تقرير برلماني بريطاني: روبرت مردوخ «لا يصلح» لإدارة شركة عالمية

«نيوز كوربوريشن» تتهم التقرير بالانحياز .. وكاتب سيرته الذاتية يقول إنه انتهى مثل كونراند بلاك وروبرت ماكسويل

روبرت مردوخ وابنه جيمس لدى مثولهما أمام اللجنة البرلمانية في 19 يوليو الماضي (رويترز)
TT

شكل تقرير «ضلوع صحيفة (نيوز أوف ذي وورلد) في التنصت على الهواتف» الذي أعدته اللجنة البرلمانية البريطانية والذي نشر أمس إدانة واضحة وصريحة لنشاطات قطب الإعلام روبرت مردوخ التجارية في بريطانيا، رغم رفض التقرير من قبل 4 أعضاء من حزب المحافظين الحاكم بسبب تضمينه عبارة تقول بأن مردوخ رئيس مجلس إدارة «نيوز كوربوريشن» المدرجة على بورصة نيويورك «لا يصلح» لإدارة شركة عالمية كبرى.

اللجنة مكونة من الأحزاب الرئيسية الممثلة في البرلمان، أي من الائتلاف الحاكم لحزبي المحافظين والديمقراطيين الأحرار، وحزب العمال المعارض. واعترض الأعضاء المحافظون الأربعة على عبارة أن مردوخ لا يصلح لإدارة شركة. وقالت لويز مينسك إن «مجموعتها اتفقت مع كثير من القضايا في التقرير إلا أنهم قرروا التصويت ضده لأنه تضمن هذه العبارة، ولهذا فإن التقرير يعبر عن وجهة نظر حزبية وليس اللجنة». واستخلصت اللجنة في تقريرها أن روبرت مردوخ «تعامى عمدا» عن عمليات القرصنة التليفونية التي قامت بها صحيفة «نيوز أوف ذي وورلد» خلال أكثر من 10 سنوات من انتهاكات التنصت والتي وقع ضحيتها آلاف الأشخاص من عامة الناس، مضيفة أن عمليات التنصت استمرت لأكثر من 10 سنوات، إلا أن ذلك لم يكن كافيا لروبرت مردوخ لأن يعرف ما كان يدور في مؤسساته، وهذا ما اعترف فيه قطب الإعلام نفسه أمام لجنة ليفيسون الأسبوع الماضي، التي تحقق في أخلاقيات الصحافة على خلفية فضيحة التنصت، عندما قال: إن الحقيقة أحجبت عنه بتعمد من قبل بعض الأشخاص.

وجاء في تقرير اللجنة المؤلف من 121 صفحة تحت عنوان «ضلوع صحيفة (نيوز أوف ذي وورلد) بالتنصت على الهواتف»: «إذا لم يقم روبرت مردوخ باتخاذ خطوات طوال ذلك الوقت لكي يطلع على التنصت على الهواتف، فإنه يكون قد تجاهل المسألة وتعامى قصدا عما كان يجري في شركاته ومطبوعاته».

وقالت «نيوز كوربوريشن» إن تقرير اللجنة تضمن حقائق قاسية، بأن أعمالا خطيرة اقترفتها صحيفة «نيوز اوف ذي وورلد» وأن بعض العاملين فيها ضللوا اللجنة. ولهذا «تأسف نيوز كوربوريشن على ما قامت به اللجنة من تحليل للحقائق وما تبعه من تعليق على ذلك، وهذا فعلا ما عبر عنه بعض أعضاء اللجنة الذين اعتبروا أن بعض الاستنتاجات أظهرت الانحياز الحزبي لبعض أعضاء اللجنة».

ورحب حزب العمال المعارض بالتقرير وقال زعيم الحزب إد ميليباند إن على المؤسسات البريطانية المختصة أن تتخذ من التقرير مؤشرا لما تريد أن تبحث به، مثل هيئة «أوفكوم».

وقالت هيئة مراقبة الإعلام في بريطانيا (أوفكوم) إنها ستواصل تقييم أدلة، بينها ما جاء في التقرير والمتعلقة بالرخصة التي حصل عليها مردوخ لقناة «بي سكاي بي» التلفزيونية الفضائية. وكانت قد فتحت الهيئة تحقيقا في الموضوع، خصوصا بعد أن اعترف تلفزيون «سكاي نيوز» بأنه قام بالتنصت على بعض الأشخاص من أجل المصلحة العامة، قبل عدة أسابيع.

وعلقت صحيفة «نيويورك تايمز» قائلة بأن «التقرير قد يؤذي نشاطات مردوخ التجارية عالميا. التقرير وضع مؤسسة (نيوز كوربوريشن) تحت المجهر، وسينظر إليها بأن نشاطاتها التجارية مشكوك فيها، حتى تلك التي تعود إلى سنوات مضت، وأصبحت هذه عرضة للتحقيق فيها من قبل السلطات المختصة في الولايات المتحدة الأميركية».

وقال الكاتب الأميركي مايكل وولف كاتب السيرة الذاتية لروبرت مردوخ تعقيبا على التقرير في صحيفة «الغارديان»: إن عصر روبرت مردوخ في بريطانيا انتهى مثل اللورد كونراند بلاك وكذلك روبرت ماكسويل، الفرق الوحيد أنه لن يكون بمقدورهم زجه في السجن، وهذا يعني أن معاناته ستستمر».

كما تضمن التقرير إدانة لابنه جيمس مردوخ، الذي عمل رئيسا لـ«نيوز إنترناشيونال»، الذراع البريطانية لمؤسسة «نيوز كوربوريشن» واستقال قبل عدة أسابيع من هذا المنصب. واعتبر التقرير أن جيمس «تجاهل بتعمد» الانتهاكات التي كان يقوم بها العاملون من صحافيين ومحققين خاصين من تنصت.

أما بخصوص ريبيكا بروكس أحد أقرب المساعدين لروبرت مردوخ، التي كانت تعتبر ابنته المدللة وعملت رئيسة تحرير للصحيفة المتهمة بعمليات التنصت وكذلك مديرة تنفيذية لمؤسسة «نيوز إنترناشيونال» قبل استقالتها واعتقالها من قبل الشرطة على خلفية هذه القضية، فقد قال التقرير إن عليها «أن تتحمل مسؤولية» ثقافة التنصت التي كانت سائدة لفترة طويلة في الصحيفة.

وخص التقرير بالذكر ليز هينتون الرئيس التنفيذي السابق لمجلس إدارة «نيوز إنترناشيونال»، وتوم كرون مدير الشؤون القانونية السابق لصحيفة «نيوز أوف ذي وورلد» ومحرر الصحيفة كولين مايلر، وقال: إنهم جميعا ضللوا اللجنة.

اللجنة بدأت جلساتها قبل عام تحقق في الفضيحة بعد اندلاعها في يوليو (تموز) الماضي بعد أن فضحت صحيفة «الغارديان» عمليات القرصنة التليفونية وبينت أن الانتهاكات لم تكن مجرد عمل صحافي واحد أو محقق خاص، كما حاولت مؤسسات مرودخ الإيحاء بذلك، خصوصا بعد التحقيق الذي قامت به الشرطة بخصوص التجسس على بعض أبناء العائلة المالكة وإدانة اثنين من الذين عملوا في صحيفة «نيوز أوف ذي وورلد» وزجهم في السجن. لكن التحريات التي قامت بها صحيفة «الغارديان» في يوليو العام الماضي فتحت الباب على مصراعيه وخلقت رد فعل ضد صحيفة «نيوز أوف ذي وورلد»، التي اضطرت «نيوز إنترناشيونال» لإغلاقها بعد 168 عاما من النشر.

وفتحت الحكومة تحقيقا تحت اسم لجنة ليفيسون للنظر في أخلاقيات العمل الصحافي. وما زالت هذه اللجنة تعقد جلساتها. ومثل أمامها الأسبوع الماضي روبرت مردوخ وابنه جيمس. وأثار الأخير في إفادته زوبعة سياسية عندما كشف عن المراسلات بين «نيوز كوربوريشن»، التي كانت تحاول الاستحواذ على باقي أسهم «بي سكاي بي» بصفقة قدرت بـ12 مليار دولار، ووزارة الثقافة والرياضة والإعلام. وتبين أن مستشار الوزير قد سرب معلومات سرية لمؤسسة مردوخ لتسهيل عملية الاستحواذ. وطالبت المعارضة باستقالة الوزير.

الصفقة لم تتم بسبب الفضيحة في يوليو الماضي وتخلت «نيوز كوربوريشن» عن الصفقة بسبب الفضيحة.