واشنطن: «القاعدة» ضعفت بعد بن لادن لكن فروعها باقية

أوباما في ذكرى قتل زعيم التنظيم: قضينا على واحد من أكبر الإرهابيين في التاريخ

TT

في خطابه ليلة أول من أمس في الحفل السنوي لمراسلي البيت الأبيض بفندق «هيلتون» في واشنطن، أشار الرئيس الأميركي باراك أوباما إلى الذكرى الأولى لقتل أسامة بن لادن، مؤسس وزعيم تنظيم القاعدة، بينما قالت مصادر إخبارية أميركية إن خطر «القاعدة» بعد قتل بن لادن قل كثيرا، لكنها تستمر عبر فروع صغيرة.

وفي عشاء أول من أمس، ورغم أن المناسبة فكاهية يتندر فيها الصحافيون والسياسيون بعضهم على بعض، قال أوباما: «المواطنون الأميركيون، نحن نجتمع هنا في هذه المناسبة السنوية مع ذكرى حدث تاريخي. في السنة الماضية، في مثل هذا الوقت، في الحقيقة، في مثل هذا الأسبوع، أصدرنا، أخيرا، حكم العدالة على واحد من أكثر الناس في العالم شرا».

وقالت مصادر إخبارية أميركية إن وثائق عثرت عليها القوات الأميركية التي قتلت بن لادن، كشفت أنه كان يزمع الاستمرار في عملياته الإرهابية. لكن، قضت على كثير من أحلامه الهجمات الأميركية والأفغانية والباكستانية على «القاعدة»، وعلى حركة طالبان التي كانت تدعم «القاعدة». وأن ضربات الهجمات الصاروخية التي تشنها الطائرات الأميركية من دون طيار في المناطق القبلية في باكستان وأفغانستان قضت على عشرات من الإرهابيين. ورغم أن خليفة بن لادن، المصري أيمن الظواهري، واصل الدعوات إلى الجهاد العالمي، فإنه لم يتمكن من فرض نفسه، وأن يجعل شخصيته تحل محل شخصية بن لادن.

وأشارت المصادر إلى أن أكثر نشاطات «القاعدة» في اليمن؛ حيث يقوم مقاتلو «القاعدة في جزيرة العرب» بأعمال مسلحة من دون توقف ضد السلطة المركزية في صنعاء، وتمكنوا من الاستيلاء على عدة مدن في جنوب اليمن. وفي الصومال، يواصل مقاتلو حركة الشباب الإسلامية، رغم أنهم صاروا ضعفاء مؤخرا، شن هجمات واعتداءات، مع قدرتهم على جذب متطوعين قدموا من مختلف أنحاء العالم، خاصة من الولايات المتحدة حيث توجد جالية صومالية كبيرة. هذا، كما قالت المصادر الأميركية، بالإضافة إلى عناصر «القاعدة» في شمال أفريقيا، واستيلاء بعضهم، بعد سقوط نظام العقيد الليبي الراحل معمر القذافي، على أطنان من الأسلحة، ودور ذلك في تحالفهم مع المتمردين الطوارق في شمال مالي، وأن تنظيم «القاعدة في المغرب الإسلامي» هو التنظيم الوحيد الذي اعترف رسميا بسلطة الظواهري، وحاول المساهمة في الجهاد العالمي «بالأفعال وليس بالأقوال فقط».

وأيضا، أشارت هذه المصادر الإخبارية الأميركية إلى وجود «القاعدة» في الإنترنت، وأنها تشجع أعمال هذه الحركات الإرهابية، وتجند متطوعين للجهاد، يعملون فرديا، ويقررون تنفيذ تحركاتهم باستقلالية.

وقال مسؤولون في وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه) طلبوا عدم نشر أسمائهم أو وظائفهم، إن الوثائق التي عثر عليها في منزل بن لادن يوم قتله أوضحت أن «القاعدة» كانت لا تزال تخطط لمزيد من الأعمال الإرهابية، وإنه، بين الوثائق التي لم تنشر سابقا، يوجد تقرير مطول من خليفة بن لادن، الشيخ المصري أيمن الظواهري، يرسم فيه استراتيجية لتنظيم القاعدة في أفغانستان، بعد انسحاب الولايات المتحدة، وإن بن لادن كان على اتصال مع فروع تابعة لـ«القاعدة»؛ منها جمعية «بوكو حرام» في نيجيريا.

لكن قالت المصادر الاستخباراتية الأميركية إن «القاعدة» لم تقدر على شن هجوم مثل هجوم 11 سبتمبر (أيلول) سنة 2001، لكنها، «مع ذلك، تستعد للبقاء على قيد الحياة بعد وفاة مؤسسها».

