النظام السوري يتوسع في اعتقال المثقفين

ناشطون لـ«الشرق الأوسط»: الأسد يسعى لقطع ألسنة ذوي المصداقية لدى الشعب

TT

بعد نحو شهر من الاستهداف المكثف للناشطين السوريين من قبل نظام الرئيس السوري بشار الأسد، سواء عبر التوقيف أو الاعتقال، غير النظام بوصلته مؤخرا لتشمل استهداف المثقفين من المعارضين له، أو حتى أولائك الذين لا يعلنون ولاءهم بشكل علني، بحسب عدد من الناشطين، والذين قالوا إن ذلك يأتي على خلفية «أن الأسد يسعى لقطع ألسنة من شأنها أن تصل إلى آذان السوريين البسطاء».

وبحسب تقارير إخبارية، قامت قوات الأمن السورية باعتقال الناقد المسرحي عماد حورية من مكان عمله في المكتبة العمومية بفندق الشام، وأشار شهود عيان على مواقع للمعارضة السورية إلى أن الاعتقال تم عبر دورية من الأمن العسكري، وليس الأمن العادي التابع لجهاز الشرطة، مما يعني أن جهة الاعتقال على الأرجح هي جهاز المخابرات.

وقال ناشط دمشقي لـ«الشرق الأوسط»، طالبا عدم ذكر اسمه، إن الأسبوع الماضي شهد اعتقال عدد من المثقفين والناشطين السوريين من بينهم الدكتور جلال نوفل والمفكر سلامة كيلة، وأن «هناك مخاوف من وقوعهم تحت طائلة التعذيب الجسدي».

وقال الدمشقي إن «نظام الأسد بعد أن يئس من قمع الناشطين السوريين عبر حملات الاعتقال، سعى مؤخرا لاستهداف أكثر الفئات التي يخشاها في الواقع، وهي فئة المثقفين وأصحاب الرأي، كونهم ذوي صوت مسموع بالداخل السوري.. بل إنهم أكثر من أي منا - كناشطين - قدرة على توصيل الفكر المعارض نظرا للمصداقية الشديدة التي يتمتعون بها لدى الرأي العام، بينما يمكن اتهام أي ناشط منا بالعمالة أو بتلقي التمويل من أجل تخريب البلد، كما يدعي النظام الفاسد».

وأكد الدمشقي أن «عددا من المثقفين والفنانين السوريين يتلقون تهديدات مباشرة بضرورة إعلان الولاء للنظام، وإلا استحقوا مصير قاشوش أو فرزات»، في إشارة إلى المطرب إبراهيم قاشوش الذي قطع شبيحة الأسد عنقه على خلفية غنائه أغنية «ياللا أرحل يا بشار» التي أصبحت إحدى أيقونات المظاهرات ضد النظام، أو الرسام علي فرزات الذي قام الشبيحة باختطافه وتحطيم كفه لرسمه عددا من الرسومات التي تنتقد النظام.

من جهته، أدان المركز السوري للدراسات والأبحاث القانونية هذا الاعتقال على صفحته بموقع «فيس بوك»، وجاء فيه «إننا في المركز السوري للدراسات والأبحاث القانونية ندين هذا الاعتقال، ونؤكد أن حرية الفكر والتعبير هي المقصودة مباشرة من عمليات اعتقال الأدباء والمفكرين. كما أن القيم الإنسانية وتدميرها هو المقصود من اعتقال الأطباء والعاملين في مجال الإغاثة». وتابع: «نطالب بإطلاق سراح جميع المعتقلين والتوقف عن استهداف الفكر وحرية التعبير والقيم الإنسانية».

وتأتي تلك الحملات بينما لا تزال الدوائر الدولية والمحلية السورية مؤرقة حيال الأوضاع الحقوقية والإنسانية لعشرات النشطاء والحقوقيين السوريين، الذين تم اعتقالهم أو توجيه اتهامات قد تصل عقوبتها إلى الإعدام، وآخرهم الناشطة يارا ميشال شماس.

وأعربت منظمة «مراسلون بلا حدود»، أول من أمس، عن قلقها إزاء مصير شماس، كما أبدت «رابطة الصحافيين السوريين» قلقها البالغ حيال ظروف الاعتقال التعسفي لرئيس «المركز السوري للإعلام وحرية التعبير» مازن درويش وزملائه المعتقلين حسين غرير وهاني زيتاتي ومنصور حميد وعبد الرحمن الحمادة. ودعت «السلطات السورية إلى الإفراج الفوري عن درويش ورفاقه»، مطالبة «المنظمات الدولية، وعلى رأسها منظمة الصليب الأحمر الدولي، بالتدخل لزيارة المعتقلين والكشف عن مصيرهم والاطمئنان عن أوضاعهم»، وذلك على خلفية «ورود أنباء عن استخدام التعذيب على نطاق واسع وممنهج على درويش ورفاقه المعتقلين في فرع المخابرات الجوية في دمشق».