نظام الأسد يستهدف «العلمانيين»

حقوقية: يمنعون أي مبادرة لتخفيف الاحتقان الطائفي

TT

يجمع عدد من الناشطين السوريين أصحاب الميول العلمانية على أن نظام الرئيس السوري بشار الأسد يستهدفهم بشكل رئيسي، بهدف تفريغ الثورة الشعبية من تنوعها ومدنيتها وليسهل عليه تبرير قمعه واستهدافه للمظاهرات السلمية بحجة انتماء المعارضين له إلى لون مذهبي أو طائفي واحد.

ويشير الناشطون الحاضرون بكثافة في الحراك الشعبي ضد نظام الحكم إلى أنهم حاولوا تنظيم أكثر من نشاط أو مبادرة بين المواطنين السوريين لتخفيف حالة الاحتقان الطائفي، لكنهم كانوا يواجهون بالقمع والاعتقال في كل مرة. وتقول مرح، وهي ناشطة حقوقية تقيم في العاصمة دمشق: «لاحظنا منذ أشهر تصاعد حدة التوتر المذهبي بين الناس، لا سيما بين العلويين والسنّة.. فكرنا في تنظيم مبادرة مدنية تجمع شخصيات من جميع الطوائف لها حيثيتها الاجتماعية والثقافية، لكن ما إن وصل الخبر إلى الأمن حتى تم اعتقال مجموعة كبيرة منا. ولم يفرج عن المعتقلين إلا بعد كتابتهم تعهدات خطية بعدم الإقدام على تنظيم أي تجمع ضد نظام الحكم».

وتشير مرح إلى أن «الهدف من المبادرة كان البحث عن سبل لمخاطبة الرأي العام لتعزيز الوحدة الوطنية بين شرائحه، لا أعرف كيف يكون هذا نشاطا موجها ضد النظام الذي يقول عن نفسه إنه علماني». وتضيف الناشطة الحقوقية: «النظام لا يريد أي نشاط مدني داخل الثورة كي يسهل عليه تشويه صورة المتظاهرين واتهامهم بالإرهاب، لكنْ لذلك أثمان باهظة سنلمس آثارها في ما بعد».

وفي منطقة سهل الغاب، التابعة لمحافظة حماه التي شهدت حوادث طائفية متفرقة بين العلويين والسنّة، أرادت مجموعة من مثقفي المنطقة من كلتا الطائفتين - كما يقول أحد الناشطين - «تنظيم وقفة إنسانية يضيئون فيها الشموع على أروح الضحايا الذين سقطوا في الأحداث الأخيرة ويشارك فيها كل الطوائف»، لكن الناشط يضيف: «اتصل أحد فروع المخابرات بعد الإعلان عن الوقفة بمنظم الوقفة واتهمه بحيازة أسلحة في بيته لدعم الثوار، كانت رسالة واضحة اقتضت إلغاء النشاط من قبل المنظمين».

أحد مؤسسي تجمع «نبض» المدني، الذي أنشئ في مدينة حمص لتوحيد جهود الشباب العلماني، يقول: «النظام استهدفنا منذ اللحظة الأولى، أكثر ما كان يزعجه هو وجود تجمعات علمانية معارضة له.. قام الأمن باعتقال بعضنا مرات كثيرة، وهدد الفتيات باغتصابهن في حال استمررن في الخروج بمظاهرات معارضة». ويشير الناشط الذي غادر البلاد منذ فترة إلى أن نشاطاتهم التي كانت تهدف إلى جمع الأعيان من الطائفة العلوية وأخرى من السنية لرأب الصدع الذي خلفه النظام في المدينة لم تعد تنفع، ويؤكد: «انقسمت حمص بشكل جدي ولم تعد تجدي أي مبادرات أو أنشطة.. الأمور خرجت عن السيطرة، وأرجو أن لا تشهد سوريا حربا أهلية مدمرة».

يذكر أن النظام السوري يقول عبر وسائل إعلامه منذ اندلاع الثورة الشعبية إن سوريا تواجه عصابات إرهابية مدعومة من الخارج تنفذ مؤامرة هدفها ضرب البلاد. إلا أن أجهزة الأمن التابعة للسلطة والتي تعتبر الأداة الرئيسية لقمع الحراك الثوري، قامت باعتقال الكثير من الناشطين العلمانيين، أبرزهم غياث مطر صاحب مبادرة توزيع الورود على الجيش، وقامت باقتلاع حنجرته بطريقة وحشية. كما اعتقلت هذه الأجهزة مجموعة من الفنانين السوريين الذين نظموا مظاهرة معارضة لنظام الحكم في أحد أحياء دمشق.