وقال مسؤول أميركي في مكافحة الإرهاب: «منذ وفاة بن لادن، نظل ندرس مسار هذه المنظمة، وسنقدر على معرفة إذا ما كانت هزمت فعلا أو لا»، وأضاف: «انتهت المنظمة التي جلبت لنا هجوم 11 سبتمبر. لكن، الحركة، والآيديولوجية، والجهاد العالمي الذي دعا له بن لادن لا تزال مستمرو».

وكان مسؤولون أميركيون تفاءلوا بنهاية «القاعدة» تماما، مثل ليون بانيتا، وزير الدفاع، الذي قال بعد قتل بن لادن مباشرة، إنه «مقتنع بقرب هزيمة (القاعدة) استراتيجيا». ومن بين الذين قتلوا: إلياس الكشميري، المكلفة بإيجاد وسيلة لقتل الرئيس أوباما. وعطية عبد الرحمن، الذي كان حلقة وصل بين بن لادن وشبكة «القاعدة»، وهناك أنور العولقي، الذي قتل في اليمن.

وقال روبرت كارديلو، نائب مدير الاستخبارات الوطنية، في مؤتمر عبر الهاتف مع صحافيين لمناقشة وضع «القاعدة»، إن الظواهري «أقل جاذبية» وإن أنصار تنظيم القاعدة «لم يقدموا للظواهري الاحترام الذي كانوا يقدمونه لبن لادن».

وقال بروس هوفمان، خبير الإرهاب في جامعة جورج تاون (واشنطن العاصمة): «لم يشاهد الشعب الأميركي الكوارث المتوقعة».

وقال بروس ريدل، خبير سابق في «سي آي إيه»، والآن خبير في معهد «بروكنغز»: «يحاول الظواهري ركوب عربة» (التي كانت تحمل بن لادن). وحصل على تأييد من منظمات عالمية كاملة تابعة لتنظيم القاعدة. لكنه يترأس منظمة انهزمت وضعفت».

ويتوقع أن يذيع تلفزيون «إن بي سي» يوم الأربعاء، يوم ذكرى قتل بن لادن، مقابلة سجلت مسبقا مع الرئيس أوباما، من داخل «سيتيويشن روم» (غرفة الأزمات) التي تخضع لإجراءات أمنية مشددة. وكان التلفزيون قال إن فريقه «دخل إلى المكان الأكثر سرية وأمنا في البيت الأبيض». وإنها «خطوة لا سابق لها» بالسماح لصحافيين بدخول القاعة الواقعة تحت الأرض والتي التقطت فيها لأوباما وفريقه للأمن القومي صورة تاريخية، وهم يتابعون الهجوم على المنزل الذي قتل فيه بن لادن في أبوت آباد، في باكستان.

وكان الرئيس الأسبق بيل كلينتون دخل المواجهة مع رومني في ذكرى قتل بن لادن. وأشاد كلينتون بأمر أوباما بقتل بن لادن، وأن أوباما اتخذ «أشرف وأصعب» قرار. وأن «القائد لا يملك سوى فرصة واحدة لاتخاذ القرار الصائب». وقال كلينتون: «لنتصور أن القوة الخاصة ذهبت إلى هناك ولم تجد بن لادن. أو لنفترض أنهم أسروا أو قتلوا. كانت النتائج السلبية ستكون رهيبة علينا جدا».

وكانت مصادر إخبارية أميركية قالت إن إجراءات أمنية احتياطية بدأت في واشنطن ونيويورك ومدن أميركية كبيرة تحسبا لأي عمل إرهابي في ذكرى قتل بن لادن. وقال البيت الأبيض إن أوباما راجع مع مستشاريه في الحرب ضد الإرهاب والأمن الداخلي توقعات عمل إرهابي.

وكان جاي كارني، المتحدث باسم البيت الأبيض، قال: «كجزء من احتياطات منتظمة بشأن الأمن الداخلي ومكافحة الإرهاب، اجتمع الرئيس مع أعضاء فريق الأمن القومي لمراجعة الصورة الكبيرة، وأي تهديد إرهابي في وقت نقترب فيه من ذكرى قتل بن لادن».

وأضاف كارني: «في هذا الوقت، ليست لدينا أية معلومات موثوق بها بأن منظمات إرهابية، بما في ذلك تنظيم القاعدة، تخطط لشن هجمات في الولايات المتحدة لكي تتزامن مع الذكرى السنوية لوفاة بن لادن. لكن، نحن نعرف أن تنظيم القاعدة وحلفاءه عازمون على القيام بهجمات على أرض الوطن. ربما انتقاما لموت بن لادن، ولكن ليس بالضرورة ارتباطا بالذكرى السنوية».