«تشريعية البرلمان» ترفض اتفاق «العسكري» والأحزاب حول «تأسيسية الدستور»

اعتبرته وصاية على مجلس الشعب ومخالفا للإعلان الدستوري

TT

تواصلت في مصر، أمس، أزمة تشكيل الجمعية التأسيسية المنوط بها صياغة دستور جديد للبلاد، بعد رفض لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية بمجلس الشعب المصري (الغرفة الأولى للبرلمان) الوثيقة التي تم الاتفاق عليها بين المجلس العسكري وعدد من القوى والأحزاب السياسية، والتي تتضمن معايير اختيار جمعية جديدة، بدلا من الجمعية السابقة، التي تم حلها بقرار قضائي.

وقال وكيل لجنة الشؤون التشريعية بمجلس الشعب، النائب الإخواني صبحي صالح، لـ«الشرق الأوسط»: «ليس لنا علاقة بهذه الاتفاقات»، واصفا إياها بأنها «مجرد مشاورات لحل الأزمة قد نأخذ بها أو نرفضها، لكن القرار النهائي هو قرار البرلمان وفق الإعلان الدستوري، ولن تتعدى أي سلطة سلطاتنا».

وخوَّل الإعلان الدستوري، الذي أصدره المجلس الأعلى للقوات المسلحة في مارس (آذار) الماضي، للأعضاء المنتخبين بالبرلمان، انتخاب جمعية تأسيسية تضع دستورا جديدا، دون أن يحدد كيفية الاختيار. وعلى هذا الأساس شكل البرلمان، الشهر الماضي، جمعية من 100 عضو مناصفة بين نوابه بالبرلمان وشخصيات عامة، جاء أغلب أعضائها من «الإسلاميين»، مما أثار غضب قطاعات واسعة من القوى السياسية الأخرى.

وحتى مطلع الشهر الحالي، كان أكثر من 35 عضوا ينتمون لتيارات مدنية وليبرالية، قد انسحبوا من الجمعية التأسيسية، إضافة لممثلي الأزهر والكنيسة، اعتراضا منهم على ما اعتبروه «تمثيلا غير مناسب لكل قوى المجتمع»، إلى أن أصدرت المحكمة الإدارية العليا، في وقت لاحق، قرارا ببطلان تشكيل الجمعية برمتها.

وكان المجلس العسكري، الذي يدير الأمور في مصر، توصل لتوافق مع لجنة من ممثلي الأحزاب والقوى السياسية، أول من أمس، من ست نقاط تتعلق بأسس ومعايير تشكيل جمعية الدستور، وتتضمن التوصية ضرورة انتهاء الدستور قبل الانتهاء من جولة الإعادة في الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها الشهر المقبل والإعادة لها في منتصف يونيو (حزيران).

وتشمل الأسس والمعايير المتفق عليها بين العسكري والقوى السياسية، بشأن تأسيسية الدستور التوافق على النسب المحددة للجمعية التأسيسية التي تم الاتفاق عليها، في إطار المعايير وحكم محكمة القضاء الإداري. ومما تم الاتفاق عليه أيضا، فيما يتعلق بإقرار بنود الدستور، القول إنه إذا لم يتم التوافق يؤخذ بالتصويت بنسبة الثلثين (67 عضوا)، فإن لم تصل النسبة للثلثين يتم التصويت في جلسة أخرى خلال 24 ساعة، ويتم التصويت بنسبة 57 في المائة.

وتتولى الأحزاب ترشيح الشخصيات الحزبية والمؤسسات الدينية شخصياتها حيث يرشح الأزهر أربع شخصيات والكنائس المصرية الكاثوليكية والأرثوذكسية والإنجيلية ست شخصيات، ويتم اختيار عشرة من الخبرات القانونية وعضو واحد من كل هيئة قضائية إلى جانب عضوين عن العمال ومثلهما عن الفلاحين، وشخصيات عامة من النساء والطلبة والفئات ذات الاحتياجات الخاصة.

لكن أعضاء لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية بمجلس الشعب اعتبروا في اجتماعهم أمس الوثيقة «محاولة للافتئات على البرلمان بغرفتيه الشعب والشورى وتجاهل المادة 60 من الإعلان الدستوري»، وأكد الأعضاء أن اجتماع العسكري مع القوى الحزبية جاء مخالفا لنص المادة 60 من الإعلان الدستوري، التي خصت مجلسي الشعب والشورى بإعداد معايير اختيار أعضاء الجمعية التأسيسية للدستور».

وبينما تباينت رؤى أعضاء اللجنة التشريعية بالبرلمان بين تعليق جلسات الاستماع والاستمرار فيها، اضطر المستشار محمود الخضيري رئيس اللجنة إلى اللجوء للتصويت، وجاءت النتيجة برفض تعليق الاجتماعات. وقال الخضيري: «إن القوى السياسية هي المسؤول الأول عما يحدث الآن»، مطالبا المجلس العسكري بإرسال هذه الوثيقة لتضمينها ضمن المقترحات التي ستخلص إليها اللجنة التشريعية بمجلس الشعب بعد انتهائها من جلسات التأسيسية.

وقال النائب إيهاب رمزي: «إذا استمرت جلسات الاستماع لن يحضرها أحد بعد أن ذهبت جميع القوى السياسية إلى لقاء المجلس العسكري». ومن جانبه، أكد النائب محمد خليفة أن «ما حدث من اجتماع القوى السياسية مع المجلس العسكري هو إهانة شديدة، وأن ما تم الاتفاق عليه في الوثيقة لن يصبح ملزما للبرلمان بالتأكيد».

وحددت محكمة القضاء الإداري جلسة 7 مايو (أيار) المقبل لنظر الطعن على حكم بطلان تشكيل اللجنة التأسيسية لصياغة الدستور، الذي تقدم به محمد العمدة، وكيل اللجنة التشريعية والدستورية بمجلس الشعب. وقال العمدة في طعنه إن «المحكمة لا يجوز لها التصدي للقرارات البرلمانية»، مشيرا إلى أن تشكيل تأسيسية الدستور يدخل ضمن الأعمال البرلمانية التي لا تخضع لرقابة القضاء.

من جانبه، رفض المرشح الرئاسي المستبعد، حازم صلاح أبو إسماعيل، طريقة تشكيل الجمعية التأسيسية للدستور بكل تفاصيله، قائلا: «إنني أرفض جملة وتفصيلا، شكلا وموضوعا، وأدين ما حدث في اجتماع المجلس الأعلى للقوات المسلحة مع ممثلي الأحزاب حول الدستور وتشكيل الجمعية التأسيسية».

وقال أبو إسماعيل في بيان له أمس إن الاجتماع يعد الحلقة الأخيرة لما سماه إحكام الحصار على الشعب المصري، في إطار ما وصفه بتوزيع الأدوار بين المجلس وتلك الأحزاب.

وانتقدت «الجبهة الحرة للتغيير السلمي»، وهي ائتلاف سياسي يتكون من شباب نشطاء ثوريين، في بيان لها، أمس، الوثيقة التي توصل إليها المجلس العسكري مع الأحزاب حول تأسيسية الدستور، معربة عن مخاوفها من عدم التمكن من وضع دستور جديد قبل انتخاب رئيس جديد للبلاد.