كلينتون إلى بكين.. في أوج أزمة المنشق الصيني

مفاوضات بين البلدين لنقل شين إلى أميركا أو السماح ببقائه بضمانات حول سلامته

TT

بدأت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون أمس زيارة إلى الصين، وسط تعقيدات ناجمة عن لجوء المنشق الصيني شين غوانغشينغ إلى السفارة الأميركية، رغم عدم تأكيد واشنطن ذلك. وغادرت كلينتون أمس واشنطن على أن تصل صباح اليوم إلى العاصمة الصينية حيث ستعقد خلال اليومين المقبلين برفقة وزير الخزانة تيموثي غايتنر دورة جديدة من «الحوار الاستراتيجي والاقتصادي» بين البلدين.

غير أن هذا الاجتماع الثنائي المقرر منذ وقت طويل يواجه بعض البلبلة نتيجة فرار المحامي الضرير شين غوانغشينغ من منزله حيث كان خاضعا للإقامة الجبرية منذ 19 شهرا ولجوئه إلى سفارة الولايات المتحدة في بكين، بحسب مصادر قريبة منه. وكان شين أثار غضب السلطات بعد كشفه عن حالات إجهاض وتعقيم قسرية في إطار سياسة الطفل الواحد في الصين.

وفي مؤشر إلى سعي البلدين حتى الآن لتفادي التصعيد في هذه القضية، ترفض بكين وواشنطن التعليق رسميا على المسألة. واكتفى الرئيس باراك أوباما بالقول الاثنين «إنني على اطلاع بالمعلومات الصحافية حول الوضع في الصين ولن أدلي بتصريح حول هذا الموضوع». كما رفضت كلينتون خلال مؤتمر صحافي في واشنطن التعليق «في الوقت الحاضر» على قضية شين، لكنها أكدت أنها ستطرح قضية حقوق الإنسان خلال زيارتها. غير أن كلينتون كانت أكثر وضوحا بكثير في إبداء دعمها لشين غوانغشينغ في نوفمبر (تشرين الثاني) حين ذكرته بالاسم منددة بوضعه في الإقامة الجبرية.

وحول مصير شين، قال رئيس منظمة «تشاينا ايد» (مقرها تكساس) بوب فو، إن شين كان في مرحلة أولى ممانعا لفكرة مغادرة الصين، غير أنه عاد وقبل بذلك بشرط أن ترافقه عائلته. ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن فو قوله: «إن الوضع تغير في الأيام الأخيرة. وهو يدرك أنه لم يعد بوسعه العودة إلى دونغشيغو» بولاية شاندونغ (شرق) حيث فر في 22 أبريل (نيسان). وتابع: «لن يغادر من دون عائلته، ولو أن الأمر خطر له، لكان الآن خارج الصين. السيناريو الأكثر منطقا هو التفاوض على اتفاق سريع يحفظ ماء الوجه للصين». وأوضح الناشط أن ذلك قد يكون عبر السماح لعائلة شين بالتوجه إلى الولايات المتحدة لأسباب طبية، مشيرا إلى أنه تبلغ هذه المعلومات من مصادر رسمية في الصين وواشنطن. وحتى في حال تقرر بقاء شين في الصين فإن المسؤولين الأميركيين يبدون مترددين في تسليمه من دون ضمانات بشأن سلامته.

ولا يرى الخبراء إمكانية سهلة لحل قضية شين، 40 عاما، الذي قال: إنه تعرض وزوجته للضرب المبرح بعد أن تجرآ على الكلام في أعقاب إمضائه عقوبة سجن لـ4 سنوات. وقال الخبير في الشؤون الصينية كينيث ليبرثال الذي كان مستشارا كبيرا لدى الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون إن الولايات المتحدة تسعى إلى الحل «الأقل إحراجا للصين وبأسرع ما يمكن». وقال ليبرثال وهو أحد كبار المحاضرين في معهد بروكينغز: «السؤال الذي يتبادر إلى ذهني يتعلق بإمكانية أن تصبح هذه القضية موضع تجاذبات سياسية في مرحلة من النشاط السياسي المحموم. أعتقد أنه سيتم حلها، بدل استخدامها ورقة سياسية، لكن في الواقع لا يمكن التنبؤ بهذه الأمور».

وتستعد الصين لعملية انتقالية سياسية تجري مرة كل عقد من الزمن ويسعى القادة الشيوعيون فيها إلى الحفاظ على الهدوء استعدادا لتولي نائب الرئيس شي جينبينغ منصب الرئاسة خلفا لهو جينتاو. وفي الولايات المتحدة التي تشهد الحملة الانتخابية الرئاسية 2012. انتقد المرشح الجمهوري ميت رومني بحدة سياسة الرئيس الأميركي أوباما في الصين، مشيرا إلى أنه كان يجدر به تحدي القوة الآسيوية الصاعدة بمزيد من القوة حيال سجلها في حقوق الإنسان والسياسات التجارية والتوسع العسكري. فقبل قضية شين أمل مسؤولو إدارة أوباما في إظهار مؤشرات تطور في العلاقات مع الصين بمناسبة الدورة الجديدة من «الحوار الاستراتيجي والاقتصادي» التي تعقد الخميس والجمعة.

وردا على ضغوط التضخم سمحت الصين بارتفاع سعر عملتها، فيما يتهم المسؤولون الأميركيون بكين بإبقاء قيمة اليوان بمستويات متدنية بشكل مصطنع لإغراق أسواق العالم بصادرات متدنية الأسعار. كما قلصت الصين في الأسابيع الأخيرة وارداتها من النفط الإيراني واعترضت بحذر على إطلاق كوريا الشمالية صاروخا ودعمت خطة لحل الأزمة السورية بعد أن استخدمت إلى جانب روسيا حق النقض لوقف قرارين في مجلس الأمن بهذا الصدد. وأعلن جنوب السودان أن الصين التي تعتبر من كبار مستوردي نفطه ستقرضه 8 ملايين دولار رغم علاقاتها الطويلة الأمد مع الخرطوم.

وقالت نينا هاتشيغيان المحاضرة في مركز التطور الأميركي للدراسات اليساري الميل: «حتى الآن كانت الأمور تسير بشكل جيد في الأشهر الأخيرة في العلاقات» بين الصين والولايات المتحدة. لكنها أشارت إلى أن ملف حقوق الإنسان في الصين لم يشهد تطورات إيجابية وأن قضية شين «ستؤثر بوضوح على أجواء المحادثات».