مارين لوبن ترفض الاختيار بين ساركوزي وهولاند

الرئيس المنتهية ولايته يراهن على مناظرة اليوم للحاق بمنافسه.. والخبراء يشككون

مارين لوبن خلال إلقاء كلمتها في باريس أمس ويبدو خلفها والدها جان ماري لوبن (إ.ب.أ)
TT

مثلما كان متوقعا، امتنعت زعيمة الجبهة الوطنية ومرشحة اليمين المتطرف لانتخابات الرئاسة الفرنسية مارين لوبن، عن دعوة مؤيديها إلى التصويت الأحد القادم، موعد الجولة الثانية، إلى مرشح اليمين نيكولا ساركوزي أو مرشح اليسار فرنسوا هولاند. وقالت لوبن، في خطاب ناري ألقته أمس في ساحة الأوبرا، وسط باريس، بمناسبة التجمع السنوي التكريمي لجان دارك، بطلة فرنسا في محاربة الإنجليز في بداية القرن الخامس عشر، إنها «ستضع ورقة بيضاء» في صندوق الاقتراع تاركة لمحازبيها وناخبيها أن يختاروا وفق ما يمليه عليهم «ضميرهم»، وداعية إياهم لتحمل «مسؤولياتهم».

ورغم الدعوات التي جاءت من صفوف اليمين المتطرف والداعية لقطع الطريق على مرشح اليسار، فإن لوبن التي حصلت على 19.2 في المائة من الأصوات في الجولة الانتخابية الأولى (ما يزيد على ستة ملايين صوت) تراهن على سقوط ساركوزي وعلى قدرتها على إعادة تركيب اليمين المعارض حول الحزب الذي ترأسه. ومنذ الآن، تشغل بال لوبن الانتخابات التشريعية التي ستحصل في يونيو (حزيران) القادم. وبالنظر للنسبة العالية من الأصوات التي يستطيع مرشحوها الحصول عليها، فإن غالبيتهم يستطيعون التأهل للدورة الثانية من هذه الانتخابات، مما سيضع حزب الاتحاد من أجل حركة شعبية (اليمين الكلاسيكي) في موقع حرج. وحتى الآن، رفضت قوى اليمين الإعلان عن استعدادها للتفاهم مع اليمين المتطرف وسحب مرشحيها تفاديا لفوز اليسار، الأمر الذي سهل مهمة لوبن في رفض الدعوة للاقتراع للمرشح ساركوزي.

ويحتاج الأخير لأصوات اليمين المتطرف وبنسبة أقل لأصوات مرشح الوسط فرنسوا بايرو (نحو 3 ملايين صوت) للفوز يوم الأحد. وبحسب خبراء استطلاعات الرأي، فإن ساركوزي يحتاج لنسبة 80 في المائة من أصوات لوبن. ورغم تبنيه طروحات اليمين المتطرف في مواضيع الهجرة والأمن والرقابة على الحدود والإسلام، فإن نسبة تزيد قليلا على 50 في المائة من ناخبي لوبن تقول إنها ستصوت للرئيس المنتهية ولايته. وبأي حال، فإن استطلاعات الرأي تجمع كلها، رغم تقلص الفارق بين هولاند وساركوزي، على فوز الأول، مما سيعيد الاشتراكيين إلى قصر الإليزيه بعد 17 عاما من خروج آخر (وأول) رئيس اشتراكي (فرنسوا ميتران) منه. وأمس، تقاسمت النقابات العمالية واليمين المتطرف وأنصار ساركوزي شوارع وساحات باريس، بينما اختار هولاند الذهاب إلى مدينة نوفير (وسط) لإحياء ذكرى رئيس الوزراء الاشتراكي الأسبق بيار بيرغوفوا الذي انتحر في الأول من مايو (أيار) 1993 بعد أن ذاعت معلومات عن تلقيه قرضا من غير فوائد من أحد أصدقائه لشراء شقة في باريس. واختارت الجبهة الوطنية الانطلاق من موقع تمثال جان دارك إلى ساحة الأوبرا، بينما فضلت النقابات التجمع عند ساحة الباستيل التي شكل سيطرة الثوار عليها منطلقا للثورة الفرنسية عام 1789. أما أنصار ساركوزي، فقد ضربوا موعدا في ساحة التروكاديرو الشهيرة التي تطل على برج إيفل والمدرسة الحربية.

واختار ساركوزي للمرة الأولى الدعوة إلى تجمع للاحتفال «الحقيقي» بعيد العمل بحضور الآلاف من أتباعه. لكن الغاية «الحقيقية» من وراء الدعوة استمرار التعبئة واجتذاب جمهور جديد يكون متقبلا لطروحاته المتشددة التي تتقاطع مع ما تدعو إليه الجبهة الوطنية. وقالت لوبن إن الجبهة «فرضت المحاور التي دارت عليها الحملة الانتخابية»، وإنها تحولت إلى «نقطة الثقل للحياة السياسية في فرنسا».

غير أن المرشحين سيكونان على موعد مساء اليوم مع مناظرة تلفزيونية يعول عليها ساركوزي للحاق بمنافسه ولإظهار تفوقه عليه. غير أن خبراء الرأي العام لا يؤمنون بأن مناظرة تلفزيونية من شأنها تغيير ميزان القوى بين المتنافسين، خصوصا أن الهوة بينهما ما زالت واسعة. وفي الأيام التسعة المنقضية منذ الدورة الأولى في 22 أبريل (نيسان)، قلص ساركوزي الفارق بينه وبين هولاند. وبحسب آخر استطلاعات الرأي، فإن هولاند يتأرجح ما بين 54 و53 في المائة، وساركوزي ما بين 56 و57 في المائة. وينتظر المرشحان نهاية المبارزة للتعرف على ما سيقوله مرشح الوسط الذي لن يكشف عن «توصيته» لناخبيه إلا بعد الاستماع لهما. وكان بايرو وجه لهما أسئلة تفصيلية حول السياسة والمبادئ التي يريدان اتباعها على رأس الدولة، وحصل على ردود خطية منهما. ويبدو حزب الحركة الديمقراطية «الوسط» منقسما على نفسه لثلاث تيارات، أحدها يدعو لتأييد ساركوزي، والآخر هولاند، والثالث يفضل الامتناع عن التصويت أو إنزال الورقة البيضاء.

وليل الجمعة تنتهي الحملة الانتخابية، فتمنع الدعاية الانتخابية والكشف عن نتائج استطلاعات الرأي، بانتظار مساء الأحد والساعة الثامنة تحديدا حيث ستظهر على كل شاشات التلفزة صورة الرئيس الذي سيحكم فرنسا طيلة خمس سنوات مقبلة.