال». وكان ساركوزي قد وصف في 12 مارس (آذار) الماضي بـ«الوقاحة» الأنباء عن احتمال تمويل القذافي حملته في 2007.

وفي مارس (آذار) 2011، كان سيف الإسلام، نجل القذافي، قد ذكر لقناة «يورو نيوز» أن ليبيا مولت حملة ساركوزي للانتخابات الرئاسية في 2007. وإذ أشار إلى «وثيقة مزيفة يصعب التحقق من صحتها»، قال فيون إنها «لعبة دنيئة»، منتقدا بشدة «ميديا بارت»، وواصفا إياها بأنها «منبر ممول من أصدقاء فرنسوا هولاند الأثرياء». لكن مؤسس «ميديا بارت» ردت بأن موقعها «ليس منبرا لأحد؛ بل صحيفة يعمل فيها صحافيون مهنيون».

وأكد الموقع أن المذكرة وجهت في العاشر من ديسمبر (كانون الأول) 2006 إلى بشير صالح الرئيس السابق للصندوق الليبي للاستثمارات الأفريقية والمدير السابق لمكتب القذافي الموجود حاليا في فرنسا، بحسب محاميه بيار حايك. وكانت صحيفة «لوكانار انشينيه» أكدت مطلع أبريل (نيسان) الحالي أن بشير صالح الملاحق من الإنتربول حصل على ترخيص إقامة في فرنسا بدافع «لم الشمل». وأعرب صالح عن «تحفظات بشأن صحة» هذه المذكرة، مؤكدا أنها «لم ترسل إليه أبدا»، حسب ما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية أمس. كما نفى مشاركته في الاجتماع الذي أشير إليه في المذكرة وتم التوصل في ختامه إلى اتفاق.

أما الملف الثاني الذي أثار بلبلة في الحملة، فتمثل في مقال نشرته صحيفة الـ«غارديان» البريطانية وقدمته على أنه مقابلة أجراها الصحافي الأميركي إدوارد ابستين مع ستروس - كان، يتهم فيها الوزير الاشتراكي السابق خصومه السياسيين في فرنسا باستغلال قضية فندق «سوفيتيل» في نيويورك حيث اتهمته عاملة تنظيف بالتعدي عليها جنسيا، من أجل إفشال ترشحه للانتخابات الرئاسية في وقت كانت استطلاعات الرأي تتوقع فوزه. وقال ابستين إن ستروس - كان «أصبح الهدف الرئيسي لأجهزة الاستخبارات الفرنسية في فبراير (شباط) أو مارس 2011»، مشيرا بصورة خاصة إلى مساعدي ساركوزي. وأثار صدور المقال اتهامات بين اليسار واليمين، ورأى ساركوزي أنه «يجدر (بستروس - كان) التحلي ببعض الحشمة والتزام الصمت». وفي دليل على أن الاشتراكيين أنفسهم ينبذون ستروس - كان، فإن سيغولين رويال، المرشحة السابقة للرئاسة عام 2007 والرفيقة السابقة لفرنسوا هولاند، أكدت أنها غادرت على عجل سهرة عيد ميلاد مساء أول من أمس حين علمت أنه مدعو إليها. وقد دعي اثنان من المقربين من المرشح الاشتراكي هما المتحدث باسمه ومدير حملته إلى هذه الأمسية التي أقامها نائب، في إحدى حانات وسط باريس.

ودعا المعسكر الرئاسي فرنسوا هولاند إلى «دعم أو إدانة» وجود مقربين منه في هذه الأمسية، فقال إن دومينيك ستروس - كان «لم يعد مشاركا في الحياة السياسية الفرنسية» و«يجدر به عدم العودة إليها بأي طريقة كانت». وفي مطلق الأحوال، أعلنت أوساط دومينيك ستروس - كان أمس أنه لم يجر أي مقابلة مع الـ«غارديان»، موضحة أن المقالة تمت «فبركتها» بواسطة مقتطفات من كتاب يصدر قريبا لادوارد ابستين.