إيران تستقبل عيد العمال بفصل 100 ألف عامل وشن حملة اعتقالات للمعارضين

بعضهم لم يحصل على راتبه منذ 13 شهرا بسبب التضخم والعقوبات الدولية

TT

قبل أيام من الاحتفال بعيد العمال الموافق غدا الأول من مايو (أيار)، كشف عدد من النشطاء الإيرانيين عن قيام قوات الأمن الإيرانية بشن حملات اعتقال موسعة شملت العديد من المدن الإيرانية واستهدفت خلالها عددا من النشطاء والصحافيين ورؤساء النقابات العمالية وعددا من العمال المتظاهرين. ويتهم النظام الإيراني من ألقي القبض عليهم بتهم إثارة الشغب والتعاون مع دول أجنبية من أجل قلب نظام الحكم.

وتنفي السلطات الحاكمة وجود مظاهر للاحتجاجات، على الرغم من تأثير العقوبات الاقتصادية على قطاعات من العمال الذين يشكون من تأخر صرف رواتبهم لمدد تصل إلى 13 شهرا، إضافة إلى فصل نحو 100 ألف عامل، وفقا لغرفة العمال الإيرانية.

وقال ناشطون في اتصال مع «الشرق الأوسط» من طهران، إن النظام الإيراني بدأ بالتضييق على المعارضين بالتزامن مع اقتراب ذكرى اليوم العالمي للعمال، مشيرين إلى أن النظام الإيراني قام بإلقاء القبض على عشرات العناصر الفعالة من النشطاء وقائدي الاعتصامات من العمال، وذلك عقب دخول العديد من الشركات والنقابات في اعتصام مفتوح للمطالبة بتقاضي رواتبهم التي لم يحصلوا عليها منذ شهور، وهو الأمر الذي سبب حالة قلق وتخوف لدى النظام، وفقا للناشطين، الذين قالوا أيضا إن نظام طهران يتخوف من تحريض النشطاء للعمال والقيام بحركات احتجاجية على الأرض تزعزع من الاستقرار الداخلي، خاصة في ظل ثورات الربيع العربي.

ونشر العديد من المواقع الإيرانية المعارضة؛ على رأسها موقع «نداي سبز أزادي» الإصلاحي، و«مادر بارك لاله» (أمهات الحداد) عشرات حالات الاعتقال التي قام بها النظام الشهر الحالي، وانتقدت المواقع المناوئة للنظام، السياسات التي وصفتها بالقمعية، مطالبة بالإفراج عن المحبوسين، كما نشرت صورا لبعض أماكن تظاهر واعتصام العمال خلال هذه الأيام للمطالبة إما بالعودة لأعمالهم أو زيادة رواتبهم وتقاضي الرواتب المتأخرة.

وأشارت المصادر إلى أن من أبرز الاعتصامات اعتصام عمال النسيج بمدينة مازندران، التي تبعد مائتي كيلومتر عن العاصمة. ويطالب هؤلاء المعتصمون بتقاضي رواتبهم المتأخرة عن 13 شهر مضت.

وقال الناشط الحقوقي بويا عزيزي، وهو عضو في جمعية «أمهات الحداد» لحقوق الإنسان، إن النظام يسعى لإلقاء القبض على النشطاء والزج بهم في السجون لأسباب غير قانونية و«نحن نرفضها تماما»، مشيرا إلى أن النظام يحاكم النشطاء في محاكم ثورية إيرانية لا تتفق مع المعايير العالمية لحقوق الإنسان.

من جهته، قال الصحافي الإيراني نور الدين الحسيني، إن النظام الإيراني من أكبر الأنظمة في العالم التي تقمع حقوق الإنسان، مطالبا النظام الإيراني بإخراج المعتقلين والنشطاء والعمال من السجون، مشيرا إلى أن الأحكام القضائية التي تتم وفق المحاكم الثورية بإيران، فاقدة الشرعية ولا تقوم على أساس قانوني، ولا تتفق مع المبادئ العامة لحقوق الإنسان.

ويقول المراقبون إن العامل الإيراني يعيش في مجتمع مطوق بالعقوبات الاقتصادية المفروضة عليه من قبل المجتمع الدولي، بسبب البرنامج النووي الذي يتبناه النظام، وهو الأمر الذي زاد من التضخم الاقتصادي، مما أدى إلى ارتفاع نسبه البطالة، والتأثير سلبيا على المستوى المعيشي للمواطن، إضافة إلى ما يشهده المجتمع الإيراني من تفاوت كبير بين الطبقات، حيث تتمثل الطبقات العليا في رجال الدين الذين يحصلون على خمس أموال الدولة، ورجال الأعمال ورجال النظام، وهو ما يحصر غالبية الشعب في الطبقة الدنيا.

وأوضح غسان حمدان، المتخصص في الشأن الإيراني وهو عراقي الجنسية عاش في إيران لسنوات، أنه بالتزامن مع اقتراب عيد العمال، فمن المعتاد أن يقوم النظام الإيراني بشن حملات موسعة على النشطاء والكتاب والصحافيين؛ حيث يقوم بحبس الكل وفق سياسات خاطئة. وأشار حمدان لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه رغم التضخم الاقتصادي الذي يعاني منه المواطن الإيراني، فإن الخطاب الرسمي دائما ما ينكر وجود مشكلات اقتصادية.

ووفق الإحصاءات المنشورة على المواقع الإيرانية، يبلغ متوسط دخل العامل الإيراني 300 دولار في الشهر، وهو المبلغ الذي لا يعينه على العيش مقابل غلاء الأسعار نتيجة التضخم الاقتصادي. وقام العديد من الشركات الإيرانية في الآونة الأخيرة بفصل العديد من الموظفين، نتيجة عدم تمكنهم من دفع رواتبهم.

ووفق موقع «نداي سبز»، فإن علي رضا محجوب، رئيس غرفة العمال، قد أعلن أنه تم فصل ما يقرب من 100 ألف عامل خلال العام الماضي. وتقول آخر الأرقام الرسمية الصادرة عن مركز الإحصاء السكاني في إيران إن معدل البطالة في المدن بلغ 12.5 في المائة، ويرتفع إلى 29.1 في المائة بالنسبة لمن هم تحت سن 25 عاما.

من جانبها، أفادت مصادر إعلامية حكومية في إيران أن وزارة الداخلية الإيرانية نفت تلقيها طلبات من العمال الإيرانيين لإقامة احتفالات أو مظاهرات أو مسيرات في الشارع